" لقد قالوا أنه من السهل إحداث تغيير في فريق كرة قدم نسائية ..وهذا صحيح .. " " لا يوجد شيء أكثر خطورة من غياب المجازفة .. " " إذا خسرنا سنبقى أفضل فريق في العالم ..وإذا فزنا سوف نصبح خالدين " .. " لا يمكن أن تفكر بالتعادل السلبي في مدريد .. سنلعب هناك على حماسنا " ..
قبل 19 عاماً برشلونة بلغت القمة في ويمبلي .. كانت المرة الأولى التي يتوج بها البارسا بالتاج الأوروبي منهياً بذلك حقبة تاريخية تمنعت الكأس فيها عنه .. ومن بين المحظوظين باللقب ، شاب هزيل البنية عمره 21 سنة .. هذا الشاب كان يمتلك قدرة ومميزات وسرعة في اتخاذ بعض القرارات التي كان غيره يحتاجون لثانيتين أو ثلاث للتفكير فيها .. هذا الشاب هو بيب غوارديولا ..
لاعب الوسط النحيل كان امتداداً لكرويف في أرض الملعب .. أنيق .. ذكي ..لديه حساسية عالية عند لمس الكرة ودقيق في تحضير الهجمة .. كان القائد المثالي لفريق الأحلام ..أفضل الفرق التي مرت في تاريخ برشلونة .. بقي كمرجع للنادي لمدة عقدين من الزمان .. والآن هو على مقعد البدلاء في الكامب نو ..
مغامرة لابورتا كانت خطيرة .. شبه قاتلة .. وضع نهاية لحقبة ناجحة للنادي بوجود رايكارد على دفة القيادة .. بغض النظر عما كان يحصل ..فاستبدال من توج الفريق الأول بدوري الأبطال الثانية بتاريخ بمن صعد بالفريق الرديف لدوري السيغوندا الأسباني ، يمتلك فقط خبرة كلاعب سابق للبارسا .. حتى كيانه كمدرب لم يكن قد تبلور بعد .. هذه كانت حالة بيب غوارديولا ..
اختار الطريق المباشر قبل أن يوافق على مغامرة كهذه .. بيب قرر أخذ رأي مجموعة من المدربين السابقين الذين امتدحوه وأثنوا على عمله .. أخذ أرائهم ولكن كان فكره وأسلوبه عقيدة ثابتة .. تقابل مع بيلسيا وجهاً لوجه مع مينوتي ومع سانتياغو سيغيورلا ( Santiago Segurola) .. عن هذا يقول بيلسيا مدرب الأرجنتين حالياً : " بيب لم يأتي إلينا ليسألنا كم يتم العمل .. لقد كان يعرف هذا مسبقاً " ..
نهاية حقبة " روني " :
تغيير الواقع ، غوارديولا أصبح رأس المشروع الجديد وعلى رأس الإدارة الفنية للفريق الذي لعب في معظم حياته .. في أحد المرات قال : " لقد قالوا أنه من السهل إحداث تغيير في فريق كرة قدم نسائية ..وهذا صحيح .. " بعيداً عن التملق محاولة كسب شعبية تسهل مهمته في الفريق .. ابتدأ مشواره مع الفريق بقرار تحولي وهو التخلي عن اثنين من رموز النادي هما ديكو و رونالدينيو ..وفتح باب الرحيل أمام إيتو الذي بقي موسماً آخر ..
وبدا هذا كآثار لبداية "الكرويفية (من كرويف ) " في النادي .. تبعها بقالب ألبسه للفريق بدا معصرياً ولكنه حمل نفس سمات الألق والقيم التي سببت نجاح التي ميزت حقبة فريق الأحلام .. هذه التفاصيل الدقيقة ظهرت بشكل واضح في الملعب وفي غرفة الملابس وفي الأخبار الصادرة عن النادي وانعكست على كافة المستويات فيه .. التعقل .. احترام الخصم .. العمل الجاد والتضامن في الجهود كانت أهم وصايا غوارديولا ..باختصار لا تحاول أن تقنع أحد بشيء .. أثبته بنفسك ..
البيرنابيو لم يعد استثناء :
غوارديولا " المصنوع في اللاماسيا " جذب الانتباه إلى مدرسة النادي الخاصة ببرشلونة وترافق هذا من الاعتماد على لاعبين مثل بيدرو وبوسكيتس وإعادة المهمش جيررد بيكيه من إنكلترا .. بهذه التطورات والتغيرات بدأ النادي بخلق مجموعة متكاملة .. أبرز سماتها : الضغط المتقدم ..امتلاك الكرة بشكل كبير .. والاعتماد على الأطراف .. والنتيجة كانت خيالية الفوز بكافة الألقاب الممكنة ستة من ستة ..وترافق هذا مع لحظات تاريخية مثل هدف إنيستا في ستامفورد بريدج ..و حسم بطولة الدوري باكتساح 6-2 في ملعب السنتياغو بيرنابيو ..
كانت هذه بالضبط أحد المآخذ على كرويف .. المدرب الهولندي الذي طالما اتهم باللعب الضعيف في أرض الخصوم .. خطة غوارديولا كانت مختلفة تماماً .. وفاؤه لأسلوبه منعه من التفكير بأي شيء آخر إلا الهجوم والسيطرة على المباراة .وصرح في المؤتمر الصحافي : " لا يوجد شيء أكثر خطورة من غياب المجازفة .. " وقد كان هذا ما طبقه حرفياً .. نهائي الكأس أمام الأتلتيك ثم نهائي دوري الأبطال أمام المان يونايتد أثبت أن لدى غوارديولا شيء فريد وخاص ليقدمه .. " إذا خسرنا سنبقى أفضل فريق في العالم ..وإذا فزنا سوف نصبح خالدين " .. هذه العبارة التي قالها قبل نهائي روما ..تم فهم معناها الكامل بعد بضعة أشهر عندما أضاف النادي كأسي السوبر المحلي والأوربي وكأس العالم للأندية ..
مجاراة هذه الانجازات في السنة التالية بدا مستحيلاً .. وهذا ما فعله ..الأسلوب نفسه ولكن النتائج خذلت الفريق .. فوز وحيد فقط ببطولة الدوري " الكأس الأصعب " كما وصفها غوارديولا نفسه .. فشل فردي للاعبين أمثال إيبراهيموفيتش وتشيغرينيسكي لنعكس على الفريق لكن المعنويات كانت لا تزال جيدة ..
المنافسة مع مدريد بلغت الذروة والمتعة امتدت إلى آخر الجولات .. وحدهم انتر مورينيو وإشبيلية في الكأس وقفوا في درب غوارديولا وفريقه ..غوارديولا قال : " نحن نعرف كيف نفوز ..ولكن من الجيد أن نخسر أيضاً . " وهذا ما حصل ..
في موسمه الثالث مع انادي .تحول الفريق إلى إعصار جارف قلما توقف .. ريال مورينيو الذي قدم نفسه على أنه التهديد الحقيقي للبارسا لم يتمكن من إيقاف المد الكتالوني إلا في الكأس .. غوارديولا صرح " لا يمكن أن تفكر بالتعادل السلبي في مدريد .. سنلعب هناك على حماسنا " .. ومع العديد من الصعوبات التي واجهها حيث اضطر إلى الزج بماسكيرانو بشكل مؤقت في مركز قلب الدفاع بعد الإصابات العديدة في هذا الموقع .. لا جديد ..ميسي قد أفضل مالديه وأظهر للعالم مقدرات مذهلة لا يمتلكها إلا هذا الأرجنتيني والفريق لعب بشكل ممتاز كما هي العادة ..
واكتملت القصة بدوري ودوري أبطال أخرى .. كؤوس أخرى أضيفت .. !!.. في سنة كالحلم !! نفس الأسلوب .. نفس الاستعراض ..واستحواذ للكرة ..استحواذ مذهل مستحيل أن يجارى .. ليتم تقديم أفضل فريق في تاريخ برشلونة في ثلاث سنوات .. كل هذا وحقبة غوارديولا لما تنتهي بعد ..!!