منـــــ اجمل ما خط القلمـــــــ^^
بوابة المنتدى
ÇáãäÊÏì
مدونة العصفوري
س.و.ج
المجموعات
مواضيع جديدة
قائمة الاعضاء
أفضل 20 عضو
الدخول
ÃåáÇ æÓåáÇ Èß ÒÇÆÑäÇ ÇáßÑíã¡ ÇÐÇ ßÇäÊåÐå ÒíÇÑÊß ÇáÃæáì ááãäÊÏì¡ ÝíÑÌì ÇáÊßÑã ÈÒíÇÑÉ ÕÝÍÉ ÇáÊÚáíãÜÇÊ ,  ÈÇáÖÛØ åäÇ , ßãÇ íÔÑÝäÇ Ãä ÊÞæã ÈÇáÊÓÌíá ÈÇáÖÛØ åäÇÅÐÇ ÑÛÈÊ ÈÇáãÔÇÑßÉ Ýí ÇáãäÊÏì ÃãÇ ÅÐÇ ÑÛÈÊ ÈÞÑÇÁÉ ÇáãæÇÖíÚ æÇáÅØáÇÚ ÝÊÝÖá ÈÒíÇÑÉ ÇáãæÇÖíÚ ÇáÊí ÊÑÛÈ.
التسجيل
إسترجاع كلمة السر
مواضيع لم يرد عليها
أفضل عشرين مشاركين اليوم
ÃÝÖá ãæÇÖíÚ
ãæÇÖíÚ ÌÏíÏÉ
ÇáÈÍË




 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

كاتب الموضوعمنـــــ اجمل ما خط القلمـــــــ^^

ãÚáæãÇÊ ÇáÚÖæ
بِـنَـتَ الُـهِـوَآِشْـمْ


بِـنَـتَ الُـهِـوَآِشْـمْ

عصفوري متالق
عصفوري متالق



ãÚáæãÇÊ ÅÖÇÝíÉ
تاريخ التسجيل تاريخ التسجيل : 20/03/2011

عَدَدَ الَمّشّآرّكآّتّ عَدَدَ الَمّشّآرّكآّتّ : 976

العمر العمر : 28

الجنس : انثى

البلد : البحرين

العمل : طالب

المزاج : تعبانه

منـــــ اجمل ما خط القلمـــــــ^^ 21356410


منـــــ اجمل ما خط القلمـــــــ^^ Vide



الموضوع ومـآفيهـ اني كل مرهـ بحط لكم قصة من موقع خولهــ ..

يعني موضوع متجدد..



منـــــ اجمل ما خط القلمـــــــ^^ 74759



اسم الزاوية : (( بيني وبينك حكاية ))
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى: ((ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون)) (الروم/21).
مقدمة الزاوية:
بين الزوجين.. حبل موصول برحمة إلهية، مسكون بدفء فطري، احتياج غريزي، تناغم عاطفي، انتماء. قد يختلفان، يتباعدان، يتخاصمان، لكنهما برحمة الله ولطفه يعودان. هكذا كتب القدر الإلهي: توأمة خالدة، ذكر وأنثى، بهما ((يعتمر)) الكون.. لهما في كل حكاية موقف، ولنا في كل موقف عبرة.
الجمال وحده لا يكفي
بقلم : خولة القزويني
Khawlaalqazwini.com
هل سمعتم عن بدر البدور؟! كنت البدر في تألقه المطرز بالسناء هكذا نسجت لي الأوصاف هالة ميزتني عن كل فتيات المدرسة.
اتخذ جمالي شهرة تندرت بها الألسن في المجالس والحفلات، من يعرف
(( بدور )) لن يستطيع مقاومة صواعقها الاستفزازية، حتى أنني صرت حديث المجتمعات قبلة الأمهات المتعطشات إلي عروس من زمن الأحلام.
لم أكن شقراء أو سمراء بل قمحية اللون بعينين منشرحتين ذات نظرة مختالة لونهما عصارة زيتون أخضر، أمي شامية شربت من رواء بشرتها الندى المعطر بالزهر ترشح في تقاطيعي عذوبة أنثى مغناجه، أتبختر بقد يميس تيها ودلالا حتى ليحسبني الناظر عارضة أو فتاة إعلان يتسمر في تحديق مفزع دهشة تعتقل اللسان في الحلق.
كانت أمي تبخرني بعد كل حفلة أعود منها منهكة من الصداع والحمى وتثرثر فوق رأسي(( أصبت بالعين، حسدوك، ألم أقل لك لملمي شعرك)) فعلا فشعري الكستنائي الطويل ينحسر على جبين وضاء يفترش كتفي الرخصين بأنوثة فتاكة وسحر أخاذ، تقاطيعي تجتمع كلها في توليفة جذابة، جعل لوجهي إبهارا زاجرا يدفع العيون أن تتعفف في حضرته.
كنت ثملة، منتشيه، بخمرة الإطراء أينما حلت مظاهرة الجمال في حضوري السابغ ينبعث من عيني ضوء خفاق ينم عن حبور وسعادة، وأدركت أمي أن لهذا الجمال ثمن (( العريس اللقطة )). منذ الثانوية كنت أثرثر مع الصديقات عن بعض خبيئة أحلامي (( أمير أو شيخ )) فمستوى جمالي طاف حدود الامكان، وحدهم الأثرياء خلقوا أقرانا لهذا الجمال الباذخ، لهم القدرة على احتوائه بأوعية من ذهب!
لم أنجح في الدراسة، مرآتي أخذت جل وقتي وسلبت طاقة التفكير بانسيابية شلت مداركي وفهمي، حتى أن استيعابي للأشياء صار ثقيلا يكفيني أن تختلس الأخريات مني نظرة حسرة مشبعة بغيرة، فرغم تفوقهن أنا أقدرهن على قطف النجوم، وأكثرهن وفرا في المزايا، شهادتي أشبه بورق اللعب مغامرة لا تحمل أي نوع من المخاطرة سيان عندي الربح أو الخسارة في نهاية كل شهر أضعها في درج المدرسة وأنا أضحك ساخرة فهي لا تلزمني بشئ إنها جواز مرور العاجزات نحو مكاسب من نوع آخر، وأمي مطمئنة لهذا الرصيد الضخم الذي لا ينفد أو يبور وتظل تغذي ذاكرتي أنني ملكة جمال، بإشارة من إصبعي الصغير تنهال على عروض الزواج، وبالتفاته عابرة أدير الرؤس انشداها.
في كل صباح أقف متأملة حسني الخالص في المرآة لأطمئن إلي سلامة كل عضو وخلية بل أنني أفيض بهاءا كلما نضجت ويأخذ جسدي اكتناز طفيف يسبغني الليونة والرخص في تموجات هادرة باللطف.
رسبت في الثانوية العامة وتقبلت الأمر بروح رياضية، أفكر في زواج أسطوري صاعق يتغنى بلياليه السمار حتى الفجر، وخطبني (( باسل )) ابن الأثرياء، يدرس الهندسة في جامعة (( كامبردج )) في بريطانيا ولم يكن بأقل مني ازدهارا في النضارة والتألق، سافرت معه إلي بريطانيا ليكمل الماجستير في الهندسة، كان يواصل الليل بالنهار جادا كادا في دأب لا يفتر، يقرأ يبحث، يقلب الكتب والمراجع، يدخل مواقع الانترنت عن خبرة ودراية.
في غضاضة الأيام الأولى كنا متناغمان، نحلق في فضاء النعيم، نقطف أشهى الثمار وكأننا لوحدنا لا نشعر بمن حولنا ننساب ببعضنا كنهر يصب في مجرى واحد، نفق من غمرة النشوة وسكرة الشوق المستبدة بحرارة الصبا على واقع يدفعنا باتجاه الجدية والعمل، وإذا بي أحسه منكمشا كلما تحدثت معه عن رغبتي في اللهو والتسوق أو التسكع في الطرقات المعبدة بالخضرة فقد كان يتعذر على أن أركز فكري في معاني أهدافه أو أبعاد طموحه انه يتحدث بلغة غريبة لا أفهمها مطلقا.. ويختلي بنفسه يقلب أفكاره في منأى عني وأتودد له مذعورة أين السعادة التي قطفنا ثمارها اليانعة كانت من العمق ما فاضت حتى غمرت قلبي وإحساسي وعاطفتي.
أجلس عنده أستجدي حديثا يعيدنا إلي سابق عهدنا، يتململ متباعدا. يأتيني ذات يوم وعلى وجهه ابتسامة ساخرة أضرمت النار في داخلي
(( إلي متى تبقين بهذا الجهل؟! ))
أحسست بكل ذرة من جمالي المضطهد تصرخ وتستغيث وأناي المحطمة على سطوح طموحه تتحول أشلاء
(( لا أحتاج إلي ثقافة فجمالي يغنيني عن اللهاث وراء هذه الحماقات ))
كان هناك احتفال جامعي حضره الأساتذة والطلبة، استوقفني مترددا :
(( كيف آخذك إلي هذا الاحتفال وأنت لا تتحدثين الإنجليزية ))
أطرقت والعرق البارد يتفصد من جبيني خجلا، أحسست وكأني أقترفت ذنبا أو أتيت منكرا، بكيت وأنا غارقة في الحزن كيف أخرج نفسي من هذا المأزق؟ وانتهيت إلي قرار متمرد أن أجتهد في إظهار حسني المخيف كي تتشاغل أنظارهم بهذا البريق الخطاف فأنسل من أي مواجهة محرجة، صرخت أعنفه :
(( لا تظن أن الأيام استهلكتني، مازلت في قمة عنفواني))
كأني أشحذ في داخلي ثقة أخذت تتلاشى وتتبدد بفعل معاول الهدم القاهرة فوق صرح جمالي، أشاح بوجهه عني بعد أن ألقى على نظرة باردة أثارت غيظي.
وفي الحفل كن نساء جميلات، جمال منسق من النوع الهادئ تظل تكتشفه كلما توغلت في أسراره ينتظر ثرثرة شفاه أقفلت عنه زمنا، صادفت زوجات عربيات لبعض الأساتذة أعربن عن دهشتهن بروعة حسني لكنهن أدرن رؤوسهن متوجسات أن يلفتن إلي الأنظار وغبن في أحاديث جانبية فحواها الثقافة والسياسة، كنت أقف بين جموعهن كتمثال من الشمع، أرسم على وجهي ابتسامة بلهاء، يقف (( باسل )) كرمح أشم رشيقا متألقا محاطا بباقة من الطالبات يتحاورن معه في مشروع مقترح، ضقت ذرعا من تضارب المواقف فندت عني حركة عصبية وشت عن ضعف داخلي وهوان يرشح ذلا، فتحت الباب وأنا أرتعش غضبا، تركهن واتى يستطلع الأمر، بالتفاته غاضبة قلت :
(( اذهب إليهن! ))
حدجني بنظرة قلقة
(( ما بك؟ ))
(( يضيق نفسي في الداخل، سأخرج لأشم الهواء ))
(( تريثي قليلا، لا داعي لهذا الإحراج ))
(( أرجوك دعني أذهب )).
عظ على نواجذه غيظا
(( سنذهب بعد قليل ))
كانت نظرتي تتحدث من تلقاء نفسها عن خضوعي التام وتسليمي المطلق فمعاقل الجمال تتهدم بالتدريج، عدنا وأنا أتلظى من الغيرة، نهبة لمشاعر شتى، وبعد أن هدأ سألني:
(( ما بك؟ ))
عنفته بأقصى طاقتي
(( كل نظرة رمتها عيناك قد حفرا في قلبي حقيقة واحدة، وهي أني دونا عنك ثقافة، جاهلة، سطحية )).
نكست رأسي خائفة من رده، أعرف أنه رجل رصين لا يلين في موقفه ولا يرحم في رأيه، ومهما بكيت فلن تنفذ الشفقة إلي شغاف قلبه قال بقسوة وكأنه أقر بهذه الحقيقة
(( لما لا تواصلين تعليمك؟ اقرئي، أنت في ضيافة بلد عرف عن شعبه بأنه قارئ، حتى ربات البيوت يقرأن ويتحدثن في الأمور الجدية، اتركي عنك السفاهة والسطحية، نعم أعترف أنك فاتنة، رائعة الجمال، لكنك ما زلت أسيرة حسن كبل طاقاتك ودمر ذاتك وقيدك بأغلال العبودية له ))
صرخت كالملدوغة :
(( لما تزوجتني إذن طالما كنت تعلم أنني ليس من الصنف الذي يستهويك ))
تابع بصوته المشرب بثقة :
(( ظننتك قابلة للتشكيل بحكم صغر سنك، ستتأثرين بأجوائي وتتكيفين معها )).
كنت أشعر أنني بعيدة عن فكره، أقيس الأمور بسطحية وسذاجة حتى تشككت أن العاطفة قد نضبت من قلبه بعد استهلاك يومي رتيب، فهو شخصية ذات نسيج خاص، ونمط لم أعرفه من قبل كنا في تضاد مستمر، أمام التلفزيون نتشاجر، ذوقه يناقض ذوقي، أحب مشاهدة عروض الأزياء بينما يقلب القنوات بحثا عن البرامج العلمية والثقافية المملة وأصر على موقفي، يرضخ مستسلما وهو يحدجني بعين لائمة متبرمة ويفر ذاهبا إلي مكتبه ليقرأ.
بعد أن طفح الكيل اشتكيت لأمي حياتي المتوترة، أعصابي المنهوكة النقص الذي تبرعم حتى كبر وحشا يقضم هيكل جمالي، كانت تشحنني ثقة وزهوا، تسترد اعتبار هذا الجمال المهزوم بقوة قاهرة وتبرير حاسم
(( فليحمد ربه هذا المعتوه، متزوج من جميلة الجميلات ويتبطر على نعمة الله، تجاهلي حماقاته، انه رجل جاحد )) وامتثلت لنصيحة أمي وإذا به يبتعد وقلبي يلهث وراءه، يصاحب روحه قلقا، لم تعد له طاقة على الإصغاء لي، أو الجلوس معي، شعرت وكأني مذنبة اجترحت إثما لا يغتفر، في داخلي انكسار عميق، وخذلان ساحق جعل مني سخرية للقدر، وقفت هذا الصباح أمام المرآة ألقي نظرة على جغرافية هذا الجسد الفاتن وأبصر بعيني المنطفئتين وأناجي نفسي (( أين الوميض الخفاق كان ينقدح شررا فتيا، أين ذلك الغزال الأرعن حينما كان يمشي حفيفا لا يلتفت إلا ليلقى فتات نظر)).
انشقت عن صدري زفره حارة.
وذات مساء..
كنا نشاهد برنامج ثقافي، كان يصغي بمجامع قلبه، مأخوذا لا يكاد يلتفت إلي ثرثرتي، أتابع أمائره الشاردة، لم أعجب يوما بهذه البرامج إنها تسبب لي صداع، مجاملة ومراوغة ذكية لأجاذبه في مواضيع تخصني، قلت له
(( أراك معجب بهذه المذيعة؟))
هز رأسه بإيجاب
(( فعلا، مدهشة بلباقتها، باهرة في ثقافتها حتى أنها تنسي المشاهد ثقل الوقت لفرط حيويتها في ربط المحاورين بجاذب عجيب )) اغتصبت ابتسامة مقهورة واستطردت بعد أن فكرت بنقيصة تردع فيه هذا الإبهار
(( ولكنها قبيحة الشكل ومكياجها ثقيل ))
ودون أن يلتفت إلي أردف :
(( شكلها معقول، لكنها ناضحه بسحر خاص ورونق مريح )).
سألت وكأنني متشككة بنفسي
(( وأنا من أي صنف؟ دائما تنعتني بالبرود والجمود عندما أتباطء في تلبية حوائجك اليومية؟ ))
وعلى غير عادته أجلسني وقال لي باهتمام
(( سأحدثك بقصة الأميرة، المدللة،المغرورة، التي كلما خطبها رجل هزأت به وسخرت منه هذا بدين، ذاك قصير، لم يسلم أحد من نقدها الجارح حتى خطبها أمير وسيم وعرف كيف يروض هذا الوحش المغرور في داخلها تنكر لها بزي رجل فقير مهلهل الثياب مدعيا أنها هذه حقيقته الخافية، علمها أن تصنع أواني من الفخار لتبيعها في السوق كي تساعده في المعيشة وعندما تنتهي من صناعتها تجلس في السوق عارضه بضاعتها للبيع يأتيها على صهيل خيله ملثما ودون أن تعرفه يحطم كل أوانيها وهكذا يعيد الكرة لأيام حتى أنهك قواها مستفزا كل ما فيها من طاقة وصبر )).
طافت عيناي في وجهه متسائلة في صمت عن مغزى القصة
فاستطرد بهدوء :
(( إنه أراد أن يحطم صنم جمالها وغرورها الذي استعبدها يوم كانت أميرة في قصر أبيها، علمها الكفاح، العمل، المعاناة، كان يريد لزوجته أن تكون ذات شخصية وقيمة في الحياة، والآية تنعكس عليك يا بدور، منذ أن تزوجنا لم أر لك هواية نافعة، اهتمام اجتماعي، ثقافة مفيدة، نشاط مميز، لم تستهويك قراءة أخبار العالم في الصحف اللهم إلا المجلات التافهة تتصفحينها كألبوم صور ثم ترمينها جانبا وأنت متبرمة.. لا تقرئين حتى مقالة واحدة، صرت أتحرج من خروجك معي إلي هذه المجتمعات وأنت متوارية بخجل خشية أن يسألك أحد فتقفي متلعثمة تتعثر الكلمات في حلقك، خذي مثالا ملكات الجمال لا يفزن إلا بنسبة عالية من الثقافة والحضور إذ نتفاجأ بالملكة المتوجة وهي أقلهن حظا في الجمال لكنها أوفرهن علما وثقافة، متى تعرفين أن الجميلة والدميمة تفقدان تأثيرهما على الزوج مع الاعتياد والألفة، فلكل جديد طربه، وقد تفتق إبهاري فيك على وجع دفين ومرارة، حاولت أن أحارب هذا الإحساس وأصرفه عني وأكتفي بأنوثتك ومظهرك غلبتني الحقيقة فجوهرك ناضب، وفهمك قاصر، وكلماتك جافة، وأسلوبك فظ)).
لما انتهى من كلامه غادرت الغرفة منقبضة، أثرثر لنفسي كمن بي مس، يصطخب صدري كالغلاية وأفكر وأنا أذرف الدمع السخين أن أنفصل عنه، عدت إليه بعد لحظات وأنا أرتعد كالإعصار وينطلق لساني كسيل لا يبقى ولا يذر
(( طلقني.. إن اتهامك وتجريحك خنجران طعنا كل محبة لك في قلبي ))
واسترسلت وأنا أرتعش برهبة
(( سأسافر على أول طائرة عائدة إلي لأهلي ))
(( اعلم أن هناك طوابير من الرجال في انتظاري وقد قبلت بك وأنت دونهم حظا))
تفاجأت به يرد بصوت جهير وكأنه انتفض لكبريائه الجريح
(( إذن..أنت طالق..المرأة التي تدوس كرامتي لا بقاء لها في حياتي اذهبي لعل طوابير العرسان في انتظارك))
وعدت وكل ذرة في وجهي تنطق أسى ومرارة، ومع الأيام عادت الذكريات تداعب أفكاري وتهدهد صدري (( باسل لا زلت أحبه بكل جوارحي، هو الرجل الذي شخصني عمقا وجوهرا لا مظهرا مسطحا، خطبني الكثير وتودد لي أكثر وكنت أقارنهم بباسل وإذا بكفته الراجحة تزجرهم بكل قوة.. هو في شخصيته الفذة، وفكره الرصين، وسمته المهيب، استجديته أن يعود وأبى رغم نبرة صوتي المخنوقة بحبه، تستعطف ذكرى كان لها من العذوبة ما ألهبت مشاعري، وظل أمل العودة يجيش في صدري دون أن يداخلني اليأس، تعاقبت علي الأيام وأنا أعجز ما أكون عن انتشال نفسي من هذه الهوة، فقررت أن أخطط لهذا الهدف، واصلت تعليمي وقرأت ودخلت دورات تدريبية في المهارات والتنمية البشرية، تهالكت على الكتب لأقرأ وأبحث بنهم يحدوني الأمل بالعودة إلي باسل فقد تركته يصعد نحو مدارج الدكتوراه، وألهث وراء الأيام الصعبة بإرادة وعزم أكابد مع الزمن من أجل أن أغرس في ذاتي معنى وقيمة، تحجبت وأحسست بعد الحجاب أن لجمالي رونقا خاصا أحاطني بهالة من نور دفع العيون الشرهة لأن تحجم خاسئة مدحورة.
وقصة الأميرة المغرورة مغروسة في ذاكرتي شاهد اثبات.
أثرتني الدورات النافعة في تصميم الديكور وتنسيق الزهور ورحت أكتشف في داخلي طاقات زاخرة ومواهب دفينة، شعرت أن الحياة أجمل وأروع، ذقت شهد العطاء، بعد مرارة الاستغراق في (( الأنا ))، وتفجرت أعماقي عن إبداعات مكنونة، فنسيت المرآة محطة تستوقفني لساعات مكبلة بقيد الطين وشهقة الصلصال، أتطلع اليوم الي جمال أعمق بل أوفر في إثراء الحياة بمفاهيم مشعة بالنور والأمل.
رن هاتفي هذا الصباح
من تتوقعون المتصل؟!
هو !! .. هو من أفنيت روحي وقلبي فيه
قال هذا الصوت الحبيب(( معك الدكتور باسل ))
ضجت أعصابي فرحا غامرا وطرت مأخوذة بسحر النشوة، ثم حسم أمره وكأنه مارد خفي يعرف خبايا صدري
(( جئت لأطلب يدك )).
أجبته على الفور (( أنا وحقيبتي في انتظارك))
ومضى يحدثني
(( أعجبت بالمعرض كثيرا ))
قلت وأوتار صوتي ترتجف شوقا ولهفة
(( إن لي تصاميم رائعة، سأطورها لتكون على مستوى عالمي ))
رق صوته فاختلجت نبرته :-
(( كم أنا فخور بك ))
(( وأنا أشكرك لأن صفعتك الموجعه أيقظتني على حقيقة كنت أجهلها زمنا، فالجمال وحده لا يكفي ما لم يكن مطعما بشذرات روح تضفي له ألقا )).
النهاية






ÊæÞíÚ ; بِـنَـتَ الُـهِـوَآِشْـمْ

ãÚáæãÇÊ ÇáÚÖæ
بِـنَـتَ الُـهِـوَآِشْـمْ


بِـنَـتَ الُـهِـوَآِشْـمْ

عصفوري متالق
عصفوري متالق



ãÚáæãÇÊ ÅÖÇÝíÉ
تاريخ التسجيل تاريخ التسجيل : 20/03/2011

عَدَدَ الَمّشّآرّكآّتّ عَدَدَ الَمّشّآرّكآّتّ : 976

العمر العمر : 28

الجنس : انثى

البلد : البحرين

العمل : طالب

المزاج : تعبانه

منـــــ اجمل ما خط القلمـــــــ^^ 21356410


منـــــ اجمل ما خط القلمـــــــ^^ Vide



تحت العباءة


أسرار الزوجات
مقدمة: قصص حقيقية أسرتني بها زوجات معذبات بلقاء مباشر أو من خلال بريدي الإلكتروني أو عبر الهاتف وكنَّ يطلبن حلولاً، وفي الواقع هن يبحثن عمن يصغي لدموعهن بقلبه كي ينفسن عن كبتهن المرير، لأن الحل السحري وهم وخيال في عقولهن المكدودة، إذ لا يمكن أن تتغير حياة المرأة ما لم تقرر بذاتها أن تغير طريقة تفكيرها لتقرأ مشهد حياتها بشكل إيجابي يجعلها أكثر مرونة وتكيف في تعاطيها العلاقة الزوجية.
وقد تصرَّف قلمي كعادته في إجراء بعض التعديلات على الأحداث والشخصيات حفاظا على هوية الزوجات أمام الناس كي لا يقعن في الحرج، وما كتبتها إلا لتكون عبّرة لكل إنسان.
(( تحت العباءة ))

من أسرة عريقة تربّت بناتها تربية محافظة، واعتزلن الرجال في حرملك محاط بأستار من الحرير، هي أشبه ببروتوكول يخلط الدين بالتقاليد، لا تخرج المرأة إلا متسترة بعباءتها، يغمرها الحياء في خطوها الملكي، محسوبة اللفتات، موزونة الحركات.
خلف هذا الباب الشاهق عشن ثلاث بنات أكبرهن ((شهلاء)) في غضاضة العمر، وانبلاج الصحو الماطر بالصبا، ياسمينة ندية، لونها قمح زاهٍ، وبشرتها وافرة الرواء، ترمح بقامتها المستقيمة فتشد إليها الأبصار وتهفو نحوها الأفئدة، بلغها أن ((عبد الجليل)) تاجر السجاد الشهير له مطمع فيها..
والدها يمني نفسه بهذه الزيجة الخرافية.. ويقلق من غد يحمل إليه عوائق وأعذار.
((لكنها في عمر ابنته))، في اضطراب تردد الأم والرغبة تنازعها ما بين القبول والرفض.
الأب ملهوفاً:
((ستعيش ملكة متوجة على هذه الثروة)).
وخيال الأم يجنح في أحلام ذهبية تبرق فيها المسرات من كل صنف ونوع، تسمع (شهلاء) وهي متوارية خلف الباب، تخاتلها (سندريلا) الأسطورة بثيابها المزركشة، وفتنة قدها تدخل قصراً بفخامة ملكية، تتراءى لها حديقة غنّاء تصدح فيها عصافير الجنة، وأمير تشمخ بمهابته بين الناس.
((بابا شهلاء، أتوافقين؟ إنه صديق عزيز أثق به تماماً ولا أعرف عنه إلا الخير)).
ابتسامتها الخفرة، وصمتها الرضي عبرا عن جوهرها الخفي..
((إنه لا يناسبك فهو كبير جداً))، معترضة أختها الصغرى.
((لا يأخذك الطمع يا شهلاء))، إشارة تنبيه من أختها الوسطى.
أشاحت عنهما بغرور:
((لا يهم طالما كنت ثرية)).
حاولتا أن تثنيانها عن هذه الزيجة بيد أن بريق المال أعمى بصيرتها وشلّ إرادتها.
الهدايا الباذخة تدخل دارهم وسيارة خاصة طوع أمرهم، الشفير الأنيق يعتمر القبعة السوداء ينحني كما الدمى المكوكة كلما أطلت عليه شهلاء.
في نشوة استحوذت الأم فبانت عليها فرحة ساذجة:
((ياه كما الأفلام)).
وبزهوة النصر ولذة الظفر تردد شهلاء:
((حتى تعرفين مقام ابنتك)).
محظوظة مثل أمك، لابد أن أرقيك من عين الحسد ونظرات الجيرة المتلصصة علينا خلف النوافذ.
الهمس الخفي المتجاذب بين العريس وأهل العروس أصابت شهلاء في مقتل، فالعرس الأسطوري المقترح ما كان إلا وهماً، والموكب الكرنفالي الذي راود خيالها العذري ما هو إلا سراب.
((إنه محرج أمام أولاده، ووفاة أمهم كانت قريبة جداً)).
بررت أمها الموقف على مضض فقد تركتها الصدمة في حيرة، بينما فرت شهلاء إلى حجرتها غاضبة والطرحة المشتهاه ببياضها الملائكي استبدلتها بعباءة سوداء طوقتها برعب غامض.
دخلت دار الزوجية مضطربة، يقلقها المجهول، معللة نفسها بهبات أخرى عوضاً عن فرحتها المخذولة والحلم الذي أجهض من قبل أن يولد.
ذعرت بفخامته فانكمشت وتورد وجهها، قاربها متأنياً وهدهدها بحنان فشمت عبق طيب من أردانه، وأنفاس معطرة كالبخور، رفعت إليه عينين فاترتين مستعذبة طلته الوسيمة وأناقه فخمه، أججت فيها عاطفة مرتبكة، تمهل في استدراجها الانسيابي ورقة متكلفة طوّعت قلبها النافر فخضعت لرجولته لينة وتلاشت بينهما السنين فما كانا إلا كياناً واحداً، وغدت أيامها معه ربيع دائم، قد بسط تحت قدميها الحرير والديباج وسخّر لخدمتها أسطول من الخدم وطاف بها عواصم الموضة والأناقة فتقلبت على السجاد الفاخر وتلحفت بالحرير والساتان، ومشت على بلاط من ذهب ونهمت من كأس الغنى حتى الرواء االفائض.
أنجبت البنين والبنات فالتحمت أواصرهما واستوثق وصالهما فكانت تخرج إلى الناس متبخترة كالطاووس، باطشة كقارون قد ركبها الغرور واستحكمها البطر، مستعلية في نظراتها على البسطاء، متفاخرة بثيابها، متباهية برنين الأساور في معصميها، تتجافى عن أختيها بأنفة، من يدخل قصرها يحسب أن سلاطين الأتراك وشاهات إيران قد تركوا لها مآثرهم، استبد بها الجشع فنهمت أكثر، (هل من مزيد؟) اشترى لها في كل بلد بيت فخم لتصطاف، إما على السواحل أو الأرياف، وربما في الجبال وحتى العواصم.
جاءها (عبد الجليل) هذا العصر جامحاً يزف لها بشرى من تباشير قدميها الخضراوتين ، حوطها بذراعيه:
((انتخبوني وزيراً للتجارة والصناعة)).
وكان ذلك الحفل الأسطوري الذي جمع رجال الساسة وزوجاتهم وسفراء الدول وعقيلاتهم وشهد السعادة يسكرها في نشوة فاقت الخيال.
ويسافر زوجها قاصداً بلدان بعيدة لحضور المؤتمرات وإبرام العقود والصفقات فتظل في وحدتها موسوسة.. ولكن الرحيل يبدد صبرها ويوغر قلبها بالشك.. ويبرر إنه العمل ليس إلا!
هذا الكهل المتصابي يزداد توهجاً كلما كبر، وتبرق عيناه بوميض شبابي فاتن يخذلها رغم صباها المتفجر وكأنها تحفة تتناغم مع الأثاث أو لعبة قد تململ منها، وجبة فقدت نكهتها، فأخذت في وحشتها تتضور، تبحث عنه حولها، على الجدران، المرايا، المقاعد، نبضه، أنفاسه، فما وجدت سوى الفراغ والذكرى.
((تمتلكين كل شيء، المال، الجاه، الخدم، والسائق رهن إشارتك)).
قال معرضاً حينما طالبته بحقوقها كزوجة.
عنفته يائسة:
((أريدك أنت، أخذتني طفلة وزهدتني شُعلة)).
أدبر عنها وشخيره يصفع رغبتها المذبوحة.
عرفت فيما بعد أن له (خليلة) من بلد أوروبي مفتون بها قد رمى تحت قدميها المال والنعيم.
خاطبته مستنكرة:
((هل تساويني بحُثالة؟)).
((أرجوكِ أنا رجل حر وصاحب سلطة وثروة ولم أقصّر بحقك، تملكين الدنيا طولاً بعرض فلا أرغب في معاودة هذا الحوار ثانية)).
وهكذا تقبلت حياتها وأدركت بعد سنين أنها ما كانت إلا واجهة يؤتمن عليها بيته وسمعته، والأخريات هن المتعة والسرور، النزوة اللذة، المزاج والافتتان، الجمال الخليع الذي يعربد لاستمالة أرباب الثروة، فحياته في الظل ملكه الخاص سر مشتيهاته، اكسيره الذي يجدد شبابه.
وتمنت في قرارة نفسها لو يخسر ثروته، لو يفقد حيويته، لو يعود بين يديها كسيحاً، عاجزاً تطمئن لحضوره الوافر في حياتها، ظنت أن خريفه قد أدبر فإذا بربيعها يذبل من قبل الأوان.
احترقت بجمر الغيرة واكتوت بنار الإهمال، فهو يمض أمامها بغطرسة بغيضة، متأنقاً ببذخ مخضباً بالطيب العريق، وشعره المستعار قد اختزل من عمره عشر سنوات، جاذبية مطعمة بنكهة الفخامة تتهافت عليه الحِسان كالجواري ويبرعن في إغرائه حتىالثُمالة.
ترك منصب الوزارة مختاراً وقصد وجهة خليلته وأشيع بين الناس زواجه منها، إذ قرر الاستقرار معها بعد أن استعذب عشرتها ووجد فيها حُلَمه المُشتهى.
((ما به قد هجرني بهذه القسوة؟ أينقصني جمال وشباب؟))، تحدث شهلاء نفسها حسرة وأسى.
وحاولت سد الفراغ بأولادها، بحياتها العريضة، بالسفر من بلد إلى بلد، لتؤكد دوماً لذاتها أنه حاضر في كيانها، حيٌ يُرزق، في هذه الممتلكات والعقارات التي وثقها بإسمها.. إنه واقع.. مهما ابتعد أو نأى فهو مختوم في الأشياء المادية حولها والكيانات الحية أمامها.
مرضت بسكر الدم وهي في ربيعها الثلاثين وداهمتها نوبات الألم في المفاصل والظهر، ترعبها فكرة الوحدة فتنخر في قلبها قبراً كئيباً يدفعها نحو الموت.
تطل على الناس بعباءتها الحرير مختالة اللفتات، تقمع أنينها المخبوء وألسنة الحرائق تمور تحت العباءة، وتغالب جرحها بذكر صنوف البذخ الأسطوري الذي تنعم به، تبتسم لكن داخلها انكسار، تعود لأختيها ببقايا كبرياء تتودد في تكلف وتطوي روحاً منكوبة قد نكأها الزمن.
فرغت عليها الدار حينما كبر الأولاد وشغلتهم شؤون الحياة تبقى متوحدة بصفير الريح تدك شبابيك حجرتها في هبوبها الشتوي، تسامر أشباح الليل باكية الفؤاد، تشد أنفاساً ثقيلة وهي تحتضن المدفأة لتبدد صقيع الوحدة ونهارات مجدبة جفت مناهلها مقبورة في أنوثتها ينهشها الحرمان وينحرها الجفاء.
((ما قيمة الحجر إذا هجرك البشر؟ منحني قصراً فخماً وبيوت كالقلاع وهجرني زوجة، وعافني امرأة، وأنكرني أنثى)).
بالأمس تنتظر الدعوات الرسمية لتخرج إلى الناس متأبطة ذراعه، اليوم تعتذر بالمرض، تتعلل بالتعب، وتتشرنق في حزنها المرير، تربكها التبريرات، لأن نفاقها المنطلي بسعادة موهومة قد بات واضح للعيان، بل إن البعض يتندر عليها لقدرتها على التمثيل.
يطل عليها (عبدا الجليل) كطيور المواسم يحدثها بلسان جف رضابه، حضوره الروتيني الفاتر، كم تمنت ملاطفة عارضة تحييها من الموات، أو مداعبة عابرة تروي ظمأها الحارق، بعاده الطويل حفر خندق جفاء فكانت مسافة وعرة.. يأتيها مستهلكاً يقف على الحياد، خارق في شموخه، جاحد في سمته، لم يجد فيها ما يفجر نبعه ويستفز دهشته، سمنتها المفرطة شوهت صباها، بدت أطرافها متورمة وكاد جلدها يتمزق إذ ترك علامات منفرة وشقوق، أشفق عليها هذه المرة إذ كانت تلهث في قيامها وقعودها، عنقها اللحمي المجعد كعنق عجوز مقفرة يثير اشمئزازه.
((ما رأيك لو نسافر معاً هذا الصيف؟)).
ألقى هذه الدعوة أمامها كما الافتراض.
وباستياء من تدرك أن فرضياته أسلوب دفاعي يحميه من هجومها الصاعق.
((كما تشاء)).
انقبض قلبه لنبرة صوتها المزكوم وأكوام من البلغم حبست منافذ أنفاسها فالرذاذ يتطاير حينما تغرق في العطاس فيبعث رائحة كريهة.
هل راجعتِ الطبيب؟ سألها منكمشاً ((قرف من حالتها البلغمية)).
تسعل وأنفها المزكوم يرشح كتل مخاطية.
تأوهت معربة عن انزعاجها:
((حينما تتعب نفسيتي، تسوء صحتي)).
تورع عن الخوض في الحديث وتلفت قائلاً:
((أنا جائع، جهزي لي الغداء)).
انقدح شرر شيطاني من لحاظها واحتقنت بالغل والحقد وتمنت هلاكه هذه اللحظة.
((الرجال لا تربطهم بالنساء عواطف شفقة أبداً))، تمتمت متذمرة.
بعد الغداء، شاءت أن تحدثه في شأن عملية دوالي ساقيها، تمددت على السرير وكشفت عنهما الثوب، أجفل محولاً ناظريه إلى جهة الباب.
قالت مشيرة إلى خرائط عروقها المتشابكة على الساق:
((بات المنظر يزعجني، اضطر إلى ارتداء الجوارب السوداء السميكة في ذروة الصيف)).
متشتت معها كما الأصم المبهوت، يحملق فيها مضطرباً ويومئ متجاوباً لكن قلبه لاهٍ، نهض فور سماعه رنة التليفون، خرج ملهوفاً.. فإن الآتِ أشهى والصوت القادم أحلى!
لا شيء يجعل لقاءهما شغفاً لثنائي نافر، يبقيها معلّقة رهن الزمن ولا يبالي إن عرفت أن له زوجة أخرى شاطرتها حياته وربما همشها مع السنين وهكذا فعل.
وفي صيف قائظ كانت تمشي على رصيف بحيرة جنيف تحمل كتل جسدها المنحني على عصا من خشب الأبنوس إلى جانبها شابة يافعة مديدة القامة أقرب إلى الفخامة، في تقاطع مباغت وقفت مبهورة أمام حلمها الهارب، أطرقت خجلة ثم رفعت رأسها بارتباك..
((تذكرتيني؟؟)).
بهتت الشابة وفهمت أن الانسحاب في هذه اللحظة قرار منطقي.
في صوت يرتعش هتفت:
((محمد))
أطال بها النظر مشفقاً أدهشته معالم لوحة بديعة شوهتها السنين.
((ماذا فعلت بكِ الأيام؟)).
اجتنبت الخوض في خصوصية حياتها.
شاغلته بحديث آخر:
((ماذا تفعل في جنيف؟)).
((مشروع تجاري)).
فوجئت متحسرة:
((ما شاء الله)).
((نعم، لا شيء يبقى على حاله)).
قطع حديثهما هتاف امرأة قادمة من الرصيف الآخر:
((محمد... محمد)).
التفتت شهلاء إلى المرأة ثم سألته:
((زوجتك؟))
((نعم))، قالها باعتذار.
اقتربت المرأة وتأبطت ذراعه وهي تلقي التحية:
((أهلاً خالة))
ارتبكت (شهلاء) بعد أن صدمتها الحقيقة المُرّة.
ثم وجهت السؤال إلى زوجها:
((أتعرفها؟)).
غامت عيناه بالذكرى:
((نعم، جارة قديمة)).
وافترقا..
ومضت (شهلاء) في سيرها المتباطئ تكابد ألماً عميقاً تخشى افتضاحه.
انضمت إليها (صفاء):
((من هذا الرجل يا أمي؟))
جاهدت كي تحبس دموعها المترقرقة حسرة وألم:
((جارنا القديم)).
صمتت برهة وشردت في سنين الماضي مستحضرة محطات الذكرى البعيدة:
((خطبتني أمه ورفضته)).
هبطت أجنحة المغيب الأرجوانية على شاطئ البحيرة المكثف بالأشجار وتذكرت شهلاء لحظات الغروب على سطوح منازلهم يوم كان (محمد) يطلق طائرته الورقية في فضاء يشملهم بالسرور، الصبيان والفتيات يغمرهم الفرح وحدها تنبض سراً.. وتلوح لطائرته من بعيد أنها في انتظاره.
((دعيني أجلس على الأريكة، أشعر بالتعب)) تنهدت في عناء.
((سأذهب لأشتري الآيس كريم)). قالت صفاء وهي تبتعد.
توحدت بنفسها، وكانت الذروة، بكت حتى الانهيار.
انتهت






ÊæÞíÚ ; بِـنَـتَ الُـهِـوَآِشْـمْ

ãÚáæãÇÊ ÇáÚÖæ
بِـنَـتَ الُـهِـوَآِشْـمْ


بِـنَـتَ الُـهِـوَآِشْـمْ

عصفوري متالق
عصفوري متالق



ãÚáæãÇÊ ÅÖÇÝíÉ
تاريخ التسجيل تاريخ التسجيل : 20/03/2011

عَدَدَ الَمّشّآرّكآّتّ عَدَدَ الَمّشّآرّكآّتّ : 976

العمر العمر : 28

الجنس : انثى

البلد : البحرين

العمل : طالب

المزاج : تعبانه

منـــــ اجمل ما خط القلمـــــــ^^ 21356410


منـــــ اجمل ما خط القلمـــــــ^^ Vide




زوجتي مسترجلة


اسم الزاوية : (( بيني وبينك حكاية ))



بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى: ((ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون)) (الروم/21).



مقدمة الزاوية:
بين الزوجين.. حبل موصول برحمة إلهية، مسكون بدفء فطري، احتياج غريزي، تناغم عاطفي، انتماء. قد يختلفان، يتباعدان، يتخاصمان، لكنهما برحمة الله ولطفه يعودان. هكذا كتب القدر الإلهي: توأمة خالدة، ذكر وأنثى، بهما ((يعتمر)) الكون.. لهما في كل حكاية موقف، ولنا في كل موقف عبرة



زوجتي مسترجلة
بقلم: خولة القزويني

تزوجها قطة مغمضة كما تقول الأمثال، وديعة، حالمة، رقيقة، حديثها همس، صوتها نغم، حضورها كنسمة الربيع الهفهافة، سارت حياتي معها هادئة كمجرى نهر ثابت يضفي على قلبينا بهجة وراحة.
كانت طالبة جامعية يومذاك ساعدتها في المذاكرة وتخطي المنعطفات الصعبة، حتى الإنجاب اتفقنا على تأجيله ريثما تتخرج.
كانت لنا خصوصية مستثناة عن غيرنا، لُحُمة قوية قلّما تجدها في الزيجات الأخرى، فهي تغدو وتروح تحت سمعي وبصري، ما تفعل في غيابي ما يستثير حنقي، مستأذنة في خطرانها وسكناتها، خاضعة بأنوثة وافرة جعلت من عاطفتي نبعاً هادراً لا ينضب.
حتى كان هذا المنعطف الذي حوّل القطة الأليفة إلى نمرة شرسة، وأعتقد أن الرجل الذكي هو من يضرب حول زوجته خندق حماية، ليس من الذئاب المفترسة فحسب بل من الأفكار المسمومة التي تفتك في خاطرها الهادئ، فسلوكها نتاج فكرة تخمرت في رأسها وعملت على شحذ باطنها بعدوانية واضحة، كنت ساذجاً حينما تركت لها أن تقرأ كل كتاب دون تمييز، ثقافات مختلفة، خليط يمتزج فيه الغث والسمين لم أحسب أنها ستتأثر بهذا الشكل وتنفعل بكل هذه الحرارة.
والبداية كان هذا الحوار، إذ أتتني ذات ليلة تسألني باستياء:
((محسن، هل حقاً أن الرجل يحب المرأة القوية لكنه حين الزواج يختارها ضعيفة، خاضعة؟))
تسمرت في مكاني مدهوشاً
((من سمم أفكارك بهذا الشكل؟))
في غضب تتابع
((ما ألمسه في واقع الرجال، أنهم يختارونها ساذجة، غبية، يسهل السيطرة عليها، بينما قلوبهم تهفو إلى الذكية، القوية)).
((العكس تماماً، فالرجل يفضل أن يتزوج الذكية القوية لتحمي بيته إن كان هو رجلاً سوياً)).
شعرت بنظراتها المريبة تقلب كلماتي في ذهنها وأظنها لم تقتنع، وعدت أؤكد لها.
((حبيبتي نبيلة أصغي جيداً لما أقول، فالقوة المقصودة هنا قوة الشخصية المتوازنة، المتماسكة، الصابرة وقت الشدائد وليست المرأة السليطة اللسان، العنيدة، الجبّارة)).
صمتت على مضض وراودتها الشكوك في سلوكي اتجاهها، وعندما كنا مدعوان على مأدبة عشاء عائلية لاحظت اشتعال نظراتها وهي تقارن نفسها بالزوجات الأخريات كن يأمرن أزواجهن لفعل شيء بينما اعتادت دوماً على الامتثال لطاعتي، كانوا ((الأزواج)) يتهافتون على زوجاتهم يضعون الرز في أطباقهن، يعتنون بهن بشكل مبالغ بينما كنت وإياها نتعامل كما هو وضعنا المعتاد، تارة تصب لي الرز في الطبق وتارة أضع أمامها صنف الطعام الذي تفضله، لا أدري لِمَ تجهمت فتركت المائدة مستاءة وصعقت بثورتها المفاجئة.
((تعاملني كما لو كنت جارية لك، خادمة ذليلة، أرأيت كيف يخدم الأزواج زوجاتهم وأنا كنت أنتظر المبادرة منك فلم تفعل)).
تماسكت وقلت لها بحنان:
((هل نحتاج إلى هذه الشكليات كي نثبت أننا سعيدان ومتفاهمان أمام الناس))
وتمضي في صراخها تعنفني:
((لكنك أحرجتني)).
أنهيت الموقف قائلاً في استسلام:
((لا بأس، في المرة القادمة سأفعل ما يرضيك))
بدأت تظهر انزعاجها من طريقتي وأسلوبي في الحياة، تتهمني بالتخلف والرجعية خصوصاً بعد انغماسها في انتخابات الجامعة وحضورها المكثف تلك الندوات التي تقودها ناشطات من النوع الثقيل وهن يتحدثن عن المساواة ودور المرأة في المجتمع وضرورة التحرر من تبعية الرجل، والحقيقة أنني لم أكن بحجم هذه التهمة الظالمة فأنا رجل مثقف، متدين، أتفهم حدود المرأة وأستوعب الحد الأدنى لطاقتها وأشعر أن هناك سقف معين لنشاط المرأة لا ينبغي أن تتعداه وأن انخراطها في هذه المجالات إلى حد الإفراط يشتت من ذهنها ويسلب وداعتها كأن المرأة ماء في إناء، والزواج هو الإناء الذي يحفظ لهذا الماء صفاءه، شفافيته، رونقه وعندما ينكسر تتبدد المرأة فلا تجد لها هوية أو ذات متزنة.
فواجهتها بالمقدار الذي يحفظ هدوءها النفسي واستقرارها الانفعالي لكنها كانت تشك بي وكأني متآمر آتي ليسلب شخصيتها ويحطم كيانها.
فيما مضى كانت تيقظني من النوم لأشرب معها الشاي فلا قدرة لها على الحراك إلى بطاقة حبي أقبلها مودعاً، كم من المرات أستيقظ على غيابها المر وأقول مبرراً إنها مشغولة وألتمس لها الأعذار.
طلبت لها خادمة تساعدها في التنظيف والترتيب وبالتدريج تركت لها مهام البيت بما فيها الطبخ الذي استهجنه إلا من يديها، حرمتني من طيب طعامها ونكهة أكلها الشهية، توقعت أنها الأيام الأخيرة من الدراسة غمرتها بحالة من القلق والتوتر فكانت غضوبة، عابسة، تتباعد في اللحظات الحميمة مبررة برودها بالانشغال والتعب.
تدفق فيها شيء وافر من النشاط فقالت لي:
((أنا إنسانة مثقفة مبدعة أشاد بنجاحي الباهر الكثير من الأساتذة ورشحوني لأن أكون محامية ماهرة، فحرام أن تكون مثلي أسيرة أربع جدران، يُقمع فيّ كل هذا العطاء)).
بقيتُ حائراً في مكاني، أحسست بنفسي أتلاشى بين كلماتها الضخمة فصمت أكبح انفعالي.
تخرجت، كبرت، وكبر معها الطموح واستبدت بها غلظة عجيبة فاتحتها في مسألة الإنجاب تعذرت وسوفت قائلة:
((مازلت صغيرة اترك لي ثلاث سنوات أخرى لأكمل الماجستير))
ثارت ثائرتي:
((الأولاد أهم من الماجستير، دعك من هذا الهراء، الحمد لله أنك تخرجت وضمنت الشهادة، وكان اتفاقنا أن تجلسي في البيت، العمل ليس ضرورياً الآن، راتبي كبير ويسعنا أن نعيش في مستوى لائق))
ارتفعت موجات صوتها وبغرور قالت:
((أنا المتفوقة أجلس في البيت كالجواري والخادمات، لا يا محسن أنا موعودة بالنجاح والشهرة وقد تنبأ لي الجميع بأن لي مستقبل كبير))
اغتظت منها:
((من هم الذين تنبأوا لك؟ أطلعيني على أسماءهم وسيرتهم لأقول لك ما وراء شعاراتهم))
ارتبكت بعض الشيء وأحست أنها مشحونة، متأثرة، تردد في بلاهة كل ما تسمع وتصدق كل ما يُقال لها.
ثم دخلنا في معركة صاخبة، مندهش حقاً من نبيلة الوديعة وهي تتمرد على حياتها وتضغط عليّ من كل اتجاه كي أفتح لها مكتب مستقل أحسستُ بها تضيع من بين يدي، ويتلاشى الحب من قلبها، كل شيء فيها قد تغيّر، لونها، هيئتها، لم تعد تلك الأنثى الحنون التي يطيب لي دوماً أن أسكن في واحتها، نسيت كم نسي غيرها أن المرأة الناشطة لابد أن تخلع ثوبها الحديدي عند أعتاب بيتها وتستعيض عنه بغلالة من الحرير في خلوتها المحببة مع الزوج، بقيت معي في ذات القناع وبنفس النبرة.
كنت أحب شعرها الطويل وكأنه شال من الحرير يزدان به وجهها الملائكي ذو التقاطيع الناعمة، تفاجئني ذات مساء وهي عائدة بشكلها الصبياني الفوضوي، سألتها بفزع ((أين شعرك؟)).
أجابتني بتردد:
((كان مزعجاً، فالقصير مريح في الغسل والتمشيط)).
ولِمَ فعلت ذلك؟
((الموضة)).
وواصلت محبطاً:
((ألا يفترض بك أن تستأذني مني قبل قصه؟))
سخرت بشكل جارح.
((أستأذن منك؟ وهل أنا طفلة لأفعل ذلك؟)).
((ولكني كنت أستمتع به))
أشاحت بوجهها عني وذهب غير مبالية.
لم أكن أمتلك المال الكافي لأفتح لها مكتب فالتحقت مساعدة في مكتب محامي شهير، وودت في ذلك اليوم زيارتها لأستطلع وضعها، تفاجئت بأنها المرأة الوحيدة بين خمسة رجال، انقبض قلبي وبان على وجهي الوجوم، سألتني وهي مدركة لمصدر انزعاجي.
((ما بك مستاء؟))
((ألا توجد امرأة أخرى في المكتب؟)).
ترد بثقة وكأني أهذي أو أردد أقولاً وهراء.
((وما الضير في ذلك، المرأة الناجحة هي التي تثبت كفاءتها وجدارتها أمام الرجال، إنه تحدي لقوتي وإرادتي)).
حاولت ترطيب الأجواء فقلت لها:
((ما رأيك لو نتناول غداءنا في مطعم)).
حدجتني بنظرة غاضبة وكأني اقترفت ذنباً لا يغتفر:
((ألا ترى انشغالي؟!)).
وأشارت إلى مجموع من الملفات ملقاة على مكتبها قائلة:
((انظر لابد لي من قراءة هذه القضايا المتراكمة والتعليق عليها)).
ثم رقت لهجتها بعض الشيء وقالت في شبه اعتذار:
((يا محسن أنت تشاغلني عن عملي، عد إلى البيت الآن وسنتحدث لاحقاً)).
تركتها والغيظ يمزقني شر تمزيق، كتمت امتعاضي وبددت حرجي بابتسامة متكلفة.
شعرت حينها بالضيق، بالمهانة، بالقرف من وضعي وكأني أشحت اهتمامها بل حمل ثقيل على عاتقها أو كابوساً شديداً يهددها، تتهمني دائماً أنني عائق لنجاحها ولست أدري إلى متى تسيء فهمي بهذا الشكل، لا ضير أن تنجح وتكافح وتحقق ذاتها لكني أطالبها كزوج بشيء من التوازن والحضور العاطفي المبهج، لِمَ انهمكت في عملها وكأنه شاغلها الأوحد والأهم ألست شريكها الذي يشاطرها المسيرة في حلوها ومرها.
مازلت أحاول مداراة العلاقة ببعض اللين والصبر كي لا ينقطع الوصل وأحسب أن الفجوة مرحلة عارضة ستمتصها الأيام، حتماً سترجع إلى نداء الطبيعة، واستغاثة الفطرة، عطشها الأنثوي يستجلبها إلى العش بنعومة ولين، فضمنا ذات ليلة قمر الحب وبتنا نتناغم بأشواق ساحرة، أسعدني هذا الوهج يفيض جمالاً في تقاطيعها الرقيقة، ما هي إلا لحظات وإذا بالكدر يتسرب إلى محيّاها فيتغضن وجهها وتنقلب سحنتها الوردية الرائقة إلى أخرى منكمشة شاحبة أحسست بسيل مشاعري تنحسر وبرود ذات أطرافي.
باستياء قلت لها:
((ماذا دهاك؟)).
انكفأت بشكل نافر.
((أنا قلقة يا محسن، قضية غد صعبة ودقيقة أخشى الفشل فيها))
تولاني جزع كبير فنظرت إليها حانقاً وكانت في داخلي صرخة تمرد.
((إلى جهنم وبئس المصير)).
أخذت الوسادة ونفذت بجلدي بعيداً عنها.
تبعتني حانقة تطلق صواعقها الجارحة وقذائفها الحارقة:
((أنت تغار من نجاحي لأنك موظف بائس، بسيط، يغيظك أن تراني نجمة لامعة)).
هبطت السلم متجهاً إلى الصالون وهي تلهث ورائي من شدة الغيظ تطلق حممها النارية في كل اتجاه بينما بقيت صامتاً أتعمد إثارة غضبها.
((انظر إلى السيدة المشهورة (..... ) و(أم.....) والأستاذة (......) والدكتورة (.....) سيدات مجتمع ناجحات والسبب أن لهن الحظوة في أزواج عبدوا لهن طريق النجاح، أما أنت فستظل في العتمة، نكرة، لا أحد يعرفك، ولهذا تريدني أن أغرق معك في الظلام)).
ضغطت بالوسادة على أذني معبراً عن انزعاجي.
تابعت وهي تزبد وترعد وكأن في داخلها حمم غضب مخنوقة ((افعل ما تشاء، لا تهمني بشيء، نم لوحدك، اهجرني فإنك تخفف عني وطأة الواجب الثقيل)).
غادرتني وهي بكامل انفعالها ولبثت وحدي استعرض في الذاكرة كلماتها النارية وأحلل حيثياتها وما تستبطن من نوايا ونوازع سلبية، شعرت أن شيء في داخلي يذوي بالتدريج حتى انطفأ تماماً، تخاصمنا لفترة طويلة لا نتحدث مع بعض، لا نأكل مع بعض كل منا في ناحية، عندما تعود إلى البيت أخرج وعندما آتي تخرج وهكذا بتنا في تنافر وتضاد، تواترت علينا الأيام باردة قاحلة، ناضبة، اتسعت الشقة بيننا إلى درجة عظيمة ولن تعود المياه إلى مجاريها.
صارت مخلوقة كريهة، بغيضة، تدخل البيت مشحونة بالغضب تصرخ بالخادمة المسكينة وكأنها نمرة تبحث عن فريسة لافتراسها والخادمة تفر من بين يديها هلعة كأرنب جبان وأنا مازلت متخذ الصمت مجناً لسهامها المدمرة، أشعر أنها تبعث لي رسائل في كل شكل وصنف وتوجه كلماتها القاسية بشكل يقصدني ((إياك أعني واسمعي يا جارة)).
خططت أن أغيظها فهي مخلوقة لا تستحق الرحمة واختارت أن تكون لي نداً، إنها تتصرف كرجل وتذعن في العناد والتصلب، ماذا لو أتتني خاضعة، آسفة لاحتضنتها على الفور واحتويت المسافة، بيد أنها قاسية لا تشعر بالجرح النازف في قلبي، لا تقدر سعة صدري في احتواء هفواتها.
لاحظت ثمة تغيير في جسدها فقد بدا أكثر امتلاءاً خصوصاً وهي ترتدي البنطلون الذي اتضح أنه أخذ مقاساً أكبر من ذي قبل.
توجست أن تكون حاملاً، وجهها المنتفخ، أطرافها المحتقنة لم أتجاهل هذه الدقائق الصغيرة، مازالت عيني رقيبة في انتظار ما يتمخض عنه الغيب.
في كل مساء أتعطر وأتأنق بشكل لافت وأنا أحدث صفيراً مبهجاً وثرثرة من يستبشر بشيء قادم ثم أعود إلى البيت متأخراً كنت أجدها غارقة في القلق، تتظاهر أنها نائمة وفي يقيني أنها تتقلب على موقد الشك لابد أن تفهم أنني فلت من قبضتها، فتولي وجهها شطر العمل والنجاح وتدعني لحياتي الخاصة، لن أقف عائقاً لمسيرتها لكنها كما توقعت انفجرت بعد أن بلغ بها الظن كل مبلغ قائلة وعيونها أمطار من التهم والإدانة:
((أضحيت يا محسن بارداً، جامداً، مشغول البال، أظنك وجدتها فرصة سانحة لتبحث عن أخرى)).
ابتسمت بتخابث:
((أليس من حقي بعد أن هجرتني زوجتي)).
صرخت بكل ما تعانيه من أسى
((لا ليس من حقك أن تفعل))
ووجدت التبرير المناسب.
((من تحرمني من الإنجاب أبحث عن أخرى بديلة)).
أطرقت مستاءة ثم بكت.
((صدقني كنت أفكر في الحمل لاسترضائك، تأخرت دورتي الشهرية وذهبت إلى طبيبة الحمل والولادة لمعرفة السبب قالت لي أن هرموناتي مضطربة والتبييض عندي ضعيف وخضعتني لعلاج طويل))
عنفتها
((طبعاً لأنك عصيتني، كنت تتناولين أقراص منع الحمل حتى اضطربت صحتك))
بنبرة خافتة قالت:
((لا.. لم أفعل)).
((بل فعلت)).
وفتحت خزانة الثياب ومددت يدي تحت الأثواب المطوية واستخرجت العلبة ورفعتها كدليل اتهام في وجهها.
((هذا هو البرهان)).
نكست رأسها خجلة، محرجة.
وتابعت وسط دموعها:
((إنني أعالج الآن فقد ارتفع عندي هرمون الذكورة بشكل لافت، لاحظت بزوغ شعيرات في جسدي وزيادة ملحوظة في وزني)).
قاطعتها
((والآن جئت ذليلة، صاغرة، عندما أحسست بالضعف والحاجة))
احتدت بنبرتها من جديد:
((يبدو أنك ظمئت إلى الشجار وإيقاظ نار الخصام من جديد لتبحث عن مبرر للهروب)).
((كما هربتي أنت واتهمتيني بأقذر التهم)).
لكن كبرياءها لم ينكسر بعد فعادت تقول لي وصتها مفعم بالثقة:
((لا تتصور أنني سأتنازل عن نجاحي مطلقاً، إنني مرشحة الآن لحضور مؤتمر عالمي يجمع أنجح سيدات العالم وقد سعيت وأنا في قمة نجاحي على إرضائك فأخذتك الأنفة والعزة بالإثم، لو لم تكن مستعداً لمواصلة الدرب معي فأنت حر)).
قلت ودون أسف أو ندم على شيء:
((أرجوك، لا أريدها منّة أو تفضّل عليّ، فالرابطة الزوجية لا تقوم على بنود واتفاقيات مشروطة خالية من الروح والحياة فنبرتك جافة لم أحس بها ذرة عاطفة أو حنين ولا أريد أن أشحت منك الحب، اذهبي إلى مسعاك والله معك)).
تسمرت واقفة كطود شامخ وبدهشة أردفت:
((لم أظن نفسي بهذا الرخص لتتركني هكذا بكل سهولة وأنا المرأة المعروفة بالمجتمع يشار لي كنجمة لامعة)).
عاودني اشمئزاز عنيف جارف.
((سئمت هذه النبرة المغرورة، أنا أبحث عن زوجة أسكن إليها دفئاً لقلبي، شريكة في السرّاء والضرّاء لكن أضحيت بليدة الحس بطيئة الإدراك رغم علمك وثقافتك.
تولاها ذهول:
((لقد تغيرت كثيراً يا محسن وأظن أن في حياتك امرأة أخرى لم تعد تحبني وتتودّد إليّ كالسابق)).
أتمت حديثها وهي مطرقة مستسلمة، انحدرت مدامعها على وجهها وخامرها إحساس بالضعة والهوان، فلم تلبث أن فرت مني كما تفر من شيء مريع.
خمد غيظي وتضاءل حنقي، ما عاد في قلبي ناحيتها ذرة حب أو بذرة حنين، تلاشت العاطفة من قلبي، لست مضطراً أن أعيش مع إنسانة ناضبة الأنوثة، خسرت جاذبيتها بتنا نتنافر وكأننا من طاقة واحدة، عندما ألمس يدها لم يعد ذلك المس يكهرب عروقي، برودة جثمت على حياتي، رغبة اندثرت تحت ركام الإذلال والمهانة فقد أخذت أقصى ما تستطيع أخذه حتى أصبحت الآن عديم النفع لها، فحدث الطلاق وأظنها تقبلت الأمر بشموخ، وكأنها في معركة تحدي، خرجت في النهاية ظافرة بحريتها وهمست عندما اقترفنا عند باب المحكمة ((أنت الخاسر!)).
((أتمنى لك التوفيق من كل قلبي)).
لكنها لم ترتدع أحسست أنها تستبطن حباً دفيناً تداريه بغلالة من الكبرياء.
((لن أدعك تستمر في تعذيبي، لن أسمح لك بالتنكيل بي)).
قلت ودون أن أخرج عن حالة هدوئي:
((اعذريني لأني أجسد حلمك المنشود وحاولت بأقصى طاقتي وفشلت أتمنى أن تلتقين يوماً بمن هو كفؤ لك)).
حملقت فيّ مشدوهة كأنها لم تفهم ولا تعي، طافت في وجهها سحابة من الضيق وغام نظرها وكأن الدنيا اسودت في عينيها.
واقترفنا، وشتتنا الأيام.
تابعت حياتي بهدوء وانتظام، فأنا رجل عملي ليس من ذلك النوع الذي يلتفت إلى الوراء ويبكي على أطلال الحبيبة، إنها لم تترك في قلبي ذلك الأثر العميق الذي ينخر في النفس فيعذ بها بألم، تزوجت من ابنة خالتي وهي فتاة يتيمة طيبة، فيها ذلك الزخم المريح من الحنان، عشت معها بسلام وسعادة وكانت لي نعم الزوجة الخاضعة المطيعة، أنجبت لي ولدان واندثرت نبيلة مع الأحداث اللهم إلا المصادفات التي تذكرني بها، صورتها تباغتني في الصحف أو مقابلة لها في التلفزيون، لم تستطع بحضورها الفخم أن تحرّك أوتار قلبي بشيء من الحنين.
حتى قرأت ذات صباح في الجريدة خبر تعرضها لحادث ورقدت على أثره في المستشفى، أرعبني هذا الخبر وأفزعني بشكل كبير، شعرت في داخلي شيء يضطرب ويمور، قررت زيارتها للاطمئنان عليها فهي كانت لي زوجة في يوم ما ولا بأس أن أقوم بهذا الواجب الإنساني، اشتريت لها باقة ورد بيضاء وفررت إليها زائراً يشحذني فضول نابت في الأعماق.
تصوروا معي الموقف..
هذه العظيمة، اللامعة، نجمة المجتمع الراقي، ترقد لوحدها منكسرة، ضعيفة، مهشمة، جئتها محملاً بكم هائل من العطف جعلني أوبخ فيّ رجولة مفتعلة في موقف كان يحتاج مني حكمة وتدبر.
ما أن دخلت حتى التقت عينانا وشعرت بنظراتها اللهفى رُسُل أشواق وحمائم حنين تهفو بشغف إليّ وجوارح عطشى إلى الماضي تستجيب بتوق محموم هتفت باسمي محتفية، استعادت في ذاتها طاقة شفاء كامنة غلبت آلامها، وجعها.
جلست مبهوتاً لمرآها الذابل وشعرها الأشيب.
قد غزاها باكراً.
خرج لساني من عقلة الصمت.
((الحمد لله على السلامة)).
التاعت من حرقة الإحساس المضطرم داخلها فبكت ورددت بصوت متهدج.
((كيف حالك؟))
أشفقت عليها، فقد تغضن وجهها بشكل نافر، كأنها عود ناضب أحسست بعينيها ثمة حسرة وآهة ندت عن كبد محرور.
هتفت
((كم أنت محب ووفي))
أطرقت أسد عليها المنافذ.
((إنه الواجب)).
حاولت أن تستميلني.
((ألازلت تحبني؟)).
((كل شيء قسمة ونصيب)).
((لِمَ زرتني إذن؟)).
((لا تجهدي نفسك)).
وتصر:
((أريد محادثتك))
نهضت لفوري قائلاً:
((أظن من الواجب أن أرحل)).
شدت انتباهي من جديد.
((أتعرف أنه حادث مدبر بسبب عداء أحدهم لي)).
ارتخت أعصابي.
((أرجوك، الأمر لا يعنيني، المهم أنت بخير وعافية)).
شئت أن أودعها، لكنها تضرعت بضعف دفعني لأن أجلس.
((أرجوك استرح لأحدثك عن مشوار حياتي بعد الطلاق، رجاء أخير ثم اذهب كما شئت)).
طلبت لي عصير الأناناس الذي طالما كنت أحبه ولازلت.
وتابعت:
((اعتبرني مريضة تهذي وهي تحت تأثير الحمى، لكن يكفي أن تعرف أنني نادمة على كل شيء، اكتشفت حماقتي فيما بعد، الآن اسأل نفسي بعد أن شلت قدماي في هذا الحادث ماذا أفعل وكيف أتصرف وأتدبر أمري وأنا عاجزة لا زوج ولا ولد، وحدة قاتلة، نجاح فارغ من الطعم، تنهشني الغربة والحاجة، الجدران الباردة، الليل الطويل الذي يفترسني بوحشة كئيبة توفت والدتي فعشت لوحدي، أخي هاجر إلى أمريكا منذ زمن ولم يعد لي أحد سوى العمل أتشبث به كقوة تحميني من غدر الزمان نجحت وكلما أنجح يفر الرجال مني وكأني شبح مخيف، هل تذكر عندما قلت لك أنني كنت أعالج في مسألة الحمل، للأسف كانت كل النتائج سلبية وعيناك كانتا تطالباني حتى وأنت صامت بالولد.. أين الولد؟ وأنا عاجزة تعيسة يا محسن، خسرتك ولم أشعر بفداحة الخسارة إلاّ لاحقاً، فتحت الآن مكتب وأصبحت محامية مشهورة يُشار لي بالبنان، لكني أقف في خريف العمر وقفة متأملة فيها المحاسبة والمساءلة للنفس بعد طيش الطموح ونزق الشباب ونزوة الظهور المستبدة في النفس نكتشف ذاتنا أننا نخسر عمرنا دون ثمر، دون امتداد، لم يعد لنجاحي مذاق كالسابق، لست أدري لِمَ كنت في الماضي أشعر بلذة النجاح وشهوة الصعود إلى السلطة، كنت قوية وحادة حتى أغمضت عيني عن الواقع ودخلت في متاهات معتمة، كان هدفي أشبه بالسراب يحسبه الظمآن ماءاً، كلما اقتربت منه تباعد وخيّل لي أنه قيد نظري وإذا به يتبدد لأجد نفسي خالية الوفاض ودخلت في ميدان منافسة مع صفوة من النساء لا هم لهنّ إلا الظهور الإعلامي يتبارين من أجل أن تظل الواحدة تحت الأضواء، سئمت هذه التناقضات المريضة التي أوقعتني في براثن الادعاء والتمثيل.
صمتت وهي تلتقط أنفاسها ثم زفرت زفرة محرقة ومضت تستطرد في هذيانها البائس.
((كنت أينما أذهب يشار لي بالعظمة والتبجيل وفي الخفاء وفي الهمس الخافت أنعت بالمسترجلة التي تناطح الرجال وتنافسهم في ميادينهم الخاصة، وتعرضت لهذا الحادث بسبب قضية مخدرات كان المجرم يحاصرني كي أتنحّى عنها لكني صمّمت بعناد فكانت هذه النتيجة.
كنت أتفرس معالم وجهها وقد امتص الزمن نعومته وتناثر الزغب الأسود على خديها فأضفى عليها عتمة وصوتها الذي شاب نبرته عنفوان غلام مراهق، استحضرتها قبل سنوات، رقراقة، تتثنى في دلع محبب، تتضرج وجنتيها حياء كلما لاطفتها، تتلفت كطفل خائف، مسكونة بدماثة فطرية، تتورع النفس عن خدش صفاءها استهجن فيها ذلك الانقلاب الجذري وقد تحولت إلى مخلوقة اقتحامية مرتابة من كل شيء، وتظن العالم كله يتآمر على نجاحها حتى تحولت الذكورة إلى عدو يتربص بها كلما أوغلت في الطموح.
أعادني نداءها إلى الواقع.
((محسن.. ما بك صامتاً؟)).
نهضت أودعها وأنا أشفق على امرأة نسيت أن الأنوثة جمال يعتمر به الكون.

همسة:
((افتح عينيك جيداً قبل الزواج واتركهما نصف مغمضتين بعده))

النهاية






ÊæÞíÚ ; بِـنَـتَ الُـهِـوَآِشْـمْ

ãÚáæãÇÊ ÇáÚÖæ
بِـنَـتَ الُـهِـوَآِشْـمْ


بِـنَـتَ الُـهِـوَآِشْـمْ

عصفوري متالق
عصفوري متالق



ãÚáæãÇÊ ÅÖÇÝíÉ
تاريخ التسجيل تاريخ التسجيل : 20/03/2011

عَدَدَ الَمّشّآرّكآّتّ عَدَدَ الَمّشّآرّكآّتّ : 976

العمر العمر : 28

الجنس : انثى

البلد : البحرين

العمل : طالب

المزاج : تعبانه

منـــــ اجمل ما خط القلمـــــــ^^ 21356410


منـــــ اجمل ما خط القلمـــــــ^^ Vide




زوجي من برج الثور
اسم الزاوية : (( بيني وبينك حكاية ))


بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى: ((ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون)) (الروم/21).


مقدمة الزاوية:
بين الزوجين.. حبل موصول برحمة إلهية، مسكون بدفء فطري، احتياج غريزي، تناغم عاطفي، انتماء. قد يختلفان، يتباعدان، يتخاصمان، لكنهما برحمة الله ولطفه يعودان. هكذا كتب القدر الإلهي: توأمة خالدة، ذكر وأنثى، بهما ((يعتمر)) الكون.. لهما في كل حكاية موقف، ولنا في كل موقف عبرة.


زوجي من برج الثور
بقلم: خولة القزويني


لم أكن يوما مؤمنة بالأبراج والفلك أو حتى قراءاتها بشكل عابر لكن الصدفة هي التي دفعتني إلى شراء كتاب من هذا النوع لقراءته من باب الفضول والاكتشاف ليس إلا.
كنا في المكتب وإذا بإحدى الزميلات تقرأ طالعها بفكاهة محببة والتفتت إلينا تسأل عن أبراجنا كي تقرأ لنا طالعنا اليومي من الصحيفة وتجاذبنا أطراف هذا الحديث باستطراد جميل.
كانت (ميس) ضليعة في هذا العلم حتى القدرة على تحليل الشخصية بدقة متناهية بمجرد أن تصف شخصا ما تدلك على برجه دون البحث في تاريخ الميلاد.
تذكرت زوجي((جليل)) وخناقة الأمس التي أدخلتني في نفق مظلم لا نهاية له، قلت له أثناء تناولنا العشاء أن بيتنا قديم وأحتاج إلى ترميم الواجهة وأنا على استعداد لاقتراض مبلغ من البنك إن كانت نقودك قاصرة عن تلبية هذه المهمة،فاجأني بنظرة حادة اقتلعتني من جذوري دون أن ينبس بحرف،وعدت أقول له بلين ((إن واجهة البيت غدت متآكلة)) وعاد ليرمقني بنظرة غضبى قائلا:
((أعتقد أنني سأفعل ذلك دون الحاجة إلى مساعدتك)).
وبحسن نية قلت
((ولم تنتظر؟))
استطرد:
((ولم تقترضين؟))
هنا خرجت عن حالة الهدوء
((لأني انتظرت سنة كاملة دون مبادرة منك)).
((وهل من الضروري أعلن لك عن خططي)).
اندهشت:
((ولم لا، ألست زوجتك، وأظنني صاحبة شخصية وقرار أدرك هذه الأمور وأستوعبها،لست امرأة من عصر الحريم كي تصادر إرادتي بهذا الشكل)).
انبرى يقول وهو يشعل سيجارته
((اقفلي على هذه السيرة))
ثارت ثائرتي
((لن أفعل،وأظن أنني قد ضجرت من أسلوبك المتعنت هذا وفظاظتك البغيضة)).
هب واقفا واجهة البيت كما هي حتى آخر الدهر)).
ونام كل منا في حجرة منفصلة حتى استيقظت هذا الصباح وقد امتص السهد رونقي،محبطة،منزعجة،ناضبة الحيوية أعددت فطورا سريعا وغادرت البيت مثقلة بالهم والمرارة.
أطرقت مصغية إلى ميس وهي تصف إحدى الشخصيات في معرض حديثها عن الأبراج ((عنيد، متصلب في قراراته، متشبث في رأيه،صموت، هادئ.
سألتها مدهوشة
((أي برج تشمل هذه الصفات؟))
قالت وابتسامتها العذبة لم تفارق شفتيها))
((الثور!))
وحدست أن زوجي من برج الثور أمسكت عن الحديث لفترة وكأني شاردة في أفق خاص بي أعيش أعماق شخصيته الصعبة كما لو كان من كوكب آخر،وكان الباعث على ذلك إحساسي بالغبن والإذلال وأنا أقمع بإرادته المتسلطة وقراراته المستبدة لم يحاول أن يكسر عنفواني ويذيب شخصيتي ويلغيها فكرامتي كانسانة تأبى على الانصياع الأعمى لقراراته دون تفكير ومحاورة،نسي أن لي تاريخ طويل يشهد نجاحات مبهرة، في الثانوية كنت رئيسة مجلس الطالبات وفي الجامعة عضوة ناشطة في القائمة الوطنية،واليوم مرشحة لرئاسة القسم تزوجني وهو مدرك أن لي استقلالية وإرادة حرة،لكنه بحكم منطقه الذكوري وعقليته الشرقية يعتقد أن النساء جواري خلقن لجل غاية واحدة أستطيع أن أختصرها بكلمة((خضوع)) أن تبقى الأنثى خاضعة كي يمارس عليها طغيانه الرجولي الساحق، تطرف أقرب إلي حياة الجاهلية الأولى، كم شعرت أنه له رغبة دفينة في كسر معنوياتي متخذا سياسة ((خالف تعرف)) حاولت أن أتوافق معه بلين وحنان بيد أنه يختبئ في عقلية متحجرة عندما أخرج لأي طارئ يثير خناقة متذرعا بأتفه الأسباب وأعتقد أن القصد من إثارة زوبعة كهذه إبراز عضلاته كرجل مدعيا أنني عاصية بحكم الشرع،أخرج دون علمه، أفعل كل شي دون استئذانه أنفعل بشدة وإذا بهرمون ذكوري يغلي في دمي ويدفعني إلى مشاكسته بعناد وتحدي حصون منيعة لا تخترق فيتضور بدافع اقتحام وأتشبث عنادا فإذا بنا داخل حلبة صداع قد نأينا بنفسينا عن كل حوار عقلاني.
يصرخ:
((أنا الرجل وكلمتي هي النافذة)).
صدقوني لو قلت لكم أني دخلت دورات كثيرة ومتعددة لأتعلم مهارة الحوار وإيجابيته الاتصال من أجل ترويض هذا الكائن العنيد ورغم كل هذه المحاولات شعرت بالخيبة والإحباط.وعدت ثانية لأقرأ في كتب الأبراج وعلم الطاقة والتوافقات والتلاؤمات لعلي أقف على حالته المستعصية وأكتشف الدواء الناجح، تركت نفسي أغوص في أوهام تغذيها المرارة والألم، صارحته أحد الأيام
((أنت لا تحبني يا جليل، صارت حياتنا أشبه بتحديات مستمرة )).
قال ساخرا:
((وتعترفين أنها تحديات))
انطلق لساني كالرشاش:
((أنت متجبر وطاغي حرمتني من طعم الحنان، من مشاعر تحتاجها كل أنثى))
وبرر
((تستفزيني بعنف وتطالبين بعاطفة))
دافعت عن موقفي:
((أنا؟أنا أستفزك؟ صرت الآن متهمة بعد أن طعنتني بشخصي وكرامتي)).
هرب كعادته
((أرجوك كفي عن كلمات زائفة وشعارات سخيفة تتحدثين معي وكأننا فريقان متخاصمان))
أحسست أنه خضع بعض الشئ فاغتربت منه أغويه بدفء عاطفتي
((إذن دعنا نذيب هذا الجليد ونكسر الحاجز)).
استراح وجهه المتشنج فأسفر عن ابتسامة مغرية حتى نبرته المشروخة بدت مغمسة بحنان ندي، اشتقت لمعانقته مرات قليلة تستريح فيها نوازعنا الحادة على مرفأ الحب، عندما أتحرر من عقلية مقفلة بثقافة عصرية تجعلني أعيش معه حالة الندية، الآن تجذبني ذبذباته العنيفة فتسترخي كل أركاني وتلين فأنضوي تحت جناحيه بانخفاض لذيذ وبانسيابية الجذب المغناطيسي أكتشف ذاتي بشكل مختلف وفي غربلة الانفعال أتذكر وجهه المستهام وعيناه المبتهلتين ودفء صوته يحتويني بشغف من تقمص لهفة عاشق، بعد انجلاء العتمة ينبلج الصبح عن شخصية جمعت شتاتها المبعثر على شواطئ العاطفة متراخية في استسلام من فترها الشوق وأشعل فيه الوهج بارحته ونحن نتناول إفطارا ملكيا أجهزه بنفسي عندما أكون قد غرفت من معين العاطفة ما تسترخي فيه أعصابي.
ألمس فيوضات الاسترخاء والرضا تستريح على وجهك فبدوت آية في الروعة.
ابتسم وهو يتناول فطوره بنهم.
ثم تابعت والكلمات تتعثر في حلقي.
سألني
((ما بك هات ما عندك فأنا مستعد لسماعك))
((سأشارك في مؤتمر ثقافي خارج البلد)).
حدق بي طويلا وهو صامت
واصلت وأنا أحيل عن ناظريه خشية الاصطدام غير المحبب
((إنني مبعوثة من قبل الإدارة ولا بد من تنفيذ هذه المهمة))
قال وهو مازال متماسك
((وافقت طبعا!))
بلعت ريقي كالمتهم الذي ينتظر الحكم
((أمر بديهي))
وبتهكم:
((وأنا من أكون؟من الافتراضات التي تنتفي بالآخر ؟!!
هدأت من روعه
((ها أنا جئت لأصارحك))
استطرد حانقا:
((أتعرفين أن هذه الأشياء الصغيرة التي تستهينين بأهميتها هي في اعتقادي ميزان لعواطفك ومقياس لاحترامك لي:
حاولت أن أبدو ودودة
لكني أسعى إلى تفهمك
صرخ
((تأنفين استئذاني وتتخذين قرارك منفردة))
أطرقت محرجة ودافعت عن نفسي
((اعتقدت أنك ستوافق ضمنا))
وتفاجئت برده
((لا..لست موافق))
غمرني إحساس بالخيبة والخذلان تركت المائدة وأن أبكي ثائرة:
((إنها مسألة عند ليس إلا))
رق قلبه فعاد يبرر:
((كيف أدعك تسافرين لوحدك،اعتذري فلا أظنه أمرا هاما)).
((إذن رافقني إن كان هذا عذرك))
((أنا مشغول هذه الفترة))
اجتاحتني حالة من الهستيريا أشبه بالتمرد اكتسح كل مل في داخلي من قيم والتزام فهتفت مصرة.
((سأسافر شئت أم أبيت لأن كل مبرراتك واهية وحججك عقيمة)).
استشاط غيظاً حتى احمرت عيناه وهو يحدق بي متحفزاً لمواجهة أعنف.
((لا تكسري كلامي وإلا ندمت!))
حزمت حقائبي وسافرت مع فريق العمل إلى لندن وكانت رحلة شاقة مشحونة بالقلق، إذ رفض مرافقتي إلى المطار وبتنا ليلتها متباعدان، متنافران، حاولت استدرار عطفه لكنه تحصن بعرينه وحجب عن قلبه كل موجات عواطفي ومحاولاتي المستميتة لإرضائه وقد بيت النية على الخصام وبتر كل بوادر الصلح، طلبت منه مراراً أن يتفهم موقفي بيد أنه قد أوغل في القسوة والعند.
وفي لندن كنت كالجمرة أتأجج قلقاً واحتراقاً، لم يعهدني فريق العمل بهذا الاضطراب، أتابع النقاش وأنا شاردة، أترقب بعينين مرتبكتين هاتفي الجوال علّه يؤنسني برنين حميم يأتيني كيقظة حلم لمشاعر انتفضت من رقدتها الباردة، ظننت أن البعد قد يذكي أشواقه من جديد فيعود لي نام مستغفر، فكل محاولات اتصالاتي به ردت على أعقابها خاسئة مدحورة، هاتفه مغلق، كنت أعاني في بعده وأعتقد أنه يمارس عليّ طقوس العقاب العاطفي كي أخضع له وألين، وكيف يمكنني أن أخرج من دائرة الكبت وهو يطوقني بحزام من نار، نار الصد والغيرة والعند، ليته يبحث لي عن مخرج بسيط أستطيع من خلاله أن أتسلل إلى خارج الدائرة فأبصر المسلك الطيب الذي يرضيه فتراني أقف مغتاظة منه، مقهورة، ألعن الساعة التي جمعتني به أقارنه برجال الأخريات من الأهل والصديقات فأجده الأكثر جفافاً وغلظة، أتعبني إهماله، أرهقني تجاهله، ألست زوجته ألا أستحق ونحن متباعدان اتصال عارض كباعث للاطمئنان عليّ لِمَ كل هذا الإجحاف والاستبداد؟!
عدت من لندن بعد عشرة أيام عجاف، ذابلة، مهشمة الروح في داخلي جرح عميق وشر مستطير، كل الوفد كان في انتظاره من كان من الأحبة وأنا أتلفت وحيدة دون عزيز أو حبيب، تكتمت على مشكلتي فلم يعرف أهلي حقيقة أمري وسر علاقتي، لأنها إهانة لشخصي أن يعرفوا هذه المرأة الناجحة وقد فشلت في احتواء زوجها لا أحبذ أن يشيع الناس عني هذا النقص في حياتي فآليت على نفسي أن أجاهد كي أرمم الخدوش، أخذت تاكسي متجهة إلى بيتي باردة الأشواق، فاترة الحنين، تأكلني نيران الغيظ المشتعلة.
دخلت البيت فوجدته جالساً على مكتبه يعبث كعادته (بجهاز اللاب توب) منصرف بعقله إلى متابعة المواقع الإلكترونية، لم يلتفت إليّ قط أو حتى ينهض ليجاملني بتحية ليس بالضرورة حميمية أو بالحجم الذي يبعثه فينا الفراق تقت إلى إشارة تحسسني بأدنى مراتب الاهتمام، تجاهلني تماماً وكأن وجودي من عدمه سواء، لكني ألقيت سلامي الجاف بنبرة حادة ووجه متجهم فلم يرد كأنه التمثال الأصم، تنقلت في دور المنزل متوترة منفعلة، لمحت عن بعد خادمة جديدة تقف في المطبخ سألتها وأنا مرتابة من وقفتها المتلاشية ولباسها المهلهل بفوضوية مثيرة جعلت من جسدها مطمع للناظر وعرفت أنها فلبينية اسمها ((مارلين)) قد أتت قبل يومين في غضب قلت لها وأنا أضع ثوباً على طاولة المطبخ قد كان معلقاً على جدار المطبخ تركته خادمتي السابقة.
((اخلعي ملابسك هذه وارتدي (اليونيفورم)، لا تعجبني هذه الثياب.
عدت إلى ((جليل)) بد أن مزقت أغلال صمتي وفجرت براكين حنقي.
((أين سانيا؟))
ودون أن يرفع عينيه عن الجهاز رد باقتضاب: ((هربت من البيت ولا أعرف عنها أي شيء وهذه الخادمة مرتجعة استخدمتها للضرورة.
ووجدتني أبرر بكلام طائش.
((يفترض أن تذهب إلى والدتك لتناول الطعام في غيابي)).
استنكر ساخراً:
((أظن أنا من أقرر أين أتناول طعامي ولا أحتاج إلى وصايتك)).
جاءت مارلين تخاطبه بعد أن رصت أطباق الطعام على الطاولة وبلين ورقّة تخاطبه:
((سيدي طعامك جاهر)).
انكشف عن وجهه العابس ابتسامة مشرقة قد فارقتني منذ زمن وباحترام وحنان أفتقد حرارتهما في حياتي معه يجاذبها بمعاملة لينة ورفق حميم.
((أشكرك مارلين، هل تناولت غداءك؟))
أطرقت وهي تفتعل الخضوع المحبب إلى نفسه.
((سأفعل سيدي، هل تأمرني بشيء الآن؟))
وبنظرة ممتنة يشع منها بريق العطف رد:
((كل الشكر لك عزيزتي)).
شعرت وأنا واقفة أن ا لدماء تتجمد في عروقي وأنه قد صفعني صفعة ساخنة وإهانة جارحة في صميم كرامتي، فقلت له ساخرة:
((ما هذا الدلال والنعيم الذي تغدقه على خادمة منحطة؟)).
وقال كمن يسدد سهماً إلى قلبي:
((لأنها تحترمني وتخاطبني بأدب من تعجز عنه مثقفة قد زينت حجرتها بالشهادات والدروع وتتكبر على خلق الله بعجرفة سخيفة)).
حاولت أن أشتت غضبي فلم استطع وقد خانني التعبير: ((قل إنك تغارمني لأني حصدت كل شهادات التقدير، اكشف عن طويتك؟))
ابتسم بمرارة:
((نعم بالضبط، تلك هي النتيجة التي وصلت إليها في النهاية!))
ضاق صدري وأحسست أني بحاجة إلى من يسمعني ويكشف غمي، وقتها شعرت أن الجدران حولي تتحالف لتكبت أنفاسي وتكبل لساني، أحتاج أن أستنشق هواءاً نقياً، ما عدت أطيق جليل، ما عدت أحتمل وجود هذه الخادمة وهي تتردد بين ردهات المنزل متجاهلة وجودي، تتصرف كما لو كانت سيدة هذا البيت تغاديه، تراوحه، تعد له العصير والتوست المحمص والجبن وتقف كجارية بين كفي سلطان مدلل، وأنا أغلي من الغيظ لأنه منفتح معها بشكل مريب، لا يتحفظ أن يطلب منها أدق الأشياء وهي تلبي بإحساس من تمكنت من قلبه وعرفت أن لها الحظوة في نفسه.
اتصلت بصديقتي ((ميس)) لنخرج نتنزه في إحدى المقاهي ولأفضي لها مشكلتي وأسرب عن حزني، فقد بان عليّ الاضطراب في تصرفاتي وخرجت عن طور شخصيتي الهادئة المتحفظة، وأعتقد أن المرأة تحت الضغط تتحول إلى غربال من الجحيم يضطرم حتى ينفجر، وفي إحدى المقاهي المطلة على البحر جلست مع ميس وأنا في حال كئيب، كشافتها بكل ما ينتهبني من وساوس وبأسلوبها الرقيق وروحها المرحة أردفت.
((قلت لك أن الثور عنيد يحتاج إلى ترويض، فهو يبحث عن الأنثى الفطرية والمرأة التقليدية التي تحيطه بحنانها وعاطفتها وإلا لن تستطيعي التصدي لقرنيه الحادين.
بانزعاج هتفت:
((ليس هذا وقت الهزار يا ميس، أرجوك فمزاجي مكفهر وروحي منطفئة، خذي أمري بجدية)).
وأنا أثق ((بميس)) وحكمتها ورجاحة عقلها فلها أسلوب مقنع قادر أن يلين أقصى الرجال رغم أني رئيستها في القسم ألجأ إليها دائماً وأعتمد على حلولها الصينة فهي تحرر باب القلوب في مجلة أسبوعية، حتى المدير يضع لها مكانة مختلفة عن باقي الموظفات لأنها فرضت شخصيتها بتهذيبها وكياستها فاستنار الجميع بسراج روحها الدافئة.
انبرت ميس تواصل معي الحوار:
((أنا جادة في كلامي يا غالية ولا أقصد برج الثور إلا مجازاً، فالرجل عموماً يحتاج أن ترق معه المرأة حتى وإن كانت رئيسة دولة، اخلعي ثوب وقارك فور دخولك البيت وتعاطي معه معاملة لينة، رطبة، هنية، بخضوع جميل، واضح أن زوجك صبور متمكن له نفس طويل لا يكل ولا يمل من المشاكسة، وها أنت قد جزعت وتعبت، تتحدين وتخسرين فهو الأقدر وهو الأقوى هكذا هم الرجال بتكوينهم الهرموني لا يتغيرون نحن النساء من نغير أشرعتهم في المسار ا لذي نريده حينما نوجه قلوبهم بأسلوبنا اللطيف وفنوننا البارعة فينجذبون إلينا وفقاً لطريقة معاملتنا لهم، هذه الخادمة الجاهلة أعتقد أنها ذكية، وماهرة عرفت كيف تستميله مشغلة دهاءها وفطرتها وتصلب موقفك ترك لها الملعب شاغراً وبقيت مشوشة التفكير تضغطين عليه بينما هو يشد ويبعد عنك فلم تصلا إلى نقطة التقاء أبداً.
((يعني المزيد من التنازلات أظنه سيسحقني تحت قدميه!)).
صرخت ميس مستنكرة:
((خطأ، خطأ ما تعتقدين، تذكري يوم كنا طالبات في المدرسة قرأت علينا معلمة اللغة العربية وصية الإعرابية لابنتها في ليلة زفافها قائلة من ضمن الوصايا كوني لزوجك أمة يكن لك عبداً وشيكاً)).
استهجنت الأمر
((فليخسأ، أيعقل هذا؟))
نفذ صبر ميس.
((لكنه سيكون لك عبداً))
((هذه نظريات أكل عليها الدهر وشرب)).
وواصلت في استطراد وحماس
((هل تذكرين قصة شهرزاد في ألف ليلة وليلة؟))
((نعم))
((أتعلمين أن وراء هذه القصة الخرافية مغزى))
تنبهت
((وما هو؟))
((إن المرأة بحكمتها ودهاءها تأخذ عقل وقلب الرجل، كان لشهريار الملك عقدة من النساء بسبب الخيانة المريرة فانتقم من كل أنثى في المملكة إذ كان يتزوج أجمل فتاة لليلة واحدة ثم يقطع رأسها في صباح اليوم التالي، ضجت المملكة من هذا الرعب حتى أدركت شهرزاد بفطنتها وذكاءها كيف تفك هذه العقدة وتخلص الشعب من هذا الظلم بزوجته وشغلته بقصص ألف ليلة وليلة وبتسويق عاطفي واستدراج حكيم كما لو كان تحت تأثير منوم مغناطيسي.
ملكت مع هذا الرجل المستبد طريق النجاة.
أطرقت صامتة
وتابعت ميس
((إن المرأة بطبيعتها ذات دهاء فطري، تتفنن في ابتكار الحيل البسيطة لاستمالة زوجها، هل سمعت هذه الحكاية؟))
رفعت بصري بانشداه متسائلة:
((أية حكاية؟))
قالت:
((يروى أن امرأة اشتكت لأحد الصالحين كثرة المشاكل في حياتها وتفاقم المشاحنات والنكد الذي يثيره زوجها فانقلبت حياتها إلى جحيم.
قال لها الرجل الصالح: سأساعدك شريطة أن تأتيني ثلاث شعرات من رأس الأسد، فقامت المرأة من عنده وأخذت لحماً وطعاماً وذهبت إلى قفص الأسود حتى إذا اقترب منها الأسد ألقت إليه الطعام واللحم في اليوم التالي فعلت نفس الفعل وظلت كذلك حتى ألفها الأسد وفي ذات يوم ربتت على رأسه فأمن لها وانتزعت الشعرات الثلاث من رأسه وذهبت إلى الرجل الصالح وقالت: هذه هي الشعرات الثلاث، فقال لها: أومن رأس الأسد؟ قالت: نعم، فقال عجباً لك أجدت ترويض الأسد ولم تجيدي ترويض زوجك؟))
صمتت ميس هنيهة ثم واصلت:
أعتقد أنك بحاجة إلى معرفة مفتاح قلبه لتتوغلي إلى أعماقه وتغوصي في مجاهيله.
تركت نفسي على سجيتها تبوح بكل منغصاتها لميس فقلت:
((هل تصدقين أني بدأت أغار من الخادمة، إنها تحظى باهتمامه)).
أطلقت ميس لتفكيرها العنان وكأنها تذكر شيئاً وعادت لتقول: ((لا تستبعدي ذلك فالرجال ذائقة غريبة أحياناً تجتاحهم حالة من السأم والملل فيبحثون عن مغامرة غريبة حتى لو كانت خادمة)).
فاض الرعب من عينيّ المحملقتين صحت في تأثر:
((لِمَ تلقين الشك في قلبي؟))
قالت مصرة:
((بل لأنبهك إلى خطر قادم)).
نهضت من فوري كمن صعقني كهربائي ووجدتني أتخبط في لجة الأفكار الموسوسة، كان في داخلي تحدي كبير أن أحتوي هذا الخلل في حياتي لتكتمل صورتي الناجحة ولتتألق هذه الهالة التي أسبغت عليّ مهابة ووقار، لست مستعدة أن أكون زوجة فاشلة أو مطلقة أو ضرّة لأخرى إنه امتهان لكرامتي وجرح لأنوثتي والأنكى من كل هذا أن أكون في موضع منافسة مع خادمة!.
وسألت نفسي هل يمكنني تغييره؟!
أعتقد أن هذا ضرب من ضروب المستحيل، لذا ينبغي أن أتغيّر أنا وأعيد ترتيب حياتي بشكل أعطيه الأولوية والاهتمام، فهذه السياسة الجافة تحتاج إلى بعض الرذاذ العاطفي.
خرجت من السيارة متجهة إلى البيت، صادفته جالساً يشاهد فيلماً أجنبياً وقد جلست مارلين خلف كنبته تشاركه المشاهدة الممتعة، كدت أتمزق من الغيظ، حدجتها بنظرة حاقدة.
((اذهبي إلى المطبخ!)).
انسحبت كالفأرة الذليلة، سمعته يردد.
((لم تشخطين بها، ألا تكفي عن عجرفتك، إنها مسكينة، إنسانة من لحم ودم)).
تمالكت أعصابي لأني قررت بدءاً من هذه الليلة تغيير سياستي وتعديل أسلوبي في معاملته.
لانت نبرتي، اقتربت منه.
((هل تحب أن أصنع لك القهوة؟))
باقتضاب رد.
((شربت)).
((إذن أدعك لتشاهد الفيلم لأني سأنشغل بعمل آخر)).
جلست على مكتبي وأخرجت ورقة وقلماً لأكتب له رسالة قلت له فيها.
حبيبي جليل:
((ستظل حبيبي مهما جفيت أو قسوت، حبك هو زادي، طعامي سعادتي، افعل بي ما تشاء، ستجد دائماً قلبي محلاً للصفح والغفران، تأكد أني أحبك ولن أتردد في ترديدها ما حييت، حبي هو الحقيقة الثابتة التي لا تقبل الشك والجدل، لكن تبقى الهفوات والسقطات تنغص عينا حبنا وسعادتنا، أريدك أن تصارحني بكل ما تحبه فيّ ولك ما تبغضه لأني قررت أن أسعدك وأعمل على راحتك، دعني أصارحك رغم كل هذه السنين إني لم أفهمك جيداً، كلما حاولت الاقتراب منك تبتعد حتى أحسب أني مخطئة في تشخيص مزاجك، لكني رغم كل هذا وذاك أحبك كاملاً بحسانتك وعيوبك، ثمة أشياء تقف عائقاً أمامي وتصد كل محاولاتي في الانصهار العاطفي الحميم، سأكتبها لك باللون الأحمر ربما تتذكرها دوماً وتفهم أنها تشكل شيئاً تعجيزياً لي منها:
- صمتك، فلا أعرف ما في داخلك.
- عنادك وتصلبك يشل محاولاتي ويرهق أعصابي.
- برودك العاطفي.
- مراقبتك لأخطائي الصغيرة التي لا أقصدها.
ولولا هذه الأشواك التي تجرح حبنا لكنا أسعد زوجين عرفهما التاريخ!
دعني أبدأ معك صفحة جديدة ومشوار جديد، غداً هو عيد ميلادك السعيد وقد أعددت لك حفلة صغيرة داخل البيت وأمسية رومانسية نتصارح فيها ونعبّر عن كل خلجاتنا ومخاوفنا وأشواقنا)).
وسلمت لي حبيباً للأبد
زوجتك غالية
قرأت الرسالة مراراً لأستوثق من كل حرف وكلمة وقبلتها بأحمر الشفاه لتطبع شفتي بشكل مثير وعطرتها برذاذ عطر الأوركانزا الذي يحبه ويرفض استبداله بأي عطر جديد، وضعتها في مظروف بلون الورد.
وخبأتها في جيب دشداشته.
صدقوني شعرت أن في داخلي جليد يذوب وأن شيء أشبه بتيار دافئ يسري في عروقي ونبض مفعم بالانشراح يدق في قلبي نغمة جديدة تصدح في جنبات روحي المنطفئة فتضيء فيها إحساساً متدفقاً بالسعادة، شيء مختلف جعل من ماكنة جسدي تتكهرب فتهتز وتنبت من جديد سنابل حياة، مشاعر حارة استيقظت من رقدة هامدة، صعقة أحيتني من موات كريه، ربما كانت مشاعري كامنة، ساكنة معتلة بهموم الحياة، دفينة تحت رواسب العمل وضغوطاته، كانت هي الباعث على هذا الجفاف، اشتقت إليه، لكني لن أسابق الأحداث وأحرق جمال المفاجأة.
غداً سيكون المنعطف الكبير لحياتنا معاً.
وأنا في مكتبي جاءني منه ((مسج)) أوقد جمرة الحب بعذب كلماته.
((قرأت رسالتك وقبلت كل حرف لأني أحسست أنك كتبتيها بنبض قلبك، صدقيني في داخلي حمم شوق لم تبرد أبداً)).
انشرح صدري وتألق وجهي بالبشر، لكزت ميس بكوعي وأنا أغمز لها بطرف عيني قائلة:
((لقد روضت الأسد)).
عاد إلى البيت وهو يحمل باقة ورد كبيرة.
صرخت مبتهجة ((اللون الأحمر!)).
قال لي: أعرف أنك تحبين هذا اللون.
قلت له: ليبقى الحب في كامل عنفوانه.
قضينا هذا اليوم الجميل نلهو ونلعب ونتحدث كما لو كنا في شهر العسل، وجدته أليفاً، لطيفاً، حنوناً، يشع حيوية ونشاط، انقلب إلى عاشق متيم، وهذا الغم المقفل ثرثر إلى درجة خلت إنه لم تعد لي طاقة كافية للإصغاء له، فكل انهماره كان سيل محجوز داخل سد كبرياءه، مندهشة كيف للرجال قوة إرادة على تغيير جلدهم في لحظة.
من يصدق هذا المخلوق الطري اللين الناعم هو نفسه ذلك الجبّار المتعنت، المستبد.
سألته ونحن في غمرة التوهج:
((قل لي ما هو مفتاح قلبك السري؟))
قال مازحاً
((افتح يا سم سم؟))
ضربته بخفة على كتفه أستميله بنعومة.
((أرجوك حبيبي صارحني، لا أريد أن نقع في فخ الخصام ثانية)).
استعدل في جلسته وبدا جاداً في حديثه:
((لست رجل صعب كما تظنين، فأنا بسيط إلى أقصى درجة الكلمة الحنونة تأسرني والعاطفة تلين قلبي، أحسست لفترة ما أنني أحبك بحرارة وأتودد لك باهتمام لكن معرضة، جافة، نشاطك وأعمالك تستحوذ على اهتمامك فجف لسانك وخفت نبضك وفترت عواطف، فإذا بمشاعري تتجمد وإحساسي يخبو، كان في داخلي رغبة شديدة في إغاظتك ومشاكستك، حقدت على كل أعمالك وحياتك التي أخذتك مني)).
صدقوني..
لم أدافع عن نفسي أو أبرر، فكل ما كان يهمني في هذه اللحظة استفراغ الكم الهائل من شحنات الغضب الرابضة في صدره.
كثير منا يعتقد أن شريكه مخلوق مجسد من العيوب وهو في الحقيقة انعكاس لأعماقنا الداخلية، فما أحسست به صلباً أو قاسياً إلا لأني كنت كذلك في واقع نفسي.
بعد ليلة حافلة، ويوم كرنفالي بهيج رقدنا نتهامس على وسادتنا وقبل أن يستسلم جليل للنوم سألته بفكاهة.
((جليل، ما هو برجك؟))
فكّر هنيهة ثم أردف:
((لا أعرف بالضبط!)).
قلت:
((أعتقد الثور))
قطب جبينه
((ماذا تقصدين؟))
((تاريخ ميلادك يثبت ذلك))
((لا إنه تاريخ غير صحيح قد سجله والدي افتراضاً)).
وهنا أدركت سخافتي وسطحية أفكاري فلابد أن نعود إلى أنفسنا، وذواتنا وحياتنا ونقيمها بشكل منطقي وعقلاني كي نسيطر على زمام الأمور وبشكل لا يسمح للسعادة أن تتسرب من عشنا السعيد.

همسة:
((ضعف المرأة له لذة رهيبة في قلب الرجل فهو ذاته من يرفعه إلى الرفق بها والتلطف معها)).






ÊæÞíÚ ; بِـنَـتَ الُـهِـوَآِشْـمْ

ãÚáæãÇÊ ÇáÚÖæ
بِـنَـتَ الُـهِـوَآِشْـمْ


بِـنَـتَ الُـهِـوَآِشْـمْ

عصفوري متالق
عصفوري متالق



ãÚáæãÇÊ ÅÖÇÝíÉ
تاريخ التسجيل تاريخ التسجيل : 20/03/2011

عَدَدَ الَمّشّآرّكآّتّ عَدَدَ الَمّشّآرّكآّتّ : 976

العمر العمر : 28

الجنس : انثى

البلد : البحرين

العمل : طالب

المزاج : تعبانه

منـــــ اجمل ما خط القلمـــــــ^^ 21356410


منـــــ اجمل ما خط القلمـــــــ^^ Vide




( حُـب إلكـترونــي )
من واقع الحياة
حـبَّ إلكترونـي
همسة: (من الحماقة أن نعالج خطأ بخطأ أكبر منه).


كنت بانتظار مولودي الثالث وقد شعرت بحملي هذه المرة أثقل من الحملين السابقين، خسرت رشاقتي وخفتي، وبدت أطرافي منتفخة كالإسفنج المشبع ماءً، ودبلتي التي طوقت أصبعي سنوات طويلة تضيق به الآن، حتى قدماي ارتويا بمحلول الحمل وانفرط حجمهما فاضطررت احتذاء مقاساً أكبر وحذرتني الطبيبة من زيادة الوزن رغم اتباعي نظام غذائي صارم.
أقف أمام مرآتي كل صباح مفزوعة فحجمي يكبر ومظهري يتبشع بانحلال معالم حسني، المساحات المنحوتة قد غرقت في السمنة وطفحت فتساويت طولاً بعرض، وحاولت أن أبرز مواطن الجمال في طلتي فما وجدت شبراً سليماً، فالرقبة المحتقنة تدنو إلى الأسود، وبقع الكلف تطفلت على الوجنتين النضرتين فاختلطت ألواني ببعض وصرت وجهاً كاركاترياً يرسمه طفل صغير، وانعكس هذا التغيير على نفسيتي سلباً إذ تعكر مزاجي فلم أستطع التكيف مع حملي هذه المرة، الأحاسيس القاتمة غزت تفكيري والرؤية الضيقة طغت على مشاعري فشملني نوع من الخمول أشبه بالبيات الشتوي لبعض الكائنات الحية، أحاول أن أهرب إلى النوم درءاً للضيق والانقباض الذين كبلاني دوماً، ففي المساء أسترخي على الكنبة باتجاه التلفزيون وأشاهد معظم المسلسلات المعروضة على الفضائيات العربية حتى يخطفني المارد إلى غفوة طويلة، حاولت أن أخرج أنفسي من دائرة الروتين لكني فشلت لأني لا أجد فيّ العزم والأمل لأكافح وهني فأسقطني العجز فريسة للفشل والإحباط، بات يزعجني كل شيء في الحياة وتغضبني
الأشياء التافهة، لم ألتفت إلى المناخ الكئيب الذي استفاض مني وحول بيتي إلى جحيم، صراخي، عنفي، سأمي، زوجي حينما يهون عليّ الأمر أنفجر وكأني قنبلة ملغومة، كل هذا يحدث ولا أعرف لذلك سبباً واضحاً اللهم إلا هيئتي المضحكة التي جعلت مشيتي المتمايلة يميناً ويساراً كمشية البطريق الساذجة.
إحساسي أنني غير مرغوبة في عيني زوجي يفجر غيرتي من الظباء الحسان اللاتي انزرعن حولنا كالأشجار رغم حلفه لي بأغلظ الأيمان أنه لن يتلفت لأخرى مهما بلغ جمالها من الفتك والفتنة، فأنا في نظره أجمل النساء على وجه الأرض، الانفعالات التي تكهرب علاقتنا باستمرار وتشرخ بيننا الثقة، أبكي لأسباب أختلقها وهماً وأحفز دوافعها داخلي لأهاجمه، هربت إلى أمي لأنضوي تحت دفء جناحيها بحثاً عن الأمان فتحسسي المفرط من هفوات زوجي وشكوكي الغير مبررة ورطتني في مشاكل كثيرة وقد نصحتني أختي الكبرى بالهدوء حتى لا يتضرر الجنين بعصبيتي فيؤثر على صحته النفسية مستقبلاً.
وحان موعد ولادتي فهجعت روحي المتهيجة فور أن خرج (بدر) إلى الدنيا ليطرد معه فضلات وساوسي وقلقي، انتظمت خلال فترة قصيرة معادلات جسدي الكيميائية فانخفضت حدة مزاجي وهنا خططت لأسترجع علاقتنا بعد سلسلة طويلة من المشاحنات الصبيانية، وعولت على مولودي بأنه سيوثق رباطنا ثانية بعد أن يغفر أخطائي، فعندما زارني (سعيد) في الأيام الأولى ألفيته متكلفاً متبرماً بعد أن كان لصيقاً بي طوال فترة نفاسي وكأني عروساً في يوم زفافها، وانتظرت هديته الثمينة التي أتوقعها بعد كل ولادة فما أعطاني سوى الجفاء والإهمال، فعيناه كقطعتي ثلج أقرأ فيهما شروداً وحيرة، تجاذبنا حديثاً مقتضباً أثار ريبتي، سألته:
- سعيد ما بك؟
أطال التفكير ليفاجئني:
- متى ستعودين إلى بيتك؟
- ربما سأبقى شهران آخران لأني متعبة جداً وأحتاج إلى رعاية أمي.
كان ضجراً وهو يلمّح لي أن البيت غير مستقر بدوني وحاجة الولدين وتبرمهما باستمرار، فطلبت منه أن يتركهما معي على أن يقوم السائق بتوصيلهما للمدرسة، اعترض:
- ولِمَا لا ترعاكِ أمك في بيتك؟
- ولمن تترك مسؤوليات بيتها؟
وقف مستعداً ليخرج:
- لا أدري من سن هذه القوانين السخيفة؟!
شحت زياراته، وإذا التقاني بدا متكلفاً لا متلهفاً رغم أني كنت أستعد لاستقباله وأنا بكامل زينتي.
عبّرت ابنتي (نهى) عن سأمها من أبيها فهو دائم الانعزال في حجرة المكتب محتضناً جهاز اللابتوب ولم يفكر أبداً في الترفيه عنها وعن أخيها.
شعرت بالاطمئنان، يكفيني أنه لم يبارح البيت طوال فترة غيابي لكني لم أنتبه إلى وضعه النفسي خلال هذه الفترة فقد ألّح عليّ بشدة لأرجع إلى البيت وادعيت أن الوقت غير مناسب نظراً لظروفي الصحية المتذبذبة، في الحقيقة استمرأت الراحة في بيت أبي، كنت أنام والمولود في رعاية أمي والخدمات التي تخفف عني عبء المسؤوليات وثقل الواجب فتراخيت في العودة إلى بيتي وأوهمت نفسي أن في بعدي عنه اشتعال لأشواقه.
وعدت بعد برهة إلى بيتي نضرة، مشرقة ومتجددة لكن استقباله كان بارداً وجافاً إذ تشاغل عني بأشياء أخرى ومضى يتابع البرنامج التلفزيوني وكأني غير موجودة، لاحظته مضطرباً يجتنب الاختلاء بي ويتعمد البقاء مع الولدين في الصالون، لم تنطلي عليّ هذه الحيل فبعد أن رقد الولدين في سريرهما جئت لأسأله:
- سعيد، هل في حياتك امرأة أخرى؟
اضطرب وتلعثم، أنا؟! بالطبع لا.
سددت إليه نظرة عميقة لأستنطق خباياه:
- في عينيك تختبئ امرأة!
أخفى ارتباكه بابتسامة ساخرة:
- عجيب أمرك.
- سعيد لا تهرب مني، ضع عيناك في عيني.
- كفاكِ هراء.
حاولت أن أصدقه وبررت أن تخميني خاطئ وعولت على خلوتنا ففي الملابسة يتفسر المبهم وينكشف المستور، توددت إليه ملاطفة وأنا أعرض عليه نفسي بقميصي الحرير وتسريحة شعري المثيرة:
- سعيد ما رأيك بشعري؟
أجاب كمن عرضت عليه مسألة حسابية:
- جميل.
استدرت بالقميص وقد انحسر عن ساقين بضتين:
- هل استعدت رشاقتي؟
- ليس بعد.
تماديت في التعبير عن أشواقي وإلحافي عليه لعلي أستثير مشاعره لكنه استمرض ومسد بطنه:
- منذ فترة وأنا أعاني من القولون العصبي.
غنجته، دللته، داعبته، انتفض كمن لدغته عقرب وادعى أنه ذاهب إلى الحمام.
انفجرت حممي فواجهته:
- لا تكذب.. إن في حياتك امرأة.
عاد بعد فترة قصيرة ليطفئ ضوء الأبجورة ويرقد في سريره.
- نامي الآن قبل أن يستيقظ بدر من نومه.
- أتهرب من الحقيقة؟
زمجر فانتفض الطفل في سريره.
- الحقيقة هي أني نعسان وأريد أن أنام.
غرقت في إحباطي فخلعت القميص وغسلت وجهي من المكياج وألقيت نفسي على فراشي باكية وقد أرقني التفكير فهرب النوم من عيني.
أصبح الصباح ونحن متخاصمين حتى أنه خرج دون أن يتناول فطوره وتركني أغلي كالبركان ومع ذلك تصبرت لعلي جرحته بفراقي الظالم ولم أحذر الأثر السلبي الذي انحفر فيه فابتلع كل حنانه وطيبته، راقبته عن بعد وطليت معاملتي بمسحة من النعومة واللين لأكسب ثقته وتحذرت من التقريع والتأنيب حتى لا يتمادى في صمته وغموضه لكني لم أجده إلا جليساً في البيت قليل الخروج والتحجج بأسباب الهروب كما يفعل البعض ممن لهم علاقات سرية، وهاتفه أيضاً كان ملقى على الطاولة ولم يبد أي اهتمام لرنينه أو رسائله فهو لم يكن حذراً أو مترقباً، ليست هناك مؤشرات على وجود أخرى في حياته.
وما لفت نظري ذلك السلوك الطارئ عليه، إدمانه على الإنترنت، يدخل حجرة المكتب فترة طويلة في الوقت الذي أنشغل في رضاعة المولود، حمدت الله عز وجل أن حياتي بعيدة عن الخطر، فالإنترنت عالم يدمنه معظم الناس صغاراً وكباراً ولا ضير في ذلك طالما كان يرتع ويلعب في إطار مملكتي!
بيد أن هروبه مني يثير شكوكي، اضطررت إلى إحراجه:
- سعيد ألا تعتقد أن الوضع غير طبيعي؟
- أنا مريض، هذا كل ما في الأمر.
- وهل مرضك هذا لا علاج له؟
- أحتاج إلى فترة من الزمن كي أشفى.
- وما مرضك بالضبط؟
- مرض نفسي.
- وما هو؟
ثار فترك المكان:
- هل هو تحقيق؟
لكني غير مقتنعة، فالزوجة التي تعاشر زوجها سنين طويلة يمكنها أن تقرأه بسهولة وتشخّص كذبه الأبيض من الأسود.
زارتني أمي وأختي صباحاً فاضطررت بفعل الضغط النفسي الذي أعيشه أن أصارحهما بمشكلتي طلباً للمشورة والنصح، فلم يأخذا حديثي مأخذ الجد والاهتمام لظنهما أنني إنسانة مفرطة الإحساس أبالغ في انفعالاتي وأضخّم المشاكل خصوصاً في فترة النفاس الحرجة، حيث تجيش عاطفة المرأة بشكل مضاعف ولكن ثمة خيط التقطته أثناء انهماكنا في الثرثرة، أشارت أختي في سياق حديثنا عن معاناة الزوجات، أن زميلة لها في العمل قد ضبطت زوجها في خلوته وهو يشاهد فيلماً فاضحاً على شاشة الكمبيوتر وتداعيات هذا الموقف على علاقتهما، انتبهت إلى هذه الفكرة فربما تقودني إلى حل العقدة لكنني للأسف لا خبرة لي في تشغيل هذا الجهاز، بيد أني وجدت في أخي (هاني) المنقذ الذي أثق به، استعنت به فهو خبيراً في هذا المجال وقادر على فك الشفرات العصية والمعقدة واتفقت معه ذات صباح أن يأتيني سراً وأدخلته الحجرة وأغلقت الباب وراءه وبيسر وسهولة استطاع أن يدخل على البرنامج ويكشف المستور وأنا جالسة إلى جانبه أنتظر ما ستسفر عنه عملية البحث، شهق أخي وهو يبحلق في الشاشة مذهولاً، اقتربت منه متسائلة:
- ماذا وجدت؟
قهقه ساخراً:
- أجمل العروض!
وقعت عيناي على امرأة بمشاهد مثيرة وبأوضاع مخزية، جفلت مستنكرة:
- إذن كنت مستغرقاً يا سعيد في القذارة.
وتابع أخي وهو يضغط على أزرار الكمبيوتر للكشف عن الخبايا بينما ألقيت نفسي على الكرسي مأخوذة من شدة الصدمة، رجل يهجر زوجته من أجل وهم كاذب.
وانبرى أخي يقول وعيناه لا تبرحان الشاشة:
- واضح أن بينهما علاقة غرامية فحوارهما ساخن جداً!
ويقرأ أخي لأسمعه، فهو من طلب منها أن ترسل له صورها، عدت ثانية لأشاهد المرأة بتمعن وكأني بي أعرفها.
سألت أخي وأنا أقلب ذاكرتي بحثاً عن اسم هذه المرأة، يبدو أني رأيت هذه المرأة من قبل، وأكد أخي:
- نعم أعتقد أنها في نطاق معارفنا.
استهجنتها، كيف تسمح لنفسها فعل هذا القبح ألا تخشى الفضيحة؟! وتذكرت ابنتي حينما اشتكت من إهمال والدها لهما وانشغاله بالكمبيوتر أثناء غيابي.
استأذنني أخي ليخرج:
- هل من خدمة أخرى أقدمها لكِ أختاه؟
- شكراً أخي.
- لا تقلقي فهي نزوات عابرة يحتاجها الرجل لسد فراغه.
مسحت دمعتي:
- كيف لا أقلق وأنا أعيش مع رجل غائب عن الوعي، جسده حاضر معي لكن روحه مع امرأة أخرى، فلربما يخطط للزواج منها.
- اطمئني هذه النوعية من النساء لا يظهرن في حياة الرجال علناً، إنهن طارئات سرعان ما يبتلعهن الزمن ويلفظهن في الحاوية.
وجلست أفكر في مشكلتي وأنا حائرة هل أواجهه أم أتريث فلربما يثب إلى رشده ويلتفت إلى واقع حياته النظيف، فماذا قدمت له المرأة سوى متعة رخيصة وجسد مستهلك، قمعت غيرتي كي لا أنفجر فأدمر بيتي لعله في يوم ما يشمئز منها ويهجرها.
لم أجد أي خطوة إيجابية فاضطررت لمصارحته حول ما شاهدته على شاشة الكمبيوتر، أطلقت عيناه نيراناً مشتعلة:
- وكيف حدث ذلك وأنتِ لا تعرفين تشغيله؟
- لا تهرب.
أصر على مهاجمتي:
- كيف فتحتِ الجهاز؟
- عرفت فليس بالأمر المعقد.
شدني من ذراعي فأرعبني بنظراته وهو يستجوبني:
- أجيبي وإلا دفعتِ الثمن غالياًَ.
فصرخت وأنا تحت الضغط:
- أخي (هاني) فتح الجهاز.
صفعني على خدي معنفاً:
- فضحتيني.. انتهكتِ أسراري وكرامتي، لن أغفر لكِ هذه الخطيئة.. اخرجي من بيتي في الحال.. اخرجي.
فقدت شعوري:
- سعيد.. أجننت.. احذر أن يغلبك الشيطان.
- اخرجي لا مكان لكِ في بيتي.
رجعت إلى بيت أبي ومازلت معلقة لا أنا زوجة ولا مطلقة .. وليته يُطلق عليّ رصاصة الرحمة لأستريح من هذا العذاب.

منـــــ اجمل ما خط القلمـــــــ^^ 498460






ÊæÞíÚ ; بِـنَـتَ الُـهِـوَآِشْـمْ

ãÚáæãÇÊ ÇáÚÖæ
بِـنَـتَ الُـهِـوَآِشْـمْ


بِـنَـتَ الُـهِـوَآِشْـمْ

عصفوري متالق
عصفوري متالق



ãÚáæãÇÊ ÅÖÇÝíÉ
تاريخ التسجيل تاريخ التسجيل : 20/03/2011

عَدَدَ الَمّشّآرّكآّتّ عَدَدَ الَمّشّآرّكآّتّ : 976

العمر العمر : 28

الجنس : انثى

البلد : البحرين

العمل : طالب

المزاج : تعبانه

منـــــ اجمل ما خط القلمـــــــ^^ 21356410


منـــــ اجمل ما خط القلمـــــــ^^ Vide




الـقـبـيــحــــة
من واقع الحياة
القبيـحـة
همسة: بالبصيرة نرى ما لا نراه بالبصر.


بالرغم من بشاعة طلتي إلا أني راضية بقدري ولم يشكل لي هاجساً مزعجاً، بيد أن هذا الهمّ لا يبارح أمي بل ينحت داخلها قلقاً مزمناً خصوصاً عندما تركب بنات الأسرة قطار الزواج وأبقى في المحطة وحيدة، فمن يملك قدرة جبارة على أن يهضم وجهاً بهذه الدمامة؟ ثمة هاتف يراودني باستمرار أن الله عز وجل قد ادخر لي في طيات الغيب زوجاً مختلفاً عن كل رجال الأرض وأعلل نفسي بهذا الأمل وأنا في قناعة تامة.
تدهشني نظرات الشفقة في عيون الناس حينما أخطر بقامتي القصيرة الناحلة، تقفز البغتة على لسانهم (مسكينة، كي هي قبيحة)، ابتسم ابتسامة تحمل مضامين عميقة لا يفهمها إلا النوادر!
ربما لو رسمت كاراكتير وجهي لكان أبرز ما يثير الضحك أنفي الأفطس والعينان الضيقتان المنسيتان على وجه مستدير في سذاجة، تصاحبني الفتيات الشحيحات الجمال كي يبرزن حسنهن في مقارنة تصالحهن على ذاتهن، أغض الطرف عن هذه التفاهات بابتسامة تحمل مضامين عميقة لا يفهمها إلا النوادر!
نهم الرجال إلى فتنة النساء في عالم فضائي مشبع بالإثارة والجنون تقلق كل أنثى تفتقد ذات المعايير الخلابة لكني أنطلق في فضائي الخاص بابتسامة تحمل مضامين عميقة لا يفهمها إلا النوادر!
دعتنا إحدى القريبات إلى حفل زواج فجئن بنات خالتي لينقبن في هيكلي الطيني عن منبع حسن فما وجدن إلا عمق قاحل، أقرت نسرين (يمكنك ببعض عمليات التجميل إصلاح عيوبك).
وباستعلاء الواثق أسرح شعري وكأني أجمل فتاة، يتبادلن نظرات الدهشة خلسة وأمي تقف خلفنا تترقب ملهوفة لعلي أقتبس من ضياء الحسان الملتفات حولي بعض من النور، تفرقن بعد يأس ولكني صامدة في إيماني بذاتي فكل محاولات ابنة خالتي (نسرين) باءت بالفشل.
أسمع أمي تقترح: (لو قصت شعرها!).
نسرين يائسة:
- على العكس، فالشعر الطويل يغطي أذنيها الكبيرين.
تضع (سهيلة) في قدمي خفين بكعب عالٍ:
- سيضيف إلى طولك بعض السنتيمترات.
حاولت أن أتوازن في مشيتي المرتكبة لكني هويت على المقعد:
- لم أعتد عليه، آسفة جداً.
خبت دوافعهن وعيونهن تنضح حيرة، وجه أمي المكفهر المنعكس في المرآة وقد اغتمت بشدة يثير شفقتي!
التفت إليهن قائلة:
- دعوني وشأني فهذا هو المقدّر لي من رب العباد، وهو سبحانه أعلم بتصاريف شؤوني.
في إبهار عبرت (وسن) ابنة خالتي الصغيرة:
- سبحان من كملّ عقلك، فهدوءك وبرود أعصابك حجة علينا، فمنذ أسابيع ونحن مستنفرات في قلق متأهبات في جهوزية تامة كل همنا أن نظهر أمام الناس في أبهى حلة وأجمل طلة.
وبررت أمي:
- هذه المناسبات كفيلة بالانفتاح على الناس وفرصة لتوطيد علاقتنا بهم بقصد تزويج بناتنا.
وعقبت جازمة:
- كل شيء بأمر الله وإذنه.
- أكيد بإذن الله يا ابنتي لكن عليكِ بالسعي.
استنكرت:
- أسعى في أي شيء يا أمي؟ أن أخادعهم بزينة كاذبة وبريق خدّاع.
أردفت وسن:
- تحتاجين هذا البريق لخطف الأبصار!
لم يؤثرن في قناعاتي، قلت:
- هذه أنا، بملامحي، بصورتي، بهيئتي، إن لم يجد أحداً فيّ ضالته فلا أفرض نفسي عليه.
أمسكت عن الكلام مستقرئة في وجوههن ردود الفعل، لكني عقبت بهذه المقولة:
- والزواج قسمة ونصيب.
خرجن بعد هذا الاجتماع وهن يسترجعن أفكارهن بشيء من الشك.
غادرت معهن إلى الحفل بشعري الأسود المنبسط بنعومة ووجهي المنشق عن ابتسامة عميقة لا يفهم مضمونها إلا النوادر.
كلهم مساكين!
لا يدركون إلا ذلك الصلصال المعجون بالدم، أديم الأرض المسحوق تحت أقدامنا فبصيرتي هي مرآتي الحقيقية التي أعرض عليها نفسي فينكشف جوهر الجمال المدفون وأجدني في منتهى الجمال وفي منتهى النور، ينقدح من أعماقي ضوءاً يخترق ظاهر الطين وسطح الجسد ليشف عن حورية مذهلة الحسن قامتها تشمخ حتى السماء الدنيا محبوسة في تركيبها البدني معتقلة في سجن من طين أراني في كل حين واقفة على شفا روضة غنّاء، فيحاء، ترفل في جنائنها ملائكة ونساء كالحور أغرف من ثمارها الشهي لذة تغنيني عن لذائذ الدنيا الزائلة، وهناك من يأتيني كل مساء بشوق جامح ليمنحني أطيافاً من النشوة وفي ارتقاء يجنح بي نحو كمالات السعادة الأبدية في معراج روحي يسبق الزمان وطاقة الإنسان القاصر، هل يفهم هؤلاء الناس انعتاق الروح والذوبان الأعمق حتى الغياب عن الوجود.
طفت آفاق فضاء لا محدود فانتزعت ذاتي الملتصقة بهذا الجلد المشوه الذي كان يحميني من رجال هم في أدنى مراتب الكمال.. اشتكيت لمحبوبي بعد أن حطت أرواحنا المنتعشة على سرير النور وثوبي الأخضر السندسي يغطي جسدي اللؤلؤي.
ترهقني العودة إلى الأرض وأمي المسكينة لا تفقه لغتي، اغتسلني بأمطار أنفاسه فشربت من معين عينيه الصافيتين ذوب الحب السرمد.
(سأهبط إلى الأرض كفارس خلاص).
أفقت من غيبوبتي وقد اضمحلت عن ناظري تلك المشاهد النورانية والتي تراودني كلما صعدت درجة في سلم الكمال، فالجبل الذي تسلقته سنين طويلة حتى بلغت القمة، استنزف جهدي وإرادتي، فجأة وجدت نفسي أبصر من فوق عالماً صغيراً، حقيراً، تافهاً يتلظى تحتي بسعار الرغبات المميتة للروح والقاتلة للهمة، وصعودي لم يكن وليد صدفة أو محاولة تجربة بل قرار اتخذته منذ وعيت أني تعيسة في الحياة ولا أعرف سبب تعاستي، وسألت نفسي (هل قباحتي هي السبب؟) لكني وجدت أجمل نساء الأرض يترمضن على جمر الشقاء والتعاسة، هل لأني يتيمة الأب فكثير من أيتام العالم سعداء بحكم العظمة والسؤدد الذي حرصهم في سيرهم نحو القمم.
وسألت مئات الأسئلة فما وجدت الأسباب التي افترضنها مبررات للتعاسة حتى اهتديت إلى سر وجودي في الحياة وذلك حينما داهمتني نوبة ربو فاختنقت وكدت أن ألفظ روحي وتراءت أمامي أشباح ضبابية وهياكل نورانية غريبة ولون الدنيا يتلاشى من أفق حياتي، ومذاق الموت المرير بنكهة حادة يتغلغل فيّ فيحبس شهقتي، وانتبهت بعد صحوتي أني منتشية بالدنيا رغم تعاستي ولازمني رعب فراقها فترة طويلة فشئت أن أبدد هذا الخوف والذعر، أقدمت على قراءة المصحف والاستغفار وصلاة الليل والتهجد في الأسحار وانطويت على هذه الحقيقة أعلل نفسي بأمنيات الفوز بالرضى والتسليم، وهنا اكتشفت سعادات بطعم ألذ مذاقاً، وانغمرت في العمق حتى الأعمق، زهدت الدنيا وروضت حواسي على ترك المعاصي ونأيت بنفسي عن مجالس الغيبة والنميمة، توحدت في عالم أصفى حتى تلاشت كل الألوان إلا الأبيض الأنقى، واقتطفت من جنان سيري المعنوي زهور سعادتي الدائمة النضارة، قطعت مراحل صعودي بصبر وتأمل ووقفت في كل محطة وحيدة أتلفت حولي فإذا بالناس غير الناس الذين عرفتهم، صرت أرى صوراً ملكوتية تناقض حقائهم الباطنية، فعيناني قد تحررتا من عقلة المادة وأضحى بصرهما حديد ينفذ بعمق إلى منابت الكائنات.
الارتقاء بالنفس لا يعرف حلاوته إلا من روض روحه على الزهد ومزق شرنقة المادة التي تضيق عليه الخناق وتقطع عليه طريق السفر إلى الله.
انتظرت فارس أحلامي كما وعدني.. لم يحدد لي الزمان أو المكان، زوجي المقدر في عالم الذر لابد أن نبحث عن مبررات الالتحام المادي في الدنيا، فكرت أمي بترميم بيتنا العتيق، إنها إمنيتي لاستقطاع جزء صغير من مساحته للحديقة، إذن نحتاج إلى مهندس يعيد التصميم.
- (محمد عبد السلام) مهندس بارع صمم بيت ابني.
هكذا أقنعتنا جارتنا (أم صلاح).
وذهبت إلى مكتبه، شاب أمين، ترتاح لعينيه المحلقتين خلف أسوار الدنيا، يحدثني بصوت ترحل فيه الحمائم البيضاء إلى أعشاشها في الجنة، تجاذبنا بلغة لا يفهمها الناس وبنبرة لا يسمعها البشر حتى أدركنا الأمنية المختبئة منذ دهور، فكان البيت وكانت خطوبتي صدمة لم يفق منها الناس إلى على حفل زواجي.
يتأملني بعينين تشهقان دهشة:
- لم أرَ من هي أجمل منكِ.
العيون المتلصصة يتطاير منها شرر الحسد:
- مهندس جميل وغني، كيف رضيّ بهذه القبيحة!
- انظري كيف يلتهمها بعينيه!
- كأنه لم يجد لها مثيل في الدنيا!
- إنه الحظ ذلك اللاعب الماهر الذي يقهر كل أسباب الفشل!
- فعلاً محظوظة!
- لكن ألم تلاحظي أن تحديقهما ببعض فيه كثير من الغرابة والغموض!
- نعم إنه يحلق ببصره إلى شيء بعيد!
- هذا يؤكد أنه مسحور!
ابتسم تلك الابتسامة العميقة التي لا يعرف مضمونها إلى النوادر!



منـــــ اجمل ما خط القلمـــــــ^^ 251101






ÊæÞíÚ ; بِـنَـتَ الُـهِـوَآِشْـمْ

ãÚáæãÇÊ ÇáÚÖæ
بِـنَـتَ الُـهِـوَآِشْـمْ


بِـنَـتَ الُـهِـوَآِشْـمْ

عصفوري متالق
عصفوري متالق



ãÚáæãÇÊ ÅÖÇÝíÉ
تاريخ التسجيل تاريخ التسجيل : 20/03/2011

عَدَدَ الَمّشّآرّكآّتّ عَدَدَ الَمّشّآرّكآّتّ : 976

العمر العمر : 28

الجنس : انثى

البلد : البحرين

العمل : طالب

المزاج : تعبانه

منـــــ اجمل ما خط القلمـــــــ^^ 21356410


منـــــ اجمل ما خط القلمـــــــ^^ Vide




رحـيـق الأيـــــام
من واقع الحياة:
رحيـق الأيـام
همسة: (من غير ألـم سـوف لن تتعلم). مثل روسي.



لا أحد يتخيل كيف يقذفنا القدر من شاهق الثراء إلى قاع الفقر، عندما تتلقى كارثة بهذا الحجم لن تجد نفسك إلا كيان محطم.
عشت أجمل سنوات عمري ملكة، أتنعم بالحرير والفراء، أمشي كإحدى أميرات الأساطير عزاً ومهابة، امتلكت القصر العامر بالنعيم، الثياب الفاخرة من أرقى دور الأزياء العالمية، الحقائب، الأحذية، العطور، الماكياج، السيارات، كل شيء تمنيته تحقق ملء خاطري.
فزوجي رجل أعمال محنك يعرف بدهاء كيف يحيل التراب إلى ذهب، فما من صفقة غامر بها في جولاته التجارية إلا وهطلت بعدها أمطار الدولارات علينا وفاضت وربت حتى غرقنا بنشوة البذخ والترف.
ولنا قصر عريق في أرقى أحياء العاصمة، حينما يمر العابر عليه صدفة يحبس أنفاسه إبهاراً ودهشة، فكل فنون المصمم الإيطالي (فيليب) قد انصقلت في روعة هذا البناء، إذ يحسبه الناظر تحفة ورثناها عن سلاطين الأتراك أو أمراء الأندلس.
وظننت أن نبع الثراء لن ينضب ونهر النعيم لا يجف فأقبلت أغرف من بحر الدنيا بشراهة وأسكر برحيقها اللذيذ ولن أفق إلا لأنهم المزيد من ملذاتها الخرافية حتى شاءت إرادة الله عز وجل أن أصحو على صدمة حياتي فقد خسر زوجي ثروته بعد صفقة غامضة استنزفت آخر دولار من جيبه، حاولت أن أعرف بواطنها المشبوهة لكنه يهرب من المواجهة، هل استغفلك الزمن ليرديك في قعر الهاوية؟ رحلته الأخيرة إلى جنيف تركت داخلي قلق وارتياب فالعد التنازلي لثروته كان ينذر بكارثة غير متوقعة وعولت حينها على إمكاناته المدخرة في تغطية الخسائر لكن الزمن استحمقني وضرب ضربته القاضية وخلفنا رماد.
اتصلت سكرتيرة مكتبه تخبرني بانهياره المفاجئ، خرجت إليه كالمجنونة ودخلت قسم الطوارئ في المشفى الذي أسعفه في اللحظة الأخيرة، ألقيت نفسي عليه مذعورة:
- جاسم، جاسم.
كان مستلقياً كجثة هامدة، وفي ثورة اضطرابي لمحت انحراف فكه، سألت الطبيب مدهوشة:
- دكتور خبرني ماذا حصل؟
شدتني الممرضة من ذراعي بعيداً عنه.
وعدت أستفسر مرة أخرى وأنا جزعة:
- طمئني يا دكتور.
- جلطة مفاجئة.
صعقني الخبر فأفقدني التركيز:
- لماذا؟ كيف؟.... و....
الحقيقة التي يلقيها الطبيب بكل برود:
- ربما صدمة شلّت دماغه.
عدت إليه واهنة، محطمة، أهزه ملء يأسي:
- جاسم.. أستحلفك بالله أن تجيبني.
رمقني بنظرة منكسرة اغتالت كل ما تبقى من آمالي فيه.
حجز البنك على كل ممتلكاتنا ومقتنياتنا الثمينة ولم يبق لي سوى صندوق مجوهراتي احتفظت به ذخيرة لليوم الأسود.
أفقت بعد هذه الزوبعة على نفس محبطة يائسة.
رمقت الشارع عبر نافذة الحجرة وشعرت أن الدنيا حولي مقفرة وأن الحياة الضاجة صمتت كالقبر، أدبرت عني فرحة الأيام ليكشر القدر بأنيابه متوعداً بالشر.
انتظرت مبادرات أولادي خارج البلاد لعل حضورهم يخفف عني وطأة المأساة لكنهم سلقوني بألسنة غلاظ، فالدجاجة البياضة أردتها الأيام موارد البوار فما عاد لوالديهم جدوى، بحثت عن سكن مناسب يأويني وزوجي بعد أن غادرنا الخدم والسائق والفلاح وفقدنا كل مقتنياتنا من أثاث وأنتيكات ثمينة لم يبق لي سوى ثيابي، ممتلكاتي الخاصة، ذكريات حفرت داخلي تاريخاً لا يُنسى، فلكل ثوب قصة ومناسبة أذكر ثوب الساتان التركواز اشتريته من متجر روما بعد أن ولدت ابني البكر (سامي) بأشهر، ومعطف الفراء كان هدية صلح من جاسم بعد فترة خصام مريرة، وثوب السهرة الذهبي أعجبني حينما كنت أتبضع في محلات مونترو بسويسرا، اشتريته لأحتفل مع جاسم بعيد زواجنا العاشر، ذكريات ترسو على رصيف الذاكرة فتعصر قلبي وتسيل دمعتي، لكني قررت أن أقف على قدمي وأسبتسل كي أواجه الحياة القاسية بشجاعة، فزوجي مخلوق عاجز عن النطق والحراك، وأولادي بعيدون عني لابد من وقفة مع نفسي لأسترجع قوتي، المهم أن أتعايش الظرف وأتكيف عليه دون تذمر، فهي تجربة مرّة تستخلص معادننا وتغربل بواطننا لنعرف حقيقة أنفسنا، المهم أني تقبلت الواقع على مساوئه وشكرت الله على هذا البلاء وانطويت على نفسي في بيات آمن كي أنفض من ذاتي ما علق بها من شوائب الماضي، اعتزلت الناس بعد أن رموني بسهام الشماتة والتشفي، فالحساد حولنا كانوا يتربصون حتى تحين ساعة هلاكنا بعد خيبات مشؤومة.
تجاهلت المحيط حولي وتغلغلت إلى ذاتي لأستكشف جواهري الدفينة، فهل أنا كائن معدم من أية مزيّة؟ هل أنا صفر على الشمال؟ هل أنا دون الثراء خواء؟ هل أستسلم وأدفن نفسي حيّة؟ ماذا عليّ أن أفعل لأعيش، لأقاوم هجمة الإحباط على حياتي؟ لن أغرق مع كهل مقعد، تركني لوحش الأيام فريسة، فالمحنة هذه جردت الناس من أقنعة النفاق والرياء وبرهنت لي أن الأقارب والأصدقاء المتملقون كانوا أول الناس فراراً وآخرهم عوناً وسنداً ولا عجب أن ينقلب أولادي على ثعالب بعدما أعلن والدهم إفلاسه، فقد عززت الحياة المادية نزعة الشر فيهم فتلوثت دمائهم بالأنانية والنفعية، لهذا قررت أن أحارب لوحدي وأستعد للمرحلة القادمة بكامل قواي فأنا إنسانة لي عقل وروح وقدرة وعليّ أن أتصالح مع نفسي وأقيم طاقتي لأثب وثبة نمرة جريئة واشق الدرب بعزم وإرادة.
قررت البحث عن عمل فبعد سنين التقاعد استحوذني الكسل والفتور فخمدت كل مواهبي وخبت قدراتي واستقرأت الماضي لأقف على إنجازاتي فيه، التفت إلى محطة هامة ربما لم أنتبه إليها تماماً لعدم الحاجة، أما الآن فهي ذات قيمة ونفع، فقد تميزت بصناعة كعكة الشوكولاتة وتفننت في الخلطة إلى درجة التميز فكان كل من يذقها يسألني مدهوشاً عن سرها فلها مذاق عميق ونكهة غنية، لم أبح بهذا السر الذي بلغته بعد تجارب عدة، كنت فيما مضى أصنع هذه الكعكة بمزاج رائق ولم أفكر أنني لو عززت هذا التميز لكان مدعاة لصناعة اسم أو ماركة، فالثراء الفاحش والنعيم الطاغ قد يشغل الإنسان عن حاجاته الجوهرية كالنجاح وتحقيق الذات وهما ثمرتا عمل وكفاح وأنّى لي أن أستوعب هذه القيم طالما كل ما تشتهيه النفس ملء عيني وكفي.
جذبت ولفرط إدماني على التفكير في العمل (أم مشعل) وهي سيدة طيبة تمتلك مقهى نسائي يؤمه طالبات الجامعة والموظفات، وعرضت عليها كعكتي على سبيل التجربة فإن راقت لها يمكن أن أزودها بثلاث كعكات يومياً ومنحتني الفرصة، قررت أن أجهز مطبخي بلوازم العمل فاشتريت عدة المطبخ والمواد الأولية لصناعة الكعك كالطحين والسكر والحليب والمنكهات المعطرة.. بعد انتهائي من طهي الكعكة غلفتها بورق سليفان وربطتها بشريط ذهبي وطرت إلى (أم مشعل) بأمنية قلبي، اندهشت من طعمها اللذيذ وطلبت رقم هاتفي لتتصل بي بعد أن تختبر مدى إقبال االزبائن عليها، وعدت إلى بيتي أترقب النتيجة على قلق وفي المساء هاتفتني (أم مشعل) وبشرتني أن كعكتي التهمت على الفور حتى أن زبوناتها طلبن المزيد، لا أعرف كيف أصف مشاعري وأنا أتلقى هذا الخبر، يكفيني أني حلّقت في سماء الفرحة طرباً أرفرف بجناحي النشوة والسرور، ثمة أشياء بسيطة مرت علينا زمناً لم نعرها أي اهتمام تغدو الآن ذات دلالات عميقة في أنفسنا.
انغمرت في عملي الجديد أجني الأرباح وأجمع مبالغ جيدة، تحفزت أكثر لتطوير هذه الكعكة بإضافة نكهات جديدة، انهالت طلبات الزبائن على هذه الكعكة في أعياد الميلاد والحفلات فاضطررت أن أضاعف ساعات عملي، النجاح فتح شهيتي إلى المغامرة في أعمال أخرى لتطوير المقهى، وبعد فترة اتخذتني (أم مشعل) شريكة مناصفة في مشروعها وكان لابد من طلب عمالة تساعدنا في إنجاز العمل وكنت أدخل مواقع الإنترنت الأجنبية لأتعلم بعض الأفكار ولأطوّر صنعتي لأتماهى مع ذوق الزبون المتغير، بعد فترة أصبح المقهى من أشهر مقاهي العاصمة وأكثرها تجدداً وتطوراً.
انفصلت عن شريكتي (أم مشعل) فقد انتظرت ذلك اليوم الذي أستقل فيه بنفسي خصوصاً وأني ادخرت مبلغاً مناسباً يساعدني على إنجاح مشروعي الخاص، فأخذت ترخيصاً للمحل بمساعدة أحد أقاربي ودرست الخطة جيداً لأنطلق بحماس وشجاعة وأنا أحصد ثمار غرسي، وكان لابد أن أهزم اليأس وأتخلص من وضع بائس وأنا أجلس قرب رجل محنط لا حراك فيه ولا حياة، أطعمه وأسقيه فأذوي وأموت معه منتحرة بلا جرم أو جريرة، فانهماكي في العمل يجعلني أكثر تقبلاً لحياتي الجافة وأكثر تكيفاً لمتغيرات الزمن القاسية.
في هذه المحطة بالذات شكرت الله عز وجل وأنا باكية لأني أدركت ذاتي قبل أن تضيع في الفراغ والخواء، فحياتي في الماضي ذات بريق زائف فالتخمة شغلتني عن نفسي وكينونتي ، ففقدت طعم الأشياء ومذاقاتها الحقيقية، لبست الحرير وداخلي حجر أصم، حينما تكافح تجني ثمار جهدك فتبتهج ذاتك المنتجة وهي تتفتح كالزهرة الندية على حياة كلها عطاء وعمل.
ذاك هو الرحيق الذي يرشح من أيامك المرّة عندما تعرف كيف تطوّع الزمن لصالحك




منـــــ اجمل ما خط القلمـــــــ^^ 37857






ÊæÞíÚ ; بِـنَـتَ الُـهِـوَآِشْـمْ

ãÚáæãÇÊ ÇáÚÖæ
بِـنَـتَ الُـهِـوَآِشْـمْ


بِـنَـتَ الُـهِـوَآِشْـمْ

عصفوري متالق
عصفوري متالق



ãÚáæãÇÊ ÅÖÇÝíÉ
تاريخ التسجيل تاريخ التسجيل : 20/03/2011

عَدَدَ الَمّشّآرّكآّتّ عَدَدَ الَمّشّآرّكآّتّ : 976

العمر العمر : 28

الجنس : انثى

البلد : البحرين

العمل : طالب

المزاج : تعبانه

منـــــ اجمل ما خط القلمـــــــ^^ 21356410


منـــــ اجمل ما خط القلمـــــــ^^ Vide




قصة قصيرة (حـوريـة الجنــة)
من واقع الحياة
همسة: (العفّة قيمة سماوية لا يدركها إلا الشرفاء).
حـوريـة الجنـة
استيقظ على عتمة إلا من بصيص نور يغمر المكان من شق صغير في سقف الحجرة، تلفت حوله مستحضراً ذلك الكابوس المرعب، شعر بالعطش فبحث بمشقة عن ماء فما وجد سوى صفيحة معدنية مهترئة فيها النزر القليل، شربها بنهم رغم تعكرها، اتكأ على الجدار منهاراً فالتعذيب الذي لقيه نهاراً أفقده الوعي وترك أطرافه دامية ووجه متورم من أثر اللكمات القاسية التي تلقاها من قبضات عملاقة، لم يَرَ وجوههم إنما حفظ أجسامهم الضخمة التي فاحت منها نتانة أثارت اشمئزازه، والصوت المكثف يلتقطه من شبح ينتصف الحجرة متخفياً بدخان سيجاره يظهر بشكل واضح عندما تختفي الأذرع الممتدة لتعذيبه، يسأله:
- من هو قائد المجموعة؟ اعترف.
- أقسم بالله العظيم إنها تهمة كاذبة فأنا إنسان لا يد لي في هذه الأمور.
الصرخة تقلعه من جذوره:
- كذاب، فقد أثبت رجالنا المخلصون أنك كنت مجتمعاً مع مجموعة مخربة.
- أنا بريء، كيف تريدني أن أعترف بشيء لم أفعله أبداً.
لكمة قوية تدوخه فيشعر بدوار وأوشك أن يسقط إلى الأرض لكن كفين قويتين تتلقفانه.
يرش رذاذ الماء البارد على وجهه:
- أفق لتعترف بالحقيقة.
قضى (عماد) أيامه خلف قضبان الظلم يصحو نهاراً على التحقيق الوحشي ينهش لحمه ويسلخ جلده بكرباج الجور الغاشم.
ما ذنبك يا عماد؟ ما هي جريرتك؟
شاب في مقتبل العمر له من الوسامة والجاذبية ما أوقعه في براثن امرأة جبّارة ذات فتنة ونفوذ، تذكر يا عماد نبي الله يوسف (عليه السلام) حينما استحسن كرامة السجن على الحرية المبتذلة، لونه القمحي المعجون بحمرة المغيب وعينان فتاكتان قهرتا امرأة متزوجة اعترضته حينما توظف في شركة زوجها خرافية الثراء، لمحته واقفاً إلى جانب زوجها الكهل الذي تراخى جسده وانحنى عوده فكان شبح رجل، يتباحثان في شؤون العمل، كان مطرقاً بمهابة، صوته الأجش ينساب كتيار دافئ فوق صقيع قلبها، جسده المفتول يتفجر قوة وشباباً، عنفوان الرجولة يتدفق من نظرته المتنمرة، حينما دخلت استأذنها وخرج منحني الرأس، الجاذبية الممغنطة فيه تركت إشعاعه متوهجاً برغم غيابه.
سألت زوجها وهي تتبع عماد بنظراتها:
- أليس هذا الشاب بن الحاج عبدالله؟
رد زوجها رغم انهماكه في قراءة التقرير:
- إنه (عماد حسين) صائغ برامج توظف قبل شهر.
استحمقت وتظاهرت بعدم الاكتراث.
رفع زوجها عينيه عن الملف ثم تساءل:
- نورتيني بزيارتك.
طوقته بذراعيها ممهدة الطريق:
- أعجبتني سيارة (بي أم) جديدة ذات لون أحمر فلم أصبر مررت عليك لأخبرك عنها.
ولم يجادلها فرضاها غايته.
- حاضر ستكون ملك يديكِ.
قبلته واتخذت لهجتها الجدية:
- إذن لن أعطلك سأسبقك إلى البيت.
فور أن خرجت من مكتب زوجها سألت أحد العاملين عن قسم الكمبيوتر فقيل لها في الطابق الثالث، وهرعت من فورها إلى المكان الذي اكتظ بأكبر نسبة من الموظفين تحرجت بعض الشيء فكلهم يعرف مدام (نور) زوجة مالك الإمبراطورية المالية وأجمل سيدة مجتمع عرفها الناس، مطمع الكاميرات المتعطشة إلى الجمال المدهش والأناقة الباريسية الأخاذة، ترصدها الصحافة أينما حلّت أو ذهبت، ذات مشية ملكية تفيض أنوثة وطلة مهيبة تدير الأعناق.
حبست الموظفات أنفاسهن انبهاراً حينما خطرت أمامهن بجمالها الباطش ورونقها المتجدد، من يصدّق أنها على مشارف الأربعين، فالخصر منحوت والبطن ضامر والوجه قمري في استدارة طفولية بديعة، تهافتوا حولها بحفاوة فأظهرت التقدير والثناء وبررت حضورها المفاجئ بحاجتها إلى صائغ كمبيوتر مميز يستطيع أن يبرمج جهاز الكمبيوتر الجديد الذي اشتراه ابنها.
تسابقوا لتقديم هذه الخدمة حباً وكرامة بحماس مبطن بنفاق لكنها اختارت عماد.
انبرى أحدهم بشيء من الحسد:
- إنه موظف جديد لا خبرة له.
وبررت:
- لكنها فرصة ليثبت مهارته!
طأطأوا رؤوسهم أمام صاحبة الملك متظاهرين بالطاعة.
وبنبرة رصينة فيها من الوقار قالت موجهة حديثها لعماد:
- أستاذ عماد، سنكون بانتظارك غداً في الساعة التاسعة صباحاً.
شعر عماد بالزهو والافتخار أمام زملائه الذين تغامزوا فيما بينهم بإشارات ذات مقاصد سيئة.
صوت الحارس الواقف عند زنزانته:
- العشاء.
- تنهد عماد بحرقة فهو يعرف أنهم يأتون بالعشاء كل ليلة ليتقوى جسده على التعذيب في النهار.
- لا أريد العشاء.
زمجر الرجل فكان لصدى صوته دوياً مرعباً:
- وهل ستبت على الجوع كما فعلت في الليلتين السابقتين؟
- أرجوك لا أريد هذا العشاء، الخبز اليابس المعجون بالحصى والرمل سبب لي آلاماً وتقرحات في المعدة، أعطني ماءاً لأتوضأ.
اختفى شبح الرجل وقع أقدامه وهي تبتعد يشعره بالاطمئنان.. ورجع إلى ذاكرته ليسترجع الحدث والصباح الذي أشرق في حياته بنكهة مختلفة حينما ذهب إلى (مدام نور) استقبلته بلهفة واحترام شفّ عن امرأة متمرسة بطقوس الضيافة، جلس في الصالون المطل على حديقة فيحاء تتوسطها نافورة تمثل جسد امرأة عارية تحمل على كتفها دلو ينسكب منه الماء، كانت تعيش طرازاً ملكياً لم يعرفه إلا في القصص الخيالية، فهو شاب بسيط من أسرة متدينة تحفظ تقاليدها الصارمة برغم تبدل أطوار المجتمعات، شاغلته بأحاديث خاصة لا علاقة لها بالعمل وكان ينتهز الفرصة بعد كل وقفة ليسألها محرجاً عن جهاز الكمبيوتر كي يؤدي مهمته وينصرف، لكنها تبرر أن ابنها قفل باب الحجرة ولا تدري أين وضع المفتاح فأبقته حتى عودة ابنها، شرب (عماد) العصير المثلج وهو منكمش غائص في مقعده- .
عرضت عليه أن يدربها على برامج الكمبيوتر وإذا أمكن توظيفه في مكتبها بعد الظهر لأنها كما أخبرته بصدد مشروع جديد، لم يستطع أن يرفض لها طلباً، لكنها استحلفته أن يتكتم هذا السر لئلا يحسده الموظفون في الشركة! وستضاعف أجره بالتأكيد، وقد ظن عماد أن صاحب الشركة على علم بمشروع زوجته فكان راضياً مستسلماً للقرار الجديد ولم يفطن أبداً إلى نواياها وما تضمره في سريرتها رغم الإشارات الواضحة التي تمهد له الطريق، لأن جل تركيزه كان في عمله وفي مضاعفة راتبه لكي يتسنى له أن يتزوج ويبني أسرة، وقرر أن يجتهد ويبذل ما في وسعه ليكون على مستوى عالٍ من الكفاءة حتى كان ذلك اليوم الذي خلا فيه مكتبها من السكرتيرة وبعض الموظفين استفردت به فغلقت الباب وأخفت المفتاح في الدرج وهي الفرصة السانحة لمحاصرته.. أقبلت عليه في مكتبه بعد أن كشفت عن مواطن فتنتها.
وبصوت يختلج:
- عماد.
ارتبك، وجدها متأهبة، تنتفض، يتضرج وجهها حمرة، تفترسه بعينيها الوقحتين.
- منذ رأيتك وأنا أتعذب.
وقف مذعوراً:
- معذرة سيدتي سأرحل في الحال فقد انتهيت من عملي.
هاجمته وهي تشده بقوة وأنفاسها تلهث:
- لا.. أرجوك لا تتركني، اجلس معي سأعطيك المال والجاه والمنصب، فقط أريد أن تبقى لي صديقاً حميماً.
ابتلع ريقه واضطرب:
- سيدتي أرجوكِ.
وشعر بفحيحها المتوهج كاللهب فوق وجهها الظالم الحسن والرغبة الشيطانية تعمتل داخلها، اختلت رؤيته وتذبذبت إرادته، إنه المأزق الذي يجعله على مفترق طريق، مشى بخطى مرتبكة نحو الباب فوجده مغلقاً.. تذكر يا عماد (يوسف الصديق) عندما غلّقت زليخا الأبواب وأخلت القصر لتهيئ مناخ الفاحشة، قاوم يا عماد كما قاوم يوسف امرأة العزيز أجمل نساء زمانها، لكنه نبي معصوم أما أنت فشاب محروم وقعت بين كفيك أشهى تفاحة فلا تفوت الفرصة، وتستبد (نور) في غوايتها المحترفة مستجدية استجابته بمذلة، وكاد أن يجن ويفقد صوابه لكنه أغمض عينيه متخيلاً العجوز (أم عمران) بوجهها المتغضن ويديها المبتورتين وفما الضامر كانت تشحت في طرقات الحي، تتفاوت الصورتين ويتناقض المشهدين فترتبك أحاسيسه وينطفئ السعار كلما اشتعل.. فاضطر أن يفك رباط حزامه وهو يلهث، ابتسمت منتشية بالظفر، ها هو يستعد، استرخت وقد فترت عينيها، لكنه خيب أملها حينما رفع الحزام ليسوطها ويقهر شيطانه ويهزم النمرة الضارية.. انتفضت قواه الخيّرة فتراجعت نور خائفة مذعورة تغطي وجهها بكفيها لتحميه من ضرباته القاسية وهي تصرخ:
- أيها المجرم.. توقف.. توقف عن الضرب.
وكأنه يخوض أشرس معركة في حياته:
- افتحي الباب وإلا قتلتك في الحال.
ضمرت فتنتها وانكمشت كفأرة حقيرة ملطخة بالوحل تمشي نحو الباب وهي تتعثر حوفاً، فتحته فهرب من قبضتها الناعمة ومن شباكها العفن الذي سيستدرجه إلى قاع الخطيئة الآسن.
لكنه دفع ثمن عفته باهظاً، انتقمت منه نور شر انتقام، حينما لفقت له تهمة انتساب إلى مجموعة مخربة وكان مدير السجن متواطئاً في خسة بعد أن قبض الثمن مقدماً، قبض على عماد وهو يصلي الفجر صائماً شاكراً ربه أن نجاه من هذا البلاء.
اقترب موعد صلاة الليل وتهجده في وقت السحر، الساعة الغريزية داخله تحدد له مسارات الزمن بدقة، كان يتقوى بالنبي يوسف (عليه السلام) ويتعظ بمحنته وبلاءه.
نادى الحارس:
- يا عم، أريد الماء لأتوضأ.
لكن الصوت أرجعه الصدى، تيمم في الحال واستقبل القبلة، فجأة شع نور أمامه وارتسمت في الأثير هالة على هيئة قرص كبير الحجم تقلص بالتدريج حتى انحسر عن وجه أبيض كاللؤلؤ، امرأة تخطف الأبصار بجمالها، خفرة، ذات ألق بديع وجسد ملائكي يفيض طهر ونقاء.
ارتجف حتى كاد أن يسقط مغشياً عليه، لكن المرأة الجالسة أمامه أخذت تناجيه بصوت كقيثارة الملائكة.
- أنا حبيبتك الموعودة في الجنة، أنا يا حبيبي أنتظرك بشوق حتى تنسلخ عن جسدك المادي لترجع لي محض روح.
مسدت رأسه وجسده فاسترد قوته وعافيته.
حدّق بها مبهوراً:
- من أنتِ؟
- أنا حورية الجنة جئت لأسليك في وحدتك.
تنهد:
- وكيف وجدتِ الدنيا؟
- الدنيا تغر الأحمق الجاهل الذي هجر نعيم الآخرة من أجل لذة زائلة.
- ومن أنا لتحبيني؟
- نحن حوريات الجنة لن نتزوج إلا الرجل الذي تعفف عن الحرام وزهد فتنة النساء في الدنيا وترمض صبراً وجهاداً.
اغرورقت عيناه بالدموع حينما تذكر غواية نور التي كادت أن تجره إلى أسوأ مصير.
- أسألك، وماذا لي في الجنة؟
- في انتظارك يا عماد باقة من الحور العين، ونهر من العسل واللبن، وطعام له مذاق لا يخطر على قلب بشر، أبشر فالسعادة السرمدية والحياة الأبدية هناك لا في الدنيا.
خفق قلب عماد فخرّ ساجداً شاكراً ربه داعياً يتضرع، يا رب حبك هو مبتغاي ورجائي، وما أكرمتني من نعيم فهو من فيض نعمائك وآلائك.
عانقته الحورية عناقاً حاراً فوهبت له قوة أ ربعين رجل فتفجرت ينابيع الحيوية والعنفوان وتسورت حوله هالة تتكسر عليها ضرباتهم الماحقة، فكلما هموا بتعذيبه يتطوق بغلاف غير مرئي لكنه متماسك كالفولاذ.. خارت قواهم فجعلوا يتهامسون في دهشة:
- من أين لك تلك القوة الخارقة؟!
وعكف على قراءة القرآن الكريم والمناجاة الليلية، يارب وهبتني هذه الكرامة ثمناً لصبري وجهاد نفسي فشكراً لك يا أرحم الرحمين.
وينتظر النور البهي كلما اشتاق إليها
- حوريتي أين أنتِ؟
إن السجن أحب إليّ من قصورهم، وأنتِ أحب إليّ من نسائهم الملوثات، فمعك السجن جنة من السعادة، وتفترش الحورية جناحيها النورانيين في حجرته وتجلس بين يديه مترعة بنضارة الجنة ومعطرة بريحانها العبق.
أسرك يا زوجي المنتظر أنك آتٍ وستزفك الملائكة لي عن قريب لنعيش في روضة من رياض الجنة.
رمقها بنظرة متسائلة:
- أجل حبيبي سيدسون لك السم في الطعام وستموت في ظرف ثلاثة أيام وتلحق بي في عشنا البرزخي حيث مستقرنا حتى يوم القيامة.
ومن ثم..
قيدت القضية أن السجين مات منتحرا



منـــــ اجمل ما خط القلمـــــــ^^ 364754






ÊæÞíÚ ; بِـنَـتَ الُـهِـوَآِشْـمْ

ãÚáæãÇÊ ÇáÚÖæ
بِـنَـتَ الُـهِـوَآِشْـمْ


بِـنَـتَ الُـهِـوَآِشْـمْ

عصفوري متالق
عصفوري متالق



ãÚáæãÇÊ ÅÖÇÝíÉ
تاريخ التسجيل تاريخ التسجيل : 20/03/2011

عَدَدَ الَمّشّآرّكآّتّ عَدَدَ الَمّشّآرّكآّتّ : 976

العمر العمر : 28

الجنس : انثى

البلد : البحرين

العمل : طالب

المزاج : تعبانه

منـــــ اجمل ما خط القلمـــــــ^^ 21356410


منـــــ اجمل ما خط القلمـــــــ^^ Vide





حب وانتقام
همسـة: إذا غشك صديقك فاجعله مع عدوك
بعد سنوات التقيتها صدفة في (الهايد مارك)، ميزتها بقامتها الفارعة التي انحنت بفعل الزمن، أسرعت الخُطى كي ألحق بها قبل أن تنعطف إلى الناحية الأخرى وحينما اقتربت منها تظاهرت بالدهشة لكني اقتحمتها دون مقدمات "هدى عبد الرحمن صديقة الماضي".
نظرت إلي في حيرة
"لا أذكر"
أعتقد أنها لم تفقد الذاكرة لأن ما حدث بيننا ذات يوم لا يُنسى، لم أيأس بل حاولت استحضار صور الماضي لعلها تفق من النسيان حتى أقحمت ذلك الاسم لأصدمها.
"جابر – خطيبي الذي خطفتيه مني".
تضرج وجهها فأدركت أنني سددت السهم في المرمى لكنها سرعان ما بددت عنها الحرج.
"يبدو أنك واهمة فلستُ أنا من تعنين".
"بل أنتِ بذاتك يا نجلاء عبد الله"
بان عليها الارتباك ومضت تنكر
"أظنك مخطئة"
"لو أخطأت كل الناس فلن أخطأ في تشخيصك يا نجلاء، فهناك من يترك في أعماقنا ندوباً لا تنمحي".
"وماذا تريدين مني الآن؟"
"أريد الحقيقة التي غابت عني عشرون عاماً".
بهتت نجلاء
"أية حقيقة؟"
- تنهدت وكأنما أنوء بعبء
"يجب أن نواجه بعضنا بصراحة، فقد كان لي يد في دمار حياتك.
انتفضت نجلاء فهوت على الأريكة فقد نكأت هدى جرحها الذي لم يبرء.
"نعم فقد تحطمت حياتي ولاكت سيرتي الألسن فخسرت كل شيء".
"أنا من فعلت ذلك، لأنك تركتيني أتعذب بعد أن خطفت جابر مني ففكرت بالإنتقام منكِ فقد اكتويت بنيران الحقد حتى لم يعد في قلبي رحمة أبداً فرحت أشوه صورتك بين الناس، كنتِ داخلي لعنة تطاردني، شيطان أحمق يستفزني لفعل كل القبائح والمنكرات حتى أشفي غليلي".
عنفتها نجلاء
أنا لم أخطف خطيبك فلو كان يحبك حباً حقيقياً لما تودد إلي مرات عدة فهو غير جدير بمحبتك.
"بل ينبغي أن تشكريني لأني كشفت حقيقته البشعة ولم أدرك إطلاقاً أنكِ كنت تضمرين لي كل هذا الكره والإنتقام".
"هذا تبرير ضعيف ولا يحتمل إلا معنى واحد وهو أنه قد هجرك إلى أخرى، ما يؤلمني خيانتك لي بعد أن أطلعتك على أسراري ومحبتي له فلطالما كنتِ تقولين أنه شاب نادر في إخلاصه حتى إذا ما واتتك الفرصة رحت ترمين شباكك عليه.
صاحت نجلاء في غضب
"وأين هو الآن؟ هل تزوجته لتحاسبيني؟ إنه أمر قد انقضى".
بكيت وأنا ارتجف:
"لكنه لم ينقضي بالنسبة لي، ما زلت أتذكره، في كل اللحظات الرائعة التي جمعتنا معاً، يعز علي أن تغدرين بي بعد أن استأمنتك على سري فإذا بطعنتك الغادرة تقتلني في الصميم، لم أجد بعد جابر طعماً لحياتي فإن كان لك نزوة فهو بالنسبة لي كل أيامي سنتان ونحن نحب بعضنا حتى خطبني وقررنا الزواج بعد أن أتخرج من الثانوية العامة وكنت شاهدة على كل اللحظات والتفاصيل الخاصة في حبنا وتتمنين أن تعيشي هذه المشاعر وتسألينني عن أدق الجزئيات التي كان يفترض أن أحتفظ بها لنفسي.
نهرتني:
"كاذبة، كاذبة يا هدى، أنتِ من كنتِ تستشيريني في بعض المواقف لأنك متشككة من نواياه فلم أكن متطفلة أبداً، وتأكدي أني لم أخطفه منك أبداً إنما كنت حكماً مصلحاً بينكما حينما تخاصمتما واتصلت به بناءاً على طلبك، لكنه....
صمتت نجلاء مترددة.
استحثتها هدى:
"لكن ماذا؟ أفصحي عما بداخلك أرجوكِ".
أطرقت شاردة
ماذا حدث أخبريني؟
"كان يشتكي منك كثيراً وأفصح لي ولأكثر من مرة أنكِ لست الفتاة المناسبة له وحاولت أن أردم الفجوة بينكما وأوصل ما انقطع بيد أنه كان نافراً منك".
غضبت
"لا أظن ذلك".
أتمنى يا هدى أن تستيقظي من وهم الماضي فإنها تجربة يمر بها الكثيرين لكنها تمضي ولن نقف نبكي على أطلالها.
"أنتِ من حطمت حياتي، ربما لا تعرفين ما حف بي من شقاء".
"وها أنا مثلك شقية في هاتف مجهول لزوجي الذي أحببته ينقلب العش الهادئ إلى جحيم من الشك والغيرة وفي نهاية المطاف طلاقي الظالم، فهل تشفيتِ وارتوى غليلك الآن؟"
تسمرت هدى في مكانها كالمأخوذة ولا تدري كيف تبرر موقفها فانبرت تقول.
"في وقت ما تناهبتني أحاسيس مدمرة وشغلت تفكيري خططاً شيطانية مبعثها الانتقام منك فقد غدوت بعد تجربة خطوبتي الفاشلة محطمة وكأن الدنيا أسودت في عيني بعد أن تبدد حلمي الجميل، تركتماني غارقة في الظن والشكوك أدور في دوامة مظلمة، خططتما أنتِ وجابر لحياتكما وهربتما عني كي تجتنبا ملامتي، فماذا تتوقعين ردود فعلي بعد أن تعرضت للغدر، تذكري أنكِ أخذتِ تتباعدين عني وتتحسسين مني وكنت ألمس تغيرك ناحيتي وبروده مني فلستُ بملاك أو قديسة لأغفر إنما فتاة منكوبة قد برّح بها داء عضال.
"وهل برء جرحك بعد أن انتقمتِ مني؟"
"الحمد لله أن السنين كانت طبيباً يداوي الجروح إذ طويت هذه الصفحة وتزوجت وأنجبت وآمنت في النهاية أنه قدري المقدر".
وفي عينين مغروقتين بالدموع تعاتبها نجلاء
وأنا بقيت وحيدة، مضغة في الأفواه. ألقيتِ بذار الشر ومضيت إلى حياتك ولم تعرفي ما ألم بي بعد طلاقي السريع.. وليتك سألتيني عن سر وجودي في لندن، منذ سنوات وأنا أعالج في مصحة نفسية، ما عدت أطيق العيش في بلدي ما عدت أحتمل نظرات الناس وطاف قطار عمري فما عاد لي أمل في زوج أو ولد فمن منا الخاسرة أنا أم أنتِ؟
قلت لها وأنا محرجة
"إنه استحقاق لما اقترفتِ من ذنب".
رمتني بنظرة ساخطة
"كم أنتِ لئيمة، ألم تتزوجي وتنجبي فماذا ينقصكِ الآن وماذا تريدين مني بعد هذه السنين عرفت الآن لما هجرك خطيبك الأول حتماً اكتشف قلبك القاحل وروحك الجافة.
- قولي ما شئتِ فأنتِ من جنيتِ على نفسكِ ولم يجنِ عليك أحد.
صاحت نجلاء
"إبعدي عني وإلا استغثت بالشرطة ليطردوك من هذا المكان".
ابتسمت في سخرية
"تذكري عزيزتي أنه كما تدين تدان"
وتركت الحديقة متجهة إلى السوق للتبضع فقد جئتُ لشراء لوازم زفاف ابنتي العروس وتشاغلت عن نجلاء بمعاينة الثياب المعروضة في واجهات المحلات بيد أن صورة الماضي لا تفتأ أن تقتحم مخيلتي وكأن جابر جزء من تاريخي، الحب الأول الذي ينغرس في الدم ولا يرحل فبحجم انتقامي كان حجم حبي لجابر، تزوجت من زوجي الحالي بعد يأس ومرارة بقرار انهزامي واستسلام من يدرك أنه انتهى في هذه الحياة وعشت حياة آلية ميتة استشهد فيها كل ليلة فتأتي آهاتي تختزلُ العذاب لا اللذة... أعرف أن نجلاء قد اجتذبت جابر بأحابيلها الشيطانية حينما وجدت فيه نموذجاً استثنائياً في الحب، نخرت كالسوسة فحطمت وصلنا فأردتني بعد الهجر قتيلة.
طفت محلات هارودر ومارك سبنسر بخطوات عصبية، منفعلة فكم الغضب داخلي لم يتنفس بعد حتى البائع أجفل عندما وجدني أفاصل في السعر بعدوانية وغضب، فكرت أن أجلس في المقهى لأطلب كوب شاي حتى ألتقط أنفاسي واسترد أريحيتي.
مازال صدري يغلي كالمرجل وكأنما الجرح تجدد، حاولت أن أهرب من التفكير وأطفئ الغربال المتقد متعوذة "أعوذ بالله من شر الشيطان الرجيم" عدة مرات وأنى لي أن أهدأ وقد غدا قلبي مرتع للشيطان يمارس فيه كل ألاعيبه وحيله حتى غرر بي فأوقعني في اثم الانتقام البغيض.
رن هاتفي بينما أن مشغولة الفكر، قرأت الاسم في الكاشف
"هذه سناء ابنتي"
"آلو"
وفي ثورة بكاء تفاجئني ابنتي
"ماما، طلقني عصام"
"اهدئي، اهدئي يا سناء وحدثيني بالضبط ماذا حصل؟"
لا أدري يا أمي فقد كنا نتناول فطور الصباح كعادتنا اختلفنا على حفل الزفاف إذ قرر إلغاء الحفل كي نسافر في أمر خاص بعمله لكني رفضت وأصررت على الزفاف واحتد نقاشنا ففقد أعصابه وطلقني".
"سأعود على أول طائرة، المهم أن تهدأي الآن".
حاولت أن أتماسك، ان أتجلد لكن داخلي بركان تضطرم فيه الحمم، نفثت من صدري فحيح الشر الكامن فيّ:
لعلها نقطة تحسب لصالح نجلاء




منـــــ اجمل ما خط القلمـــــــ^^ 522668






ÊæÞíÚ ; بِـنَـتَ الُـهِـوَآِشْـمْ

ãÚáæãÇÊ ÇáÚÖæ
بِـنَـتَ الُـهِـوَآِشْـمْ


بِـنَـتَ الُـهِـوَآِشْـمْ

عصفوري متالق
عصفوري متالق



ãÚáæãÇÊ ÅÖÇÝíÉ
تاريخ التسجيل تاريخ التسجيل : 20/03/2011

عَدَدَ الَمّشّآرّكآّتّ عَدَدَ الَمّشّآرّكآّتّ : 976

العمر العمر : 28

الجنس : انثى

البلد : البحرين

العمل : طالب

المزاج : تعبانه

منـــــ اجمل ما خط القلمـــــــ^^ 21356410


منـــــ اجمل ما خط القلمـــــــ^^ Vide




عيد زواجنا
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى: ((ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون)) (الروم/21).
مقدمة الزاوية:
بين الزوجين.. حبل موصول برحمة إلهية، مسكون بدفء فطري، احتياج غريزي، تناغم عاطفي، انتماء. قد يختلفان، يتباعدان، يتخاصمان، لكنهما برحمة الله ولطفه يعودان. هكذا كتب القدر الإلهي..توأمة خالدة..ذكر وأنثى، بهما ( يعتمر ) الكون.. لهما في كل حكاية موقف..ولنا في كل موقف عبرة.
عيد زواجنا
بقلم: خولة القزويني
قررت في هذا اليوم أن أحتفل بعيد زواجنا السابع، ولهذه الفكرة دوافع كثيرة، جعلتني أتحدى بها كل مظاهر البرود والرتابه في حياتي الزوجية مؤخرا،أحسست بزوجي (( أحمد )) متململا بعض الشئ ( يضج) صارخا لأتفه الأسباب وينتحل الأعذار ليهرب من البيت، وفي خلوتنا يتسربل بشرنقة الصمت، أحاول مجاذبته بدعابات لطيفة وكلمات ترشح حناناً بلسان رطب جميل لا يستجيب إلا مكرها ولا يبتسم إلا مرغما، ألتف حوله لأطوق تمدده اللاوعي وإذا به جبل من الجليد الثقيل ينكفئ صامتا..وعندما التفت إليه بشوق يخيل لي أن مقلتيه قطعتا ثلج فترتد روحي إلي الباطن مخذولة حاولت النهوض بهذا الكائن الزواجي الهامد لأشعل في أوصاله فتيل الحياة ينتفض ويسترد أنفاسه تفشل محاولاتي فأقف مذعورة في عيني صرخة تمرد.
وكانت مصادفة مهدت لي طريق هذه الفكرة
تباغتنا قبل يومين زميلتنا في العمل (( فتوح )) بخبر طلاقها المفاجئ مبهوتين نستقرء الحدث باسترجاع سريع، كنا ثلاث موظفات في مكتب واحد نرتشف قهوتنا كل صباح مع ثرثرة نسويه ممتعة، استدرنا حولها والقلق ينهمر مع الأنفاس المبهورة كأن الطلاق وباء معدي تضطر المتزوجه استنفار مضاداتها الدفاعيةللتحصن من فيروسه بغيظ تستعر (( فتوح )) (( خائن كذاب )) أحملق فيها طويلا مستدركة (( حتما كانت هناك أعراض استخفت بها فألقت مرساتها مطمئنة إلي سكون البحر)) استفرغت كل ما في مخيلتي من أسئلة دون أن أصل معها إلي حقيقة مقنعة أو سبب منطقي، تنفض كفيها في حسرة (( أظنه الملل الذي يداهم الحمقى من الرجال )).
وتلقي نوال عليها باللائمة (( ربما قصرت معه..أو..))
تقاطعها متهكمة (( بل كان قاصرا في عقله))
تتابع منال بانشداه (( رغم جمالك وأناقتك..))
وأسفر هذا الاجتماع الطارئ أن الرجال سريعو العطب ينبغي صيانة مشاعرهم كلما نضبت، وإذكاء عواطفهم بجذوة الشوق الملتهبه كي يتجدد حماسهم للبيت والا فالخطر قادم.
اتخذت ركنا هادئا منغمرة في فكر كئيب، وانطلقت بخيالي إلي حياتي المتذبذبة بكل ما فيها من صور متناقضة ما بين النضوب والجفاف وتركت للمنطق حضورا مستبدا، زوجي وزوج فتوح أحكام عامة تجرف الأخضر واليابس من الرجال دون رحمة..بيني وبين أحمد جاذب خفي رغم الهدوء الرتيب في التناغم اليومي..أظن المرأة هي الأقدر على تفعيل آليات التجاذب الذكوري والأنثوي تعرف بدهاء غريزي إذكاء مشاعر الرجل متى ما خمدت واستكانت..
وتفتق الذهن اليقظ على هذه الاحتفالية المميزة، الأربعاء القادم عيد زواجنا السابع..
سأعد خطة رائعة للخروج من هذا الاحتقان المستمر في العلاقة وأجدده بجماليات نادرة، اتفقت مع((أحمد)) أن ندخل معا في حالة من الانصهار لننسى في هدأة الانسجام الأنا المتمردة فينا، أخذت إجازة طارئة ليتسنى لي استغلاله بصورة نافعة أن أتوحد بأحمد يعني عزل الأولاد عن هذه الخصوصية، أخذتهم إلي شقيقتي للمبيت هذه الليلة. أحس أن لأنوثتي ضجيج داخلي معه سأكون امرأة استثنائية بتكوين آخر له طعم الملح والسكر، بعيدا عن الأمومة ونكهتها المملة أستحضر نغمة ساحرة كان لها وقع الخدر في عصبه.
يكمن في نبضي الآن دفق غزير إلي التحبب إليه بعنفوان الخفقة الأولى. طبخت (( اللازانيا )) بذراتي الخاصة متوددة إليه بكل تلقائية كي تمس كل وتر في أعماقه، في الماضي قال لي أن لها مذاق خاص في نفسه متبله ببهار الطيبه والحنان ينضحان من لمس أصابعي..غرفة النوم انسجمت مع الحدث الحميم بطقوس احتفالية، استبدلت المفرش القديم بآخر من الدانتيل الأبيض مطرز بخيوط الذهب، ورد التوليب الأحمر تركته على المنضدة المترقبة يتطلع إلي الليل كيف يرتشف النشوة بإبهار، منذ سنين يختبئ في أستاره مبللا بالبرد والوحشة تنهال عليه هذه الأمسية بأهازيج فرح كانت معتقلة سنين طويلة. صففت شعري الأسود كعباءة شهرزاد انساب بالبساطه التي تستهويه، دائما مبعثرا يتغنج مع لفتاتي المندهشة، تذكرت مزاجيته، مناخاته الخاصة حينما كنت أتجاهل مذاقاته في وجهي الباهت، يستعذب طعمه دون توابل. استفزازية كنت معه أخالف ذوقهبشغب عنيد..وأظن جمالي حلم خاص بذاتي أفسره بمزاجيتي وأهوائي.
تلفعت بثوب من الستان الأسود، استرسل بليونة على جسدي الغض وتطيبت بأذكى عبير ثم ألقيت نظره سريعه في المرآة وتوثقت من قوة سحري وبطش فتنتي حتى رضيت عن نفسي تماما.
جلست على جمر الشوق، عيناي ترنوان بقلق إلي الساعة كل حين، استحضرت الرسالة وثيقة حب تسن لنا قانونا مقدسا في حضرة الحب، رسالة أشكره فيها على الهناء والنعيم اجتزناهما على صهوة الشوق والحنان، معبرة عن احتياجاتي الخاصة التي لا ترى بالعين المجردة، ورغبتي في احتواء المشاكل والسلبيات حينما تعيق سعادتنا. تم كل شئ على وجه السرعة ولبثت في مكاني أترقب عودته دون إبطاء، أحسست بمزيج متناقض من السرور والفزع، فعقرب الساعة يخترق صمتي ويفجر قلقي بحدس غريب، أتصل بأحمد لا يرد، محاولات فاشلة، أولادي الثلاثة في مشاغبات مزعجة يتناوبون على الاتصال بي في كل حين، ماسج (( أعتذر عن التأخير فأنا في اجتماع طارئ)).
ثارت أعصابي، عدت لأتصل به مرة أخرى ولم يرد، يبدو أن الظروف قد تحالفت بأجمعها ضدي.
وانسدل ستار الشقاء على ذاكرة هادئة لتبقى سناء في عاصفة من الهواجس والظنون، منقبضة، منفعلة.
في مكان آخر، يقف أحمد على أهبة الانتظار، يترمض على جمر القلق ولهفت نفسه ل (( سناء )) وود لو جمع الدنيا بيديه وقدمها عربونا على إخلاصه، يعلم أنها مرهفة، سيتعكر صفوها إن طنت به الظنون، انه متحفز بشوق لينفخ في موات القلب حياة متقدة، عيناه مصوبتان إلي الساعة، المدير يتمادى في عرض المشروع باسترخاء ممل واسترسال رتيب، تململ (أحمد) في مقعده وود لو نبت له جناحين لطار بهما إلي سناء، أو تحول إلي مارد يختفي ما شاء له ذلك.
رجع بمخيلته إلي الوراء وتذكر بحنين (( دهشة عينيها اختزلت بهما كل عاطفة الكون، ضحكتها تصدح في النفس وتظل عالقة بالروح حتى كوشم غجري فاجتهد العقل المفتون بسحر بسمتها أن يصنع لوجودها قيمة محسوسة، البيت الفاره، الترحال المثير في مدن العالم، المال الوفير، يعمل ليل نهار كماكنة تدور وتطحن عاطفه من نوع صامت تناثرت خلف الأوهام وود لو أهلك نفسه من أجل أن تنعم بثراء أميرة.
وفي مجاذبة الحب تأتيني متشككة من صدق طويتي، متشبثة بحماقات غريبة.
(( لم تعد تحبني ))
وأعتقد أنها أساءت ما أقصد، فما كنت شاعرا لأكتب قصيدة ولا كاتبا لأنثر غزلا،بل رجلا رسم الدرب معبدا لحبيبة قلبه كي تتشامخ بكرامة محصنة بالمال،كفاحي، نشاطي، حسبتها ملكة تتهادى بأناقة متمردة اجتازت خطوط الموضه بمسافات، ترصدها العيون بإبهار.
ورهنت نفسي في العمل كي أنسى تلميحها الجارح
(( ماذا فعلت لأجلي ؟!!))
يا للزوج المسكين عصفت بك زوجة مدللة، متبطره وحرصت على استبقاء المظهر الهادئ وأعماقك تغلي غلي الحميم..
بعد أن عافت نفسي كل مافي الحياة من نعيم ونأيت بفكري عن كل ما هو مريب كي تبقى محبوبتي ساكنة وادعة، أكتشف أن للأنثى مزاجية متقلبة، الحب لعبتها السهلة، كلمات تتقاطع، أفقيا وعاموديا تحتاج أن تتذوق الأحرف برهافه حادة كي تستوثق أن ملامحها مغروسة في قلب الرجل عنوة.
تنهد أحمد
قلبه يضطرب، في ذاكرته خطة مدروسة، مازال يترقب انفراج الغمة
(( الاجتماع )) وعاد ليكتب ماسج آخر يعتذر عن التأخير.
الوساوس تنهب سناء فتطفو على السطح صور مشوهة مشاهد قاتمة لمواقف سلبية حدثت بينهما في الماضي..تذكرت في غمرة كربها تصريحات فتوح
(( انه يوهمك أنه في اجتماع ))
(( لا تأمني الرجال ))
(( صمتهم يعني مللهم ))
(( فتشي عن الأخرى في جيبه))
(( مهنة الرجال الكذب ))
أقبلت على مجلة تقرأها بفكر شارد وهي تصغي لأدنى حس يخيل لها في كل لحظة أنه سيفتح الباب، وتداعت الأفكار القاتمة في الذاكرة المتعبه ورسم لها الشيطان سيناريو ساخن جاهز للخصام وانتهت بالحكم الجائر عليه (( خائن ومسئ الأخلاق)) حتى كلمات الحب كان ينطقها مكرها تولاها اشمئزاز من حياتها، من زوجها، من كل شئ حاولت أن تربطه بمشاعرها الايجابية خلعت ثوبها متبرمة وأطفأت بقايا الشموع الذائبة مع خفقاتهما المضطربة ولاذت بفراشها مجروحه، ولا شئ يخمد نار كربها ويطفئ لهيب حزنها، انهمرت الدموع من مآقيها غزيرة.
فجأة..
دخل أحمد منهكا ثمة خدوش تناثرت على جبينه فزعت لمرآه
قدم لها لفافه بشرائط حمراء قائلا وهو يمسك خاصرته مترنحا
(( عيد زواج سعيد ))
صاحت به (( ما بك؟ هل كنت في معركة؟))
(( حادث))
غاصت في مقعدها دهشة وذعرا
وتابع بصوت مرهق
في الشهر الماضي لفتت نظرك فازه من السيراميك الإيطالي عندما مررنا بأحد المحال وقلت لنفسي سأسابق الريح من أجل اقتنائها لك هدية ولفرط السرعة اصطدمت بسيارة تناثرت قطع الزجاج على راسي لكن الحمد لله الاصابه بسيطة
صمت هنيهة ثم استطرد متأسفا:
(( اعذريني عزيزة قلبي كنت في غاية الألم لأنني سببت لك كل هذا الإرباك))
دنت منه ولهاثها يتصاعد بانبهار
(( كل هذا من أجلي))
يؤكد (( حتى لا يمسك أدنى انجراح))
(( إلي هذه الدرجة تحبني ؟))
(( وأكثر))
أغضت من طرفها محاولة الظهور بمظهر النادمة، المستغفرة على كل هذه الظنون السلبية حينما اختزنتها في حماقة واندفاع إذ أيقنت أن النوايا هي الفيصل في هذه المواقف.
رقت تقاطيعها فجأة وهي تحتضنه بعينين والهتين
(( اليوم تفتق عن جدار الصمت نبع حب كنت أظنه قد نضب واذابه انهمار وتدفق
في كل خلجة، وسكنة، عبرت عن ودك المكنون)).
تمعن في وجهها وأيقن من لمحات فكرها واضطرابات إحساسها أنها صادقة تبادر باستمرار على ضخ الدم في قلب حياتهما الهامدة.
طغى عليه شعور عجيب من المحبة والسرور فأحنى هامته باحترام ووقف يشدها من يدها قائلاً:
(( هيا عروستي الجميلة
فلنحتفل بولادة عهد جديد )).


منـــــ اجمل ما خط القلمـــــــ^^ 893858






ÊæÞíÚ ; بِـنَـتَ الُـهِـوَآِشْـمْ

ãÚáæãÇÊ ÇáÚÖæ
بِـنَـتَ الُـهِـوَآِشْـمْ


بِـنَـتَ الُـهِـوَآِشْـمْ

عصفوري متالق
عصفوري متالق



ãÚáæãÇÊ ÅÖÇÝíÉ
تاريخ التسجيل تاريخ التسجيل : 20/03/2011

عَدَدَ الَمّشّآرّكآّتّ عَدَدَ الَمّشّآرّكآّتّ : 976

العمر العمر : 28

الجنس : انثى

البلد : البحرين

العمل : طالب

المزاج : تعبانه

منـــــ اجمل ما خط القلمـــــــ^^ 21356410


منـــــ اجمل ما خط القلمـــــــ^^ Vide




زوجـةصـديـقـي
من واقعالحياة
زوجـة صـديقـي
همسة: من يقرأ المرأة قراءة واعية يمتلك قلبها للأبد.
فرقهما الزمن، وأخذتهما الحياة في دروب شتات، غادر (سليم) إلى أمريكا ليدرس علم الاقتصاد، بينما التحق (علي) في كلية الهندسة، جمعهما (الفيس بوك) صدفة فقررا أن يلتقيا في المقهى المجاور لمدرستهما القديمة.
جلس (سليم) في إحدى زوايا المقهى ينتظر (علي) وعيناه ترصدان الباب بلهفة، يتذكر (علي) زميله أيام الثانوية بقامته النحيلة وجبهة عالية وشت عن عبقرية مضطهدة لم تنفذ بعد إلى حيز التجربة.
صرير الباب يتواطء مع ضجره لكن هذه المرة لم يخب رجاؤه، لقد دخل (علي) وعيناه تحومان في المكان بحثاً عن (سليم) حتى وقعت على الشاب البدين الذي تطفر حمرة الحيوية في خديه النضرين، تعانقا طويلاً ثم أخذا مقعديهما.
علق سليم باشا:
(صورتك في الفيس بوك مختلفة عن حقيقتك تماماً).
(لقد كبرنا يا عزيزي وغزانا الشيب).
ثم مازح صاحبه:
(وأنت أيضاً يا سليم لم تفلت من قبضة الزمن فقد فضحتك صلعتك!).
وبحركة لا إرادية تلمس سليم صلعته وهو يحمر:
(للوراثة حق يا صاحبي).
سأل علي: أين تعمل الآن؟
- (تخرجت من أمريكا وأعمل في إحدى الشركات، وأنت؟).
- (أنا مهندس في شركة البترول).
ثم طلبا القهوة وبعض الحلوى وهما يستطردان في استحضار الذكريات أيام المدرسة وزملاء الدراسة وظروف الحياة وأوضاع البلد السياسية حتى انتهيا إلى الجانب الخاص الذي يحذره الإنسان دائماً لكنه ودون أن يعي يرجع إليه كنقطة مركزية في دنياه، سأل سليم صاحبه وبدون مقدمات:
- (وكيف رأيت الزواج؟).
انكمشت ملامح علي:
- (لا تذكرني بأتعس قرار اتخذته في حياتي).
دهش سليم: لماذا؟
- ( لأن لي زوجة أعوذ بالله منها، نكدية، عصبية، تكثر من الصراخ بدءاً من استيقاظها صباحاً وحتى ساعة النوم، لا تهدأ ولا تستكين، تنزل السلم وتصعده مئات المرات في اليوم الواحد، لا تكل ولا تمل، تصرخ بالأولاد وتتشاجر مع الخادمة، وتعاتبني، وتثرثر في الهاتف، إنها مزعجة إلى حد كبير، عندما تهدأ بعض الشيء لتسامرني في سهرة شاعرية سرعان ما تعود إلى طبيعتها فتقفز ذاهبة إلى المطبخ لتطفئ الموقد، أو لتجهز قالب الحلوى لابنها الصغير، زوجتي تتعبها الراحة ويرهقها النوم كأنها دينامو يعمل بطاقة جبارة وأنا بالمقابل متهم بالكسل والخمول والإهمال، أنا واثق من وضعي الطبيعي لكنها تعمل فوق معدلي بآلاف المرات.
قهقه سليم حتى طفرت الدموع من عينيه.
بهت علي:
- (لك الحق أن تضحك يا عزيزي لأنك لم تجرب حالة الطوارئ المزمنة في بيتي).
- (بالعكس يا علي فلتحمد الله أن وهبك زوجة متوقدة، حيوية، نشيطة، فهذا النوع من النساء لا يشيخ أبداً لأنها كالشمس تلتهب ناراً ونوراً فلن تخبوا معها أبداً، المصيبة عندي يا صاحبي!).
بُغت علي:
- (عندك؟).
تنهد سليم وهو يلملم أفكاره:
- (نعم يا علي، فزوجتي كائن محنط، جسد هامد، وكيان ميت، خاملة، عاطلة، ذات عزيمة خابية حتى وهي تبادلني الحديث تجتر الكلمات من حبال صوتها المرتخية بمشقة فأتململ منها لبطئها، لفتورها، أشعر كأني أغطس في ماء بارد، ساعات نومها أكثر من صحوها فالخادمة تدير البيت وترعى الأولاد وتطهي الطعام، تزعجني تلك الفوضى، أثور عليها وأتعمد تجريحها تتجاهلني وكأن الأمر لا يعنيها، بيتي بارد، كئيب، ممل، لأن ربة هذا البيت منطفئة فانعكس ظل كآبتها على كل من في البيت، تميل إلى الصمت وكأنها تمثال شمع، تأوي إلى فراشها في حدود العاشرة مساءً فتأتيني الخادمة لتتفقدني ما إذا كنت أحتاج إلى شاي أو قهوة، وقد تجرأت ذات ليلة فسألتني- لمِا أنت حزين يا سيدي؟ وهل بإمكاني مساعدتك؟- تخيل أن الخادمة تتحسس مشاعري عن قرب بينما زوجتي تهملني!!).
دهش علي:
- (يا للهول، إنها نقيض زوجتي تماماً).
- (أنت في نعمة يا علي وزوجتك مدهشة).
وتناهت في ذهن (علي) فكرة طريفة:
- (أنهما متطرفتان، زوجتي في نشاطها الوافر وزوجتك في خمولها الشديد، فماذا لو أذبنا خواصهما في بوتقة لكان الناتج مذهلاً).
- علق سليم: (ونقسم الناتج على اثنين نصفه لي والآخر لك).
وعاد سليم يسأل:
- (هل تزوجتها بعد قصة حب أم كان زواجاً تقليدياً؟).
- علي: (زواج تقليدي فقد خطبتها أمي بحكم اختلاطها بالعائلات المحافظة، فأنا لم يسبق لي أن مررت بتجربة حب لأني لا أؤمن بالحب أصلاً).
غام وجه سليم فانبرى يقول:
- (أتدري أني أحببت زوجتي قبل الزواج، فقد عرفتها جذابة في غموضها، ساحرة في هدوئها، مثقفة ذات عقلية راجحة، لم أتوقع أنها ستتغير بعد الزواج وستنطفئ بهذه السرعة، حتى أني أحياناً أشك ما إذا كانت صادقة في حبها لي، فالمرأة التي تحب زوجها تجتهد في إرضائه وإسعاده وتغار عليه إن أبدى إعجابه بامرأة غيرها).
قاطعه علي:
(الغيرة؟! فحدث ولا حرج فزوجتي بركان غيرة حتى أني أضطر عندما أخرج من البيت أن أقفل هاتفي حتى لا تلاحقني باستجواباتها المزعجة، والويل لي إن عدت إلى البيت فاقد شهيتي للعشاء لأنها لن تغفر لي أبداً هذه الجريمة إذ تحاصرني بأسئلتها الاستفزازية كما لو كنت آتٍ من موعد غرام قد أشبعتني الأخرى لذيذ الطعام).
(يا سليم أنا من أحسدك على زوجتك لأنها لم تقيدك بحبالها الغليظة وتطاردك بشكوكها المريضة وتتصيد عثراتك لتدينك بها، أشكر الله فأنت حر طليق).
استدرك سليم: (ألا تعتقد أن هذا من الحب؟).
سخر علي:
(حب؟ لا أريد هذا الحب، أريد أن أعيش كأي رجل طبيعي، أريد حريتي التي حرمت منها، فزوجتي قيد يشعرني بالتعاسة).
تمنى (سليم) في قرارة نفسه لو كانت زوجته بهذه الخواص بيد أنه كتم ذلك الإحساس خشية افتضاح إعجابه.
تساءل علي:
(ما بك صامت؟).
قال سليم بعد تفكير:
(سأكشف لك سراً طالما عذبني).
دنا علي بالقرب من سليم وهمس: (خيراً إن شاء الله).
- (لقد أخطأت مع الخادمة فقد قصدت ولأكثر من مرة غوايتي، ربما كان لحضورها الطاغي في حياتي موقع خاص، ففي كثير من الأحيان أقبل على زوجتي ملهوفاً لكن جفاءها يطفئ رغبتي فيها، كم تمنيت لو ألقي بنفسي في فيضان أنوثتها حتى الغرق لكن شواطئها الجليدية تصدم موجتي العارمة فأرتد محبطاً فاحتوت (سالي) هزيمتي واستولت عليّ بحصارها الدائم بالرغم أنها لم تكن جميلة أو يرشح منها ريق أنوثة، يحدث أن تشعر بفحولتك تراق بمهانة وليس حولك إلا الشيطان يتحفز لتلبيتك حتى السكرة).
استدرك علي مأخوذاً:
- (ألم تعرض زوجتك على طبيب فلربما تعاني من مرض عضوي أو نفسي فمن غير المعقول أن يعطل خمولها كل جوانب حياتها ويشل حراكها).
أطرق صامتاً ثم واصل:
- (أخشى أنك تبالغ يا سليم كي تبرر علاقتك بالخادمة).
انتفض سليم:
- (أعوذ بالله ليس لي علاقة بها إطلاقاً إنما كانت لحظة ضعف وانقضت، وقد ازدريت نفسي بعدها وقرفت منها وتمنيت لو أطردها من البيت لكن ليس لي بديل لرعاية الأولاد).
- (إذن خذ زوجتك إلى طبيب).
سخر سليم:
- (أنها تطير بخفة الفراشة إلى الحفلات والولائم لاستعراض أناقتها، فعندما تُدعى إلى هذه المناسبات يدب فيها النشاط فجأة وتتهندم بأفخم ما عندها من زينة وتهرب بحيوية الغزال خارج البيت).
- (أنا متأكد أن ثمة حلقة مفقودة بينكما وعليك أن تستشير أخصائي نفسي ليرشدك إلى مفاتيح شخصيتها، أشعر أنها تطوي أمراً غامضاً لم تتفهمه بعد).
تنهد سليم وتابع:
- (فكرت في طلاقها إذ لم يعد هناك مبرر لبقائها في حياتي).
- (لا تتسرع يا عزيزي حاول إصلاحها، توجيهها، ألم تصارحها بالمشكلة؟).
- (نعم صارحتها فردت بكل برود أن هذه شخصيتها ولن تتغير وإذا لم تعجبني فبإمكاني أن أتركها).
صمتا وهما يتبادلان النظر حتى انبرى علي قائلاً بعد تردد:
- (يبدو أنها لا تحبك).
- (وهذا ما تأكدت منه).
غمغم علي وهو يفكر:
- (المرأة لغز كبير، تبدر منها تصرفات غير متوقعة أحياناً).
استرسل سليم في حديثه:
- (العلاقة الزوجية التي ينقطع فيها التواصل بين الطرفين علاقة ميتة، فنحن لا نتحدث أبداً ولا نتشاجر ولم أسمع لزوجتي صراخ أو تذمر، فالزوجة التي تحتج وتصرخ وتعتذر إنما هي تريد زوجها، تريد أسرتها، حريصة أن تستقيم الأمور بالشكل الذي تعتقده صائباً وإن كان أسلوبها فظاً وغليظاً ففي النهاية تذكرك أنها تحبك وتلاحقك لأنك جوهرة ثمينة تخشى أن تخطفها الأخريات، فهذه نيتها، ضميرها، قد تخنقك، تستفزك، تبتز عواطفك، كل هذه الحيل تدور حول معنى واحد (هو الحب)، أنت لا تشعر بقيمة زوجتك يا علي لأنك مشبع، متخم، لا تعرف قدرها، بالضبط كمن لا يعرف قدر عينيه لاعتياده عليهما لكنه لو فقد بصره لأدرك أنه مات في هذه الحياة، اسأل من رقد على سريره دون لحاف كيف يرتجف من البرد، بينما تتلحف بلحافك لتدفأ، أيهما تفضل يا علي!).
أطرق علي وهو يرد بصوت خابٍ:
- (أكيد اللحاف الدافئ).
واسترسل سليم موضحاً:
- (المرأة إذا لم تدفئ زوجها وتحميه من برد الوحدة وصقيع الوحشة لا قيمة لها في حياته، لا أهمية لها في وجوده أصلاً حتى لو كانت صارخة الجمال، مثقفة، فأنوثتها الدافئة هي التيار الذي يسري في نسيجه ولحمه وعروقه ودمه فينبت في كيانه الحب ويتأصل مع الأيام فتأتي أخطاءها العرضية وزلاتها الغير مقصودة منغصات مزاجية يمكن أن تُغتفر، فالمرأة سكن الرجل والرجل سكن المرأة وهي ثوبه الساتر كما هو ثوبها الساتر كما يقول الخالق عز وجل (هنّ لباس لكم وأنتم لباس لهنّ)، هذا الذوبان والانصهار يعطي لحياتك وهجاً ومذاقاً فإذا لم تتحقق هذه الكيميائية كان لزاماً على الزوجين أن ينفصلا).
استعاد علي وهو يصغي باهتمام صورة زوجته، بإحساس مفعم، وبنظرة استكشافية، فالتهب الشوق في قلبه وتمنى لو يضمها الآن ملء صدره، تفاجأ بسليم يقف مستأذناً وهو يلقي نظرة خاطفة على ساعة المقهى:
- (أعتذر منك فإبني ينتظرني في النادي).
صافحه بحرارة:
- (كم سعدت بلقائك عزيزي وبخبرتك المدهشة في الحياة وأتمنى أن نتواصل).
- (بالتأكيد).
وافترقا كلٌ إلى غايته، وكانت غاية علي أن يشتري لزوجته باقة ورد، فقد حطم النظارة السوداء التي جنحت به إلى السلبية والسوداوية في استقراء شخصية زوجته البديعة.
دخل البيت والابتسامة تشرق في وجهه، نادى زوجته وهو يشع ابتهاجاً:
- (غفران، غفران).
أقبلت غفران ودبيب قدميها القويتين وهي تقطع السلم يُضحكه، فقد استرجع حديث سليم.. (تذكر أنها امرأة حيوية!).
بحلقت في الورد مندهشة.
بادر علي:
- (إنها تعبير عن تقديري وحبي).
سألته مرتابة:
- (ماذا فعلت لتغطي ذنبك بهذه الحيلة؟).
هزّ علي رأسه مردداً:
- (لا حول ولا قوة إلا بالله).


منـــــ اجمل ما خط القلمـــــــ^^ 893858






ÊæÞíÚ ; بِـنَـتَ الُـهِـوَآِشْـمْ

ãÚáæãÇÊ ÇáÚÖæ
حَ ـڼـاڼيڪَ ♥


حَ ـڼـاڼيڪَ ♥

☻المديره العآمهًٍ☻
☻المديره العآمهًٍ☻



ãÚáæãÇÊ ÅÖÇÝíÉ
تاريخ التسجيل تاريخ التسجيل : 18/09/2010

عَدَدَ الَمّشّآرّكآّتّ عَدَدَ الَمّشّآرّكآّتّ : 1678

العمر العمر : 30

الجنس : انثى

البلد : البحرين

العمل : جامعي

المزاج : مشوشه

الأوسمهوسام التميز2

2


منـــــ اجمل ما خط القلمـــــــ^^ Vide



قرات اول قصة وآجد عجبتني استفدت منها بعد


من المتابعين يا القلب ع الموضوع الرائع






ÊæÞíÚ ; حَ ـڼـاڼيڪَ ♥

ãÚáæãÇÊ ÇáÚÖæ
أم الدواااهي


أم الدواااهي

مشرفه مـــنتــدى الـتـرفـية و التسلية ..
مشرفه مـــنتــدى الـتـرفـية و التسلية ..



ãÚáæãÇÊ ÅÖÇÝíÉ
تاريخ التسجيل تاريخ التسجيل : 02/10/2010

عَدَدَ الَمّشّآرّكآّتّ عَدَدَ الَمّشّآرّكآّتّ : 985

الجنس : انثى

البلد : غير معروف

العمل : طالب

المزاج : استهبل

منـــــ اجمل ما خط القلمـــــــ^^ 78997rcj60tvyuu


منـــــ اجمل ما خط القلمـــــــ^^ Vide



مووضووع رآئع

قريت ثلاثة منهم عجآآآيب

ننتظر التآلي

مووفقة منـــــ اجمل ما خط القلمـــــــ^^ 486258






ÊæÞíÚ ; أم الدواااهي

ãÚáæãÇÊ ÇáÚÖæ
بِـنَـتَ الُـهِـوَآِشْـمْ


بِـنَـتَ الُـهِـوَآِشْـمْ

عصفوري متالق
عصفوري متالق



ãÚáæãÇÊ ÅÖÇÝíÉ
تاريخ التسجيل تاريخ التسجيل : 20/03/2011

عَدَدَ الَمّشّآرّكآّتّ عَدَدَ الَمّشّآرّكآّتّ : 976

العمر العمر : 28

الجنس : انثى

البلد : البحرين

العمل : طالب

المزاج : تعبانه

منـــــ اجمل ما خط القلمـــــــ^^ 21356410


منـــــ اجمل ما خط القلمـــــــ^^ Vide




عيونها شتاء
أسرار الزوجات

(( عيونها شتـاء ))



كالتحفة الثمينة قدمني والدي إلى صديقه:
(هذه (فتون) أجمل وأصغر بناتي).
عندما كان الحاج (فارس) يصطاف في إحدى قرى الشام وفي دعوة غداء ريفية قضاها بين أشجار التفاح وعناقيد العنب لمحني أخطر بقامتي الشاهقة كرمح عربي انسلّ من رحم الحقول الغنّاء وعينان خضراوتان كالعشب النديّ، وطلّة متأرجحة بين الطفولة والأنوثة، استقرأ والدي الرغبة في عيني الحاج (فارس) تلتهمان حقلاً من الجمال ينضح بالربيع والنضارة.
لا أدري ماذا حدث بعد ذلك، كل ما أذكره أن الصفقة تمت على وجه السرعة وزغاريد الفرح زقزقت كعصافير المروج وقبلات معربدة بالزهو تطبعها النسوة على وجنتي (ألف مبروك، ألف مبروك).
وفي ظرف أيام أسافر إلى دنيا أخرى مختلفة تماماً عن دنياي الصغيرة التي عشت وترعرعت فيها، وزوج يكبرني بثلاثين سنة، ولأول مرة أركب الطائرة وأحلّق في الفضاء وأطل من شاهق على قريتي الخضراء وهي تختفي من حياتي إلى غير رجعة.
دخلت بيتاً فخماً فيه من الفوضوية والقدم، وعرفت أني سأعيش مناصفة مع زوجته الأولى (أم مبارك) التي أجفلت حينما أطلت من وراء الباب الموارب، ولا أدري لِمَا شعرت بالشفقة عليها، فقد كان لها سمت طيب ووجه مريح، وتبدأ حكايتي منذ دخولي هذا السجن الكئيب الذي استنزف شبابي وهدر سنين عمري حتى تركني رماد.
فماذا تفعل ابنة السابعة عشر الزهرة التي لم تتفتح بعد ولم ترصد مشاعرها تماماً، وقلبها الطري الذي مازال ينهل من رحم الأم حناناً ويتوق إلى احتضان دافئ يحتوي نزق الطفولة، يستبيحني (فارس) كجارية تتفجر فتنة، ووجبة شهيّة يلتهمها بشراهة متناسياً طقوس الحب الفطري ومشاعر الوصل الزوجي، إذ ينغمر في عربدة سوقية تسلب إنسانيتي وتذبحني من الوريد إلى الوريد، والسادية المرعبة التي أخرج منها منسلخة عن جلدي الآدمي وكدمات زرقاء في وجهي النضر، أهرب إلى ضرتي وأنا أرتجف باكية وأرتمي في حضنها فتهدهدني بحنانها وتطيب آلامي وتجفف دمعي، وكرهي لأبي يشتد يوماً بعد آخر فهو الذي ساقني إلى الموت سوق الشاة إلى الذبح، وكل ذرة في جسدي معتقلة بسجن الخوف والذعر، مسحوقة الكرامة، مهانة الكيان، وصارت عذابات اللقاء مقرونة بالضرب المبرح والوجع المضني، وأختنق في هذا الجو القاتم، فالنوافذ مغلقة والباب مقفل وعلاقاتي بالناس محرمّة وبت أعيش في حرملك قاسٍ يقمع أنفاسي ويكبت حريتي.
لم أذق لذيذ النوم أبداً، فألم الضرب وطعن القلب وجرح النفس تنحت داخلي قلقاً مستديماً، عزائي الوحيد في هذه الدنيا ضرتي (أم مبارك) التي تشاركني ألم الحرمان وقسوة الحياة وإذا بها تسرد لي قصتها وقلبها المطحون حينما غُصبت على هذه الزيجة، فهو ابن عمها وتُتهم بأنها عاشقة لو رفضت هذا العرض، كانت تواسيني ولا تغار مني بل قالت أنني الفرج لهذا القهر الذي عاشته طوال السنين، وانعطفت في حديثها نحو ابنها (مبارك) الذي يدرس في القاهرة وهو يكبرني بعامين هو سلوتها في هذه الدنيا ووحيدها الذكر مع أربع بنات متزوجات، أشارت إلى أنفها المكسور وقد لكمه زوجها قبل سنوات وشوّه أرنبته فاضطرت إلى إجراء عملية سريعة لم تعد أنفها الجميل إلى سابق عهده.
ثم كشفت الثوب عن ظهرها لتريني آثار التعذيب الوحشي وسادية هذا الرجل الذي ما رحمها ولا رأف بحالها حتى وهي في أيام حملها، قلت لها ولماذا لم تستغيثي بأهلك أو تقدمي ضده شكوى في المخفر؟ ابتسمت ابتسامة تختزل سنين يأسها:
(إن فعلت فعقابي سيكون أشد).
خامرني رعب شديد، فإن المرأة التي أمامي صورة ناطقة لمأساة طاحنة تركت آثار البؤس والشقاء على وجهها الكئيب وهزالها المرضي ويديها المرتعشتين وعينيها الخابيتين، إنها تجسّد حالتي بعد سنوات المستقبل الموعودة به على كبر، لهذا ينبغي أن أنقذ نفسي قبل الأوان، فما معنى لهذه الحياة الشقية وكل ذرة داخلي تموت في اليوم ألف مرة، كيف أمضي معه الأيام وهو لا يشاركني وجبة طعام أو لحظة سمر أو حتى حديث أُنس، بات في نظري عاصفة من البغض والشر تلفني في دوامة مرهقة ويجردني من كل شيء، من حقي في أن أعبّر عن ذاتي، إذ لا ألقاه إلا ليلاً بوجهه المفترس ورائحة الدخان تفوح من جسده وتصدع رأسي فأضطر أن أكمم أنفي درءاً لغثيان يدفعني إلى التقيؤ.
كم أشتاق إلى الشام وإلى الروابي الخضراء والسماء الصافية، حيث الطيور تحلّق في الفضاء دون قيد، ما أجمل الحرية وفاكهة المواسم تنعشنا برائحتها العطرة وأنفاسنا المعبّقة برائحة التفاح والمشمش وكأن جوفنا ينبت هذا الثمر الشهي بتكوين خاص.
كم أحن إلى صديقاتي (نهلة، وسميرة، وريم) والمدرسة القريبة حينما نمشي على الرصيف المخضر وقد نبتت في بعض تجاويفه الزنابق وهرولتنا تحت المطر في النهارات الشتويّة، كم كنت أحب المطر وانبلاج قوس قزح في عرض السماء الماطرة فشتاء الشام له طعم الثلج ونكهة الدفء المتوهج من اشتعال الحطب.
بكيت شتاءً لا يجف حتى غلبني النعاس.. انصرمت أيامي الموحشة وأنا منكفئة في صمتي، حملت عدة مرات وأجهضت فما احتمل جسدي الريّان ألم الضرب، ذبلت عيناي وعافت نفسي أدوات الزينة وانطمرت أنوثتي في هذا المستنقع الآسن وكأني بي أنتحر وفي بعض الأحيان أضرب عن الطعام والشراب لعلّني أسقط في إحدى المرات ميتة من أثر الإعياء، لكن ضرتي (أم مبارك) تدعوني إلى جناحها الخاص لنشرب القهوة وتسليني في قراءة خربشات الفنجان وتصبرني قائلة (أنتِ صغيرة وجميلة، لا تغامري بنفسك حتماً سيفرج الله همّك ويجد لكِ المخرج لأزمتك، اتصلي بوالديكِ واشرحي لهما الضيم والظلم الذي تعيشينه)، لكني عندما أستنجد بأهلي لا ألقى منهم إلا الصد والإعراض.
وهكذا تمرّ سنين حياتي وأنا أتجرع الغصص والآلام وضرتي تحدثني عن أملها، حلمها، ابنها (مبارك) الذي سيتخرج عن قريب، (إنه مختلف تماماً عن والده فهو طيب وحنون ورقيق ورث عني سجاياي)، هكذا حدثتني (أم مبارك) ولفرط إدمانها الحديث عنه ولرتابة حياتنا شعرت بفضول إلى لقائه لعلّ حضوره يضفي علينا بهجة وسرور ويكسر روتين أيامنا الثقيلة إذ بتنا مولهين بانتظاره، وفي هذه السنين نضجت أحاسيسي وتفجرّت أنوثتي وادلهمت الأفكار في رأسي، فالتجربة القاسية استفزت الشر من منابت روحي وبدأت أقاوم (فارس) وافتعل أسباب الهروب منه فقد ازداد كرهي له ونفوري الشديد منه خصوصاً عندما يغرق في نوبات سعال طويلة ورذاذه النتن يذكرني بكهولته المقرفة ومرضه التعيس، وجمالي المتفجّر من بين الأشلاء وقوة قاهرة تصلب عودي وشوك المكر ينبت مع زهر الفتنة أداري خبثي المدفون بطلاوة لساني وعذب كلماتي حتى أن ضرتي أحبتني وأخذت تتأملني ذات يوم قائلة (يا خسارتك في هذا الشايب، لو ألقى عروساً لمجيد بمثل جمالك يا فتون).
تنهدّت وأنا أكتم لهباً مستعر داخلي (كيف أشعر بجمالي وفي داخلي كائن قبيح وروح مشوّهة، كراهيتي الشديدة لكل شيء حولي وكأن منبع الحب جف داخلي، هل يكفيني هذا الصنم الآدمي الذي يفتن الناس وإحساسي بالتعاسة انعكس على كل شيء).
سنوات عمري الفارغة تنصرم في تعاسة وشقاء.. حتى كانت لي مع (مبارك) قصة دامية كانت الخاتمة لعهد الضياع والحيرة.. والبداية لانطلاقي إلى الله..
عندما دخل (مبارك) من باب الصالون وهو يحمل حقيبته خفق قلبي بشدة واضطربت جوارحي إذ فاجأني بطلَّته الفتية وهي ترشح رجولة فائرة وتفاجأ بحورية تقف على باب الجنة، غضّ بصره وشمله ارتباك وخجل فقد انفتن بجمالي وطغيان أنوثتي فاللون الفريد من الجمال قلما يجده في بلده، هرب وكأنما يهرب من خطر مريع، لكني لاحقته بنظراتي وتابعته بإعجابي المختمر أثر أحاديث أمّه المكثف عنه، فقد كنت مهيأة نفسياً لهذا الإحساس، الصورة التي نضجت في الذهن تُفَسر الآن على أرض الواقع وأبرر لنفسي أنني زوجة أبيه محرّمة عليه ولهذا لا حرج في ملاطفته ببراءة ومحادثته باحترام وأسباب الخلوة متاحة أمامنا ومحرضة على هذا الميل.
استحوذني الشيطان ورغبة جهنمية تتنامى داخلي وتمهد لي سبيل الغواية وشعوري بالاضطهاد في هذا السجن عبّد لي طريق الانتقام، تتضارب الانفعالات كأنها البركان المضطرم ويغيب عقلي ويغفو ضميري فلا أجد غضاضة في أن أسقيه كأس الحرام.
أتردد على ضرتي في جناحها وأتزين وأتعطر لأبرز أكبر قدر من مفاتني لعلي أفوز منه بنظرة أو إشارة تمهد لي السبيل، استمرئت هذه المغامرة ورغبت في حياتي وكأنما وجوده أضرم النور في القبر المظلم، وشعرت بينابيع أنوثتي تروي جسدي وروحي من جديد لكن صده كان يقتلني ويقهر شيطاني فأزداد نفوراً من زوجي حتى أنه في آخر مرة أشبعني ضرباً ولعلي تماديت باحتيال لأثير شهيته إلى الضرب لأهرب من بين يديه بعد مقاومة وأخبط باب ضرتي في أديم الليل لأثير انتباه مبارك وأستدر عطفه، ووقفت أمام ضرتي وأنا أكشف ثوبي عن ملامح جمالي المستورة وأفتعل الألم وبمبالغة شديدة لكنه أبداً كان يتهرب مني ويتحاشى الحديث معي بل أخذ يسهر خارج البيت ولا يعود إلا لينام، وكنت أخاطب أمّه في شأنه لأتقصى أخباره وبدت متضايقة من غرابة طبعه وضيق صدره وتقلباته المزاجية وختمت حديثها (ربما يريد أن يتزوج فسأباشر منذ الغد في البحث عن عروس مناسبة له)، انقبض قلبي فقد سددت إلى صدري سهماً ساماً حطم كل أحلامي.
ولم أرتدع وكأنما الشيطان فتك بكل قيود القيم وروادع الشرف ومعايير الدين والقيم وانطمس ضميري في بؤرة آسنة حجبت عنه النور ونفس فاجرة تبرر سبيل الخطيئة وتذلل درب الفاحشة، اغتظت من عناده وجَلَده، ومقاومته الفولاذية تستفز رغبتي في الإيقاع به، واتخاذه طريق الوقاية يردع كل وسائل هجومي..
هذه الليلة أبطأ في العودة وأنا أغلي كالبركان وحمم الشوق تقلبني على جمر وأمّه تغط في نوم عميق لعله طمأنها فما بقيت بانتظاره قلقة.
إلا عينيّ الصاحيتين الماطرتين على الدوام وغربال يغلي في صدري ولوعة ممضة تقض مضجعي وضمير يجلدني لأستسلم وكأنما أدمنت اللعب في النار وخوض المغامرة المجنونة حتى النهاية.
وعندما سمعت هدير سيارته وهي تدخل الكراج، انسحبت من فراشي ومشيت على أطراف أصابعي نحو الباب وما أن دخل حتى أخذته البغتة، أجفل:
(ماذا تفعلين هنا؟)
أتنهد بارتباك وفحيح ساخن كفحيح أفعى سامة يشملني بسعير شيطاني يشعل البقايا من عقلي وضميري، ألقيت نفسي عليه وصوتي يتهدج:
(أرجوك لا تعذبني).
صفعني على وجهي بعد أن دفعني وألقاني على الأرض وولى هارباً.
أي ألسنة من لهب مشتعل تندلع داخلي كأنها رؤوس الشياطين تطلع من خبايا روحي وتدق طبول الحرب المستعرة استنفرت داخلي كل شرور الحقد والانتقام ونفخت أفاعي الكره كل سموم الخبث، هكذا إذن تنبذني وترحل، هكذا تفعل بي أيها المعتوه؟ ستكون نهايتك على يديّ.
أشعلت سيجارة لأنفث فيها غيظي وغضبي وأنا التي لم أدخن طوال حياتي، كيف أطفئ نيران حقدي وهو يغلي في جوفي غلي الحميم، كيف أرد اعتباري بعد هذه الطعنة النجلاء في فؤادي، استفز هذا المجنون كل مكائدي وحيلي في هذا الليل البهيم ودموعي المنهمرة كشتاء الشام الماطر لا تمحو كرهي ولا تبرئ جرحي، فرغبتي في الانتقام منه استحوذت عليّ بشدة، سأدمره وأحطم هذه القضبان حتى لو كان الثمن حياتي.
ارتفع آذان الفجر وأنا أتحاشى صوته وأدس رأسي تحت الوسادة كأن هذا الصوت مطرقة ثقيلة تهوى على رأسي، تناولت قرصين منوّم ورحت في غيبوبة.
وفي الصباح اتخذت خطوة استباقية، إذ مكثت في سرير أبكي وقد مزقت الثوب وكشفت عن صدري، سألني فارس مذعوراً:
(ماذا حدث؟).
بمكر ألقيت قنبلتي التي ستفجّر البيت بمن فيه:
(ابنك اغتصبني البارحة، فقد كنت ذاهبة إلى المطبخ لأشرب الماء فصادف أن دخل البيت وكلكم نيام هجم عليًَّ وفعل فعلته وهرب).
تحجرت عيناه وانتفخت أوداجه وهب كالنمر الجريح إلى جناح (أم مبارك) هائجاً هادراً في الغضب:
(أين ابنك الجبان؟).
وكاد أن يهوى على الأرض بينما هو يدور حول نفسه، ويرمي بالتحف أرضاً، لقد طاش صوابه وجن جنونه.
(أين ابنك الحقير الواطي؟)
تتلعثم أم مبارك:
(ماذا فعل؟).
المرأة في حيرة جاءت تستعلم مني مرعوبة:
(ماذا حصل يا فتون؟).
لذت بحجرتي صامتة وأنا أترقب الأحداث بتشفي، ولعل غياب مبارك لأيام جعل التهمة لصيقة فيه، فقد فسّر أباه هروبه من البيت دليل إدانة.
وعندما حضر بوغت بأبيه يهجم عليه ضرباً ولكماً وكاد أن ينشب مخالبه في عنقه لكنه تحمل الضربات صامتاً صابراً لم ينبس بحرف وتورع عن فضحي والتشهير بي، هرب من قبضة والده وأخذ سيارته وانطلق بأقصى سرعة وأمه تصرخ وتستغيث وقد سقطت مغشياً عليها.
رأيت عيونه تبكي وهو شاخص إلى السماء يشكو لله ظلامته، قد تعفف عن الفاحشة واحتسب صبره عند الله عمل عظيم.. كانت له مهابة في نفسي وألق ملائكي جعلني أكره نفسي وأحتقرها حتى هذه اللحظة.
بعد ساعات جاءنا خبر وفاته فقد انقلبت سيارته المسرعة بينما كان يصعد الجسر.
جُنت أمّه وأدخلت مصحة نفسية فقد انطفأت شمعة حياتها وخبا أملها الوحيد وانهار أباه وتحطم جبرته، وهنا صحوت على فعلتي النكراء، وجرمي وجريرتي، وسياط تلسعني كأنها صرخات شرسة توقظني من نومي كأنها كوابيس حمراء ملتهبة، مات مبارك وسره معه، مات المسكين وهو يعظ نواجذه صبراً وتعففاً حتى لا يلوث شرف أبيه ولا يغضب ربه، مات ليحميني من إثمي وخطيئتي، بكيت أسفاً وندماً، بكيت بدل الدموع دماً، بكيت بعد انقشاع الغشاوة عن عيني لأكتشف حجم الذنب الذي اقترفته في حق أمّ وإبنها، إذ ذبحت قلبها وهي التي كان قلبها مأوى وملاذ لي، طعنتها بخنجر الغدر والخيانة، غدرت بإبنها الشاب في طلوعه الأزهر ومستقبله الأشمّ، فقد قبرته بيديّ الآثمتين ولا أدري هل كان موته قضاء وقدر أم كان انتحار مع سبق الإصرار والترصد.
لقد دُفن ودُفنت معه الحقيقة!
وهكذا عشت عمري كله وأنا أسيرة هذا الذنب، تمضي سنين حياتي في حداد وعزاء، أكابد جرماً يحفر داخلي ألماً عميقاً ومتجدد الذكرى، فقد مات مبارك وماتت معه كل أحاسيسي بالحياة، لعلي نِلت عقابي، العقاب الذي يلازمني ليل نهار كلما لمحت في عيني أمّه انكساراً وحزناً ولا أدري لِمَا فعلت ذلك؟ لعله كان تصادم أقدار...
طلبت من (فارس) أن أحج هذا العام لأنقطع عن الدنيا كراهبة زاهدة لأني قاتلة قد تلطخت يداي بالدماء، لعل الله يغفر لي هذا الذنب ويعفو عني.






ÊæÞíÚ ; بِـنَـتَ الُـهِـوَآِشْـمْ

ãÚáæãÇÊ ÇáÚÖæ
بِـنَـتَ الُـهِـوَآِشْـمْ


بِـنَـتَ الُـهِـوَآِشْـمْ

عصفوري متالق
عصفوري متالق



ãÚáæãÇÊ ÅÖÇÝíÉ
تاريخ التسجيل تاريخ التسجيل : 20/03/2011

عَدَدَ الَمّشّآرّكآّتّ عَدَدَ الَمّشّآرّكآّتّ : 976

العمر العمر : 28

الجنس : انثى

البلد : البحرين

العمل : طالب

المزاج : تعبانه

منـــــ اجمل ما خط القلمـــــــ^^ 21356410


منـــــ اجمل ما خط القلمـــــــ^^ Vide




ظل الأخرى
أسرار الزوجات
(( ظـل الأخـرى ))
خلف الباب المؤصد ينكشف الستار ويتعرى كيان الإنسان عن الافتعال والتكلف.
منذ اللحظة التي انطفأت سكرته والحزن لا يبارحه شئت أن أسأله لكني ترددت، سأترك الأيام تفسّر لي خبيئته، فهو يرتد إلى اليأس والإحباط مع كل حالة تقارب حتى أدركت أن اللحمة الروحية إذا انفصمت لم تستطع الأجساد أن تتناغم باتحاد كامل.
كثيرة هي الليالي التي ألمح فيها يقظته، يتقلب على جمر القلق، وشبح الأخرى يلمع في عينيه المسهدتين ويكابد كي يطويها في ذاكرته لكنه فضح ما في طويته فنومه المتعثر واستيقاظه في أوقات متأخرة من الليل يتكئ على ظهر السرير والسيجارة تحترق بين أصابعه ينفث عذابها مع دخانه، كان يعتقد أني غارقة في النوم مستلقية على شاطئ الأمن الزوجي قد استوفى كل شروط العلاقة وحقوقها الرتيبة ليعود ثانية إلى خلوته، لا يعرف أني كسيجارته هذه أحترق معه وأتعذب بسببه وأطلق حمم زفراتي في اليوم ألف مرة وأجاهد نفسي كي أستريح من التفكير دون طائل.
لم يمض على زواجنا شهر والفكرة تستحوذ رأسي، لكني لا أدري لِمَا أتردد في مصارحته، أبقيت الأمر عائماً، ربما لاعتقادي أني واهمة أو هكذا أغذي إحساسي وألبس الحقيقة أكذوبة وأصدقها مفادها أنها مجرد وساوس شيطانية ينبغي أن أقاومها باستمرار وأكف عن مراقبة هاتفه وتأويل الشبهات إلى حقائق ملموسة مقرونة بأدلة وبراهين تستدعي مواجهته بجرم الخيانة.
هل أستشير صديقتي المقربة لعلّها تنصحني وترشدني إلى السلوك الأصوب.
نهرتني بشدة: (لا تفتحي عليكِ باب جهنم).
مسحت دمعتي: (لكني أعاني، بل أكاد أفقد صوابي).
- ((لا تخلقي مبررات هروبه، بعض الرجال ينتظر إشارة سلبية من الزوجة كي يقلب المعادلة لصالحة)).
- ((إلزمي الصمت فلربما الأيام كفيلة بدفن خيالها أمام واقع زواجه)).
وأحسبها معركة صامتة تندلع داخلي كي أنتصر عليها وأظهر له محبة وطاعة صادقة، لكن شرارة الالتحام لم تشعل موجة جذب، أشعر وكأني أرجم بالغيب وأراهن على المستحيل فهو يزداد نفوراً وينسحب إلى الأبعد.
ولدت في داخلي رغبة ملحة في كشف هويتها، ماهيتها، تلك النائية بالمكان الحاضرة في قلبه، تستولي على عقله وروحه وتأخذه بشدة إليها فتتركه لي جسداً بلا روح، كيان فارغ وعقل شارد، ما شكلها؟ ما لونها؟ ما طولها؟ المسجات المباغتة تقهر صبري وتخرجني من طور الحكمة، إنه يتزلزل في رنينها وكأنها البشارة السماوية وسمته ينقلب من النقيض إلى النقيض رهن رسالتها المبعوثة، لو أني أعرف هاتفها لقتلت حلمها في المهد وأيقظتها من أملٍ سراب، لكنه هذه المرة خرج مذعوراً بعد أن قرأ رسالتها في الهاتف وأظنه ذهب للقائها أو مهاتفتها لأمر هام.
اتصلت ببدرية صديقتي وأنا أرتعد غيظاً أبلغها انهياري ونفاذ صبري ورغبتي في تفجير الموقف.
هدَّأت من روعي:
((أيتها الحمقاء ألم تفكري أنه لو كان يحبها لتزوجها، بل تزوجك أنتِ، هذا يعني أنها نزوة طارئة تأخذ وقتها وتنصرم)).
نعم، بالفعل، لم ألتفت إلى هذه الحقيقة، لو كان يحبها لتزوجها.
((إنها في الظل، في العتمة، وأنتِ في النور وأمام الناس والواقع الذي يفرض نفسه، والحقيقة التي لا تقبل الشك، وغداً تنجبين له الأبناء لتأخذه أعباء الحياة وتشغله عنها، ربما هي من تتعذب وتحترق بنار الغيرة وتتمنى لو تأخذ مكانك)).
استرحت تماماً وعدت لحياتي بمعنويات مرتفعة أعامل زوجي بمحبة وأداري شكوكي بشيء من العقل حتى وقعت عليه يوماً وهو يختفي في حجرة الضيوف بينما كنت في المطبخ، قد ظن انشغالي فرصة ليهرب إليها خلسة، خلعت نعلي ومشيت بحذر حتى التصقت بالباب الموارب وأصغيت إليه وهو يهمس إليها بارتباك:
((قلت لكِ اصبري ستتحقق أمنيتنا كما نرجو ونتمنى، اذهبي الآن وسأحدثك لاحقاً فالوضع لا يسمح لي بإطالة الحديث معك)).
عدت إلى المطبخ على الفور، وكدت أن أنزلق لشدة اضطرابي وغضبي وكل إحساس سلبي هجم عليّ فجأة، فقدت التركيز ولا أعرف ماذا كنت أفعل، اختنقت، خلعت صدرية المطبخ ورميتها على الأرض بَرِمة ضاجة، ولمحني وأنا أصعد السلم.
((هل انتهيت من تجهيز العشاء؟)).
التفت إليه أرميه شزراً وبامتعاض:
شعرت بدوار ((اطلب من المطعم)).
صمت وهو يبحلق في عيني مرتاباً وكأنما حدس بما يخالجني، دخل الحجرة خلفي وسألني بقلق:
((هل أطلب لكِ عشاءاً؟)).
((لا أشكرك لست جائعة)).
((آخذك إلى الطبيب؟)).
((تناولت حبة بنادول)).
اعترتني موجة غضب عاصفة فانفجرت:
((حسين إن حياتنا باتت مستحيلة)).
ارتبك وحاول أن يخفي انفعاله عبر التشاغل بالكمبيوتر.
((أراك صامتاً، أجبني هل تفاجأت بهذه الحقيقة)).
تجاهلني تماماً وهذا ما استثارني:
((وإذا كانت هناك أخرى فلا داعي لأن نستمر مع بعض)).
((أنتِ تهذين)).
((بل أنا أقر هذا الواقع الذي لا يمكن أن تداريه عني)).
شعرت كمن ألقيت عبئاً كبيراً عني.
((اتركي عنك هذه الأوهام واستعيذي بالله من وساوس الشيطان)).
كان يقطع عليّ الطريق من جميع الجهات وينكر كل تهمة موجهة له ويتملص بطريقة ذكية، وأخذ يحرص في الأيام الأخيرة على معاشرتي بالمعروف ومعاملتي بالحُسنى ويقهر نفسه على إرضائي، لكني أتعذب في قرارة نفسي وأعرف أن هناك من ملأت كيانه وروحه وصمته الذي غلّف أكذوبة حبه لي، فإن كل خلجة من خلجاته مصهورة بعشقها، معجونة بذكراها.
وذات ليل وهو ذاهب إلى الحمام ليقضي حاجته، وبينما في الهدأة أتقلب مسهدة (رنة ماسج) انتشلتني من نوم قلق يجافيني لفرط التفكير، وعلى الفور التقطت تليفونه وقرأت الوارد، كانت رسالتها المفاجئة جعلتني أفهم طبيعة هذه العلاقة.
((زوجي في إجازة غداً، لن أستطيع لقاءك)).
دونت الرقم وأعدت التليفون مكانه وأنا في ذروة ارتباكي، خشيت أن يفطن إلى محاولتي الجنونية، بيد أنه لم يعرف إلا صباحاً عندما قرأ ماسج آخر جاءه منها وهو يهم في الخروج وحدجني بنظرة غاضبة دون أن ينبس بحرف، أعلم أنه لا يملك الجرأة على مصارحتي، اتخذ من الصمت درعاً يختفي وراءه ويستر فضيحته.
اتصلت بهذه المرأة..
لم ترد على اتصالي الأول ولا الثاني لكنها في المرة الثالثة ردت، كنت أنفخ اضطرابي وحنقي بفحيح اختزل كل طاقة الغضب والغيظ داخلي وارتبكت الكلمات على لساني وتدافعت الأفكار بقوة لأن ما في باطني مخزون حنق وإذلال وكل امتهان لكرامتي كزوجة، لا أدري من أين أبدأ؟ وكيف أبدا؟ رغم أني المظلومة التي وقع عليها الظلم وهي المذنبة التي اقترفت جرماً في حق حياتي، لم أجد نفسي إلا وإعصار غضبي يهدر:
((كيف تسمحين لنفسك هذا الفعل المشين وأنتِ متزوجة)).
شعرت برعبها وقد شلّ كل ذرة فيها:
((عفواً من المتحدث؟))
((أنا زوجة حسين، ألا تخجلين من نفسك وأنتِ تطاردين رجل متزوج في ساعات الليل المتأخرة، أين ضميرك ودينك أيتها الخائنة)).
تهدج صوتها وخفت:
((يبدوا أن النمرة خطأ)).
وتابعت وأنا أستجمع شجاعتي وقواي المبعثرة:
((ابعدي عن زوجي وإلا فضحتك أمام زوجك وجعلت سيرتك على كل لسان)).
قطعت الاتصال ونفذت بجلدها.
تنفست الصعداء فقد أطلقت عن صدري حمماً ثقيلة جاثمة، اتصلت ببدرية لأنقل لها الحدث بيد أنها عاتبتني بشدة:
((لقد ارتكبتِ أكبر خطأ)).
((لم أعد أخشى الغرق)).
((هذه اللعبة تحتاج إلى هدوء أعصاب)).
((إن من تعش تجربتي لن يبقى لها ذرة أعصاب)).
((أخشى أن يهددك بالطلاق)).
((لا يهمني فأنا مطلقة منذ الليلة الأولى)).
وتفاجأت بـ (حسين) وقد صارحني بكل هدوء وأظنه حكم بالإعدام على كياني كزوجة، لقيمتي كامرأة تشاركه أدق جزئيات حياته، وبكل بساطة وهدوء اعترف:
((هذه المرأة في طريقها إلى الطلاق، وقد جاءتني إلى المكتب لترفع قضية طلاق بالضرر على زوجها السكير المقامر قبل ثلاث سنوات وأحببتها ومن قبل أن ألتقيك وأتزوجك، وقد نويت الارتباط بها لكن حدث أن رفضت المحكمة قضيتها، وهي ماضية في إجراءات الخلع لكنها متورطة بمشاكل كثيرة وأنا أقف إلى جانبها بصفتي (محامي) ومحب يرعاها وسأتزوجها متى ما تهيأت الظروف لأني لن أستطيع التخلي عنها، هذه هي الحقيقة، والخيار لكِ إن أردتِ البقاء معي كان بها، وإلا فأسرحك سراحاً جميلاً إن شئتِ الانفصال، لن أخادعك وأعدك بوعود لا أفي بها)).
كأني بمطرقة هوت على رأسي وأردتني ميتة، تجمد كل إحساس فيّ، ابتلعت رمقي وتسمرت في مكاني لا أدري كيف أختار أو أقرر... وبصوت خافت حبسته الدهشة:
((إلى هذه الدرجة تحبها؟!)).
هزّ بالإيجاب.
((لكنها مازالت متزوجة؟)).
((إنها في قلبي وكياني ولن أستطيع اقتلاعها مهما حاولت، فكرت كثيراً أن أنساها وأطويها في ذاكرتي لكني فشلت)).
اضطربت، لا أدري ما أقول، انحلت كل أواصري وفقدت قدرتي على ضبط انفعالي، هويت على السرير باكية:
((وبهذه القسوة تواجهني؟)).
بنفس القسوة التي سمحت لنفسك التجسس على خصوصياتي، كنت أداريك، وأعاشرك بما يرضي الله، لم أجرحك أو أهينك أبداً، إنما منحتك حقوقك كاملة وقمت بواجبي بالشكل المطلوب وحاولت كتم حبي حفاظاً على مشاعرك أن تجرح، لكنك تماديت واخترقت أسوار خصوصيتي فوقعتِ في هذا الهمّ.
((لكنها خيانة لا ترضي الله ولا الضمير)).
((أنا أعرفها قبلك)).
((يمكنك التحرر من قيدي إذا شئتِ لن أرغمك على البقاء)).
((أبهذه السهولة؟!)).
((احترت معك، لا أدري كيف أرضيك؟)).
((اتركها)).
((إن تركتها ستظل في عقلي وقلبي)).
((إذن أنت لا تحبني)).
((أحبك، فالرجل يستطيع أن يجمع أربع نساء)).
((كم أنت جاحد وظالم، طلقني لن أستطيع العيش معك بعد اليوم)).
وبكل برود وكأني لا أعني له شيئاً:
((كما تشائين)).
وهكذا...
قضيت حياتي مع هذا الرجل وأنا أتردد على بيت أهلي في كل شهر مرتان أو ثلاث مرات نتشاجر بسبب هذه المرأة، أطالبه بالانفصال وأخرج بحقيبتي مودعة، وأرجع له نادمة أعلن توبتي وتقبل الواقع، ولكن سرعان ما أتذكر ظلها الذي عكس التعاسة على حياتي فأثور، أقرر بنفسي نهايتي وأتراجع عن قرار الطلاق، تخاتلني رغبة في أنه ييأس يوماً منها ويهجرها للأبد وسيبقى لي وحدي.
لأني بكل أسف أحبه بشدةّ!






ÊæÞíÚ ; بِـنَـتَ الُـهِـوَآِشْـمْ

ãÚáæãÇÊ ÇáÚÖæ
بِـنَـتَ الُـهِـوَآِشْـمْ


بِـنَـتَ الُـهِـوَآِشْـمْ

عصفوري متالق
عصفوري متالق



ãÚáæãÇÊ ÅÖÇÝíÉ
تاريخ التسجيل تاريخ التسجيل : 20/03/2011

عَدَدَ الَمّشّآرّكآّتّ عَدَدَ الَمّشّآرّكآّتّ : 976

العمر العمر : 28

الجنس : انثى

البلد : البحرين

العمل : طالب

المزاج : تعبانه

منـــــ اجمل ما خط القلمـــــــ^^ 21356410


منـــــ اجمل ما خط القلمـــــــ^^ Vide




عملية تجميل

اسم الزاوية : (( بيني وبينك حكاية ))
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى: ((ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون)) (الروم/21).
مقدمة الزاوية:
بين الزوجين.. حبل موصول برحمة إلهية، مسكون بدفء فطري، احتياج غريزي، تناغم عاطفي، انتماء. قد يختلفان، يتباعدان، يتخاصمان، لكنهما برحمة الله ولطفه يعودان. هكذا كتب القدر الإلهي: توأمة خالدة، ذكر وأنثى، بهما ((يعتمر)) الكون.. لهما في كل حكاية موقف، ولنا في كل موقف عبرة.
عملية تجميل لفطومة
بقلم: خولة القزويني

ثنائي الحلقة : حسين وفاطمة
أصارحكم..

لم أكن يوما إلا زوجة محبوبة بكل المقاييس المتعارف عليها محلياً وعالمياً مدللة إلى حد يغيظ باقي النساء، اسمي فاطمة وزوجي(حسين) يناديني دوما ((فطومة)) ويغنجني بأعذب الأوصاف، والسبب تلك الغمازتين الشهيتين على وجه كالبلور بياضاً ورونقاً ولدغة في حرف الراء إذ ينقلب بلساني اللطيف إلى (لام) حتى أن زوجي في أوقاتنا الحميمة يطرح على كلمات تنتهي بحرف الراء وبفكاهة يدعوني إلى لفظها مقهقهاً وهو يقرص خدي قولي معي: خير وأرد خيل شهيرة، شهيلة، سرور سلول.
كان يداعبني بمرح صبياني جميل ويعشق نبرتي الطفولية خصوصاً في أوقات كدره وهمه.
حتى كان هذا المنعطف الذي لم أحسب له حساباً بل تباغتنا به الأقدار على حين غرة فيغير مقاييسنا.
زوجي رجل أعمال يدعو ضيوفه من بلاد أخرى ويقيم لهم الولائم الحاتمية في الفنادق الكبرى هذه المرة كان ضيفه قادما بصحبة زوجته فطلب مني إعداد العشاء في البيت، وفعلت وفي سياق حديثنا كنت أسأله عن زوجة صديقه ((ألم تراها من قبل؟ كم عمرها؟ التفاصيل الساخنة التي تعبر عن غيرة أنوثية كامنة)).
حضرا معا..
المفاجأة عقدت لساني كانت زوجته أشبه بنجمات السينما ذات قامة فارعة متناسقة وإطلاله تنضح سحراً وبهاءاً كانت تتكلم بحساب وتتمايل برشاقة، ناعمة، هفهافة اختليت بها وتجاذبنا معا ثرثرة نسوية أعتقد أنها أهم شأناً من قضية فلسطين على الأقل بمقاييسي المتواضعة، عرفت أنها سيدة أربعينية تقاربني سناً وقد أنجبت ولدين.
أسئلة كثيرة تغرغر في فمي وتنهمر على لساني كالسيل فلا أكاد أنتهي من سؤال حتى يجرفني سؤال آخر وهي جالسة باسترخاء مزهوة بجمالها المتبطر الذي استراح من عناء النقص والتشكيك فتركت نفسها سخية في حضرة روحي النهمة إلى أسرارها، كنت أدقق بخطوط وجهها الباهتة وأحدق بتلك الخربشة التي تطفئ جمال العينين فإذا بي أرى جلداً متسق النسيج وبشرة متماسكة بزغت مقلتيها البراقتين كعيني قطة شيرازية فأضفت عليها جاذبية آسرة.
خديها المتفجرين برواء الشباب وثغرها المتحفز بشكل مثير، شئت أن أسألها ما إذا خضعت لعملية تجميل لكني تداركت نفسي خشية أن أشذ عن دائرة الأتيكيت المفترضة في مثل هذه اللقاءات.
استرسلت محدثتي ((نوال)) في وصف حياتها بوفرة معلومات استراتيجية كانت السبب في الاحتفاظ برونقها حتى سن متقدمة كحبها للرياضة وحرصها على شرب
الماء بكثرة إضافة إلى الماسكات الطبيعية.
بعد هذه الزيارة أحسست بانخفاض معنوياتي وتراخي ثقتي بنفسي فتصالحت مع مرآتي التي لم تكن تستقطب اهتمامي بالكثافة الحالية، ولأول مرة أكتشف عذابي مجسد في وجه منتفخ وكتل متورقة متخاصمة مع بعضها البعض فلم تتوافق في انسجام كي تكسبني نوع من التناسق المقبول، كدت أبكي من شدة الإحباط، صارت هذه المرأة هاجسي وكأن صورتها النقيضة لشكلي تذكرني دوما بنقصي وعجزي، تحدثت عنها في لقاءنا الصباحي على (شاي الضحى) ذلك المحفل النسائي الذي ينفس احباطاتنا وانتكاساتنا الجسدية وسط جحيم النحافة المستحيلة والجمال الفتاك، فجرت أكوام غيظي وأنا أصف ((نوال)) حتى اطمئنيت تماما أن جمالها مستعار ورشاقتها نتاج صناعة تجميلية،حتى بطنها الرخص الأهيف قد تم شفط الدسم منه فبدا ضامراً خرجنا بعد هذا الاجتماع وقد قضمنا لحم هذه المرأة بأسنان أحد من مشارط جراح التجميل!
وبعد سكون العاصفة الكلامية الهوجاء أخذنا نحدق في بعضنا واجمات وقد تذكرنا حقيقة غائبة نحاول أن نطمسها بتبريرات واهية تغطي غيرتنا الشديدة وضعفنا النسوي العاجز عن اكتشاف الجمال فينا وإبرازه بشكل لافت لأزواجنا والقناعة بشكلنا الخارجي إلى حد الانسجام والسلام الداخلي، فهذا النهم المحفوف بمخاطر السمنة والشراهة في الطعام تحفزها مجالس الاسترخاء العاطلة متواطئة مع بطالة معنوية متنامية مع السنين تستنزف طاقتنا الايجابية في العدم لم لا نذهب إلى ناد رياضي مثلا أو ممارسة هواية نافعة تجدد فينا الحياة والحيوية وبقيت صورة (نوال) مطبوعة في ذاكرتي تظهر مشعة كلما دار حديث عن عمليات الشفط والتدفق النسوي نحو عيادات التجميل باستنزاف مادي كبير كما لو كانت الواحدة منهن تذهب إلى صالون تجميل وتخرج بشكل جديد ما أسهل هذا الأمر وما أهونه؟!
وحسبتها في عقلي وباستثناء الإذن الشرعي أن بلوغي الوزن المثالي عبر الرياضة والرجيم أمر صعب جداً ويحتاج إلى وقت بمقتضى مسؤولياتي الأمومية والبيتيه فضلاً عن حبي للطعام وتوتري الواضح حينما تكبح رغبتي في التهام الحلويات، فالتجميل الجراحي هو الأيسر والأسرع فإذا ماتم الاتفاق مع زوجي أسافر معه هذا الصيف إلى لبنان لإجراء هذه العملية فان ما أحتاجه ترميم بسيط أبر بوتكس شد حول الشفتين لإخفاء الخطين المتهدلين بانكفاء كئيب والذي يذكرني بوجه جدتي العابس!
أصابني زوجي في مقتل هاج بشكل هستيري
((من أدخل في رأسك هذه الفكرة السخيفة؟!))
دافعت عن موقفي
((طننت أنني سأسعدك ألا تحب أن تراني أصبا وأجمل؟!))
اعترض بحدة
((أحببتك بهذا الشكل وتكيفت على كل ملامحك)).
وقفزت صورة (نوال) في رأسي كالعفريت الأزرق
((أرأيت نوال زوجة صديقك بدت كما لو كانت ابنة لي رغم أننا في نفس السن))
صاح والشر يتقادح من عينيه
((ولم تفعلين مثلها؟ هل اشتكيت لك يوما؟ هل انتقدتك بوصف جارح؟))
((لم تنتقد ولكن عيناك تزوغان على حسان الفضائيات المثيرات لم أشعر يوما أنهن مستهجنات في عينيك أو أنك تغض بصرك متجاهلا؟))
قاطعني:
((وهل هذا يبرر لك مخاطرة بهذا الحجم؟))
جوابه أثار انفعالي لأنه وثق من كلامي ولم ينكر
((عيونكم أنتم الرجال فارغة لا تشبع أبداً))
وبكل برود رد
(( ها أنت تعترفين عيون الرجال لا تشبع، معنى ذلك لو كنت أجمل النساء سيظل في عيني الرجل نهم ورغبه في التعدد والتنوع))
صرخت مغتاظة
((كلامك يثيرني كأنك تقر بهذه الحقيقة))
قال:
((دعيني أصارحك ليس الخلل في المرأة أو عيب في جمالها إنما هذا يرجع إلى طبيعة الرجل وتكوينه الغرائزي فهو مخلوق بصري يشاهد بدافع الاكتشاف والاصطياد، وليس بالضرورة أن تطمس هذه المشاهد المثيرة صورة زوجته فيراها مغمسة بوحل البشاعة والقبح أو أدعى لإخلال العلاقة الخاصة والا ما عدد الرجل بأربع وأحبهن جميعا وقد يعجب الرجل بمن هي دونا عن زوجته جمالا وجاذبية ولهذا كان الحلم الأسلم غض البصر وحفظ الفرج كي لا تضطرب نفسه ويفقد ميزانه وتختل مقاييسه يحتم عليه أمام المغريات أن يكبح فورة شهوته وأعتقد أن هذا الضابط لا يقتصر على الرجل فقط وإنما يخص المرأة كي لا تتمادى في تبرجها ونزقها واسترخاص مفاتنها إلى حد الابتذال فما تكون سوى ألعوبة مشتهاة أو دمية ملهاة تتجاذبها الذئاب النهمة الضوابط الداخلية في الإنسان هي المتحكم في حواسه وغرائزه هي التي تثبته فلا تهتز قيمه ولا ترتبك معنوياته وان من يبتذل زوجته العفيفة الطاهرة بمقارنة ظالمة مع أخرى جعلت من لحمها طعما للغواية وقلبا للنفايات بدواعي الحسن والإثارة أظنه مختل في رجولته وناقص في فحولته فالذكورة الفطرية تشتاق دوما لأنثى محفوظة،مكنونة، مصانة ذلك أوقع في النفس وأذكى لحرارة الوصال كما يصف الله سبحانه حور الجنة كجائزة للمؤمنين الذين غضوا أبصارهم في الحياة الدنيا ((حور مقصورات في الخيام، لم يطمثهن أنس ولا جان))
قطع حوارنا رنين هاتفه فتركني وسط دهشتي ولا أدري لم استراحت نفسي بتلك المعاني المقدسة التي بتنا لا نسمعها في ثقافتنا المعاصرة المادية واستكانت روحي في مستقرها ثم عدت بذاكرتي إلى الوراء حيث ماضي جداتنا، أمهاتنا كيف أن المرأة منهن كانت تتكيف مع تجاعيدها وتتآلف مع هذه الغضون دون أن تخوض المعترك العصبي الذي يسلبها ثقتها في نفسها ويجعلها في وضع خصم لذاتها لم كل هذا التركيز على أدق خطوط الوجه والغوص في عيوب الجسد إلى حد الاستغراق وكأن المفترض أن يكون الناس جميعا على شاكله واحدة وفي ذروة الجمال، ما أشار لي زوجي يوما بممازحة أنني سمينة أو معابه بهذه الخدوش التي تجرح هالة الجمال، كانت عيناه تذوبان في سكر وجهي حينما تشق وجهي ابتسامة عريضة فتظهر على الفور غمازتين مدهشتين.
الناس حولي وعلى الأخص النساء زمرة إبليس المستثناة حينما تشير بأصابع قاسية كأنها الحراب المسمومة في قلبي المستقر فيربكن أفكاري فإذا بالخطوط الدقيقة التي لم أعرها أهمية أجدها تكبر وتتضخم بل دفعتني إلى ملاحظة عيني كل امرأة تصادفني لعلها تماثلني بالعيب ذاته فتهدأ هواجسي وتستقر وساوسي لأنني لست وحدي ناقصة؟! حتى أنني أمسكت ضحكتي وابتلعتها إلى الداخل كي لا تظهر تلك الخربشة حول عيني وسمنتي الواقعية المتراكمة عبر ستة أولاد والتي خضت معها معارك طاحنة كي أغلبها بفنون الرجيم ووصفاته المتشددة لكنها في الآخر هزمتني يا للسمنة العنيدة !!!
جلسنا نرتشف الشاي نحن حزب السمينات ونشاهد عروض الأزياء على تلك القامات الغزلانية إحداهن ممن بلغن سن اليأس هتفت بحسرة
((آه..يا لحظنا العاثر لم لا يهبنا الله مثل تلك الأجساد الرشيقة؟!))
كنت أتأثر وأتحسس بشكل محزن وأدافع عن وضعنا قائلة
((المقارنة ظالمة يا عزيزتي هن فتيات في غضاضة العمر ونحن الخريف في انعطافه القهري قد تزوجنا وأنجبنا واستهلك الزمن جزء كبير من عافيتنا وشبابنا)).
وتعود هذه المتحدثة القاسية التي لا تفتأ أن تقضم الكاتوه وتقول وهي غارقة في تناقضاتها المقرفة:
((لا تبرري سمنتك فكثير من النساء المتزوجات والمنجبات قد حافظن على أجسادهن رشيقة ناعمة))
غضبت
((ماذا ترمين من وراء هذا الكلام الجارح؟))
بامتعاض
((أقصد أننا انتهينا))
انفجرت بنبرة حادة
((تحدثي عن نفسك لم تشملينا بهذا الوصف المشين فأنا والحمد لله لي زوج محب ومقتنع بي تماما وأعتقد أنها وجهة نظر خاصة بك))
تصوروا..
ضحكن على سافرات قالت إحداهن
((مسكينة أنت ومغفلة، قد استطاع زوجك الماكر أن يحتال عليك ويوهمك أنك محبوبته الوحيدة)).
تماسكت:
((الحمد لله والدليل على ذلك أنه لا يسافر إلا ويصطحبني معه))
وتماديت لأغيظهن أكثر
((إنه لا يحتمل فراقي أبدا)).
وعادت أخرى تلملم أطراف الحديث بإنصاف عاقلة:
((إنها معادلة متأرجحة قد يعشق الرجل زوجته دون الحد المتوسط من الجمال وهو قانع سعيد منجذب لجوهرها المميز ولصفاتها النفسية النادرة)).
تعالت الأصوات والاحتجاجات وحمى وطيس الحوار إلى درجة مزعجة سببت لي الصداع فانسحبت من قاع الإحباط واليأس لأعود إلى بيتي مغمومة خصوصاً وأني في سن حرج أدخل مرحلة عمرية حساسة فالانحدار الداخلي في الصحة والتغضن الذي يزحف على الوجه ببطء مقيت ينذر بعاصفة عصبية لا كابح لها.. لا حظ زوجي شرودي والمناخ الاكتئابي الذي يغمرني إلى حد غابت ابتسامتي الشهيرة وهي تدفع تلك الغمازتين الناتئتين بمزيد من الاقتحام المرح، جاءني مستعلما وقد شابت نبرته لينا ورقة:
((منذ فترة أراك مضطربة))
أخذت وضع القرفصاء على السرير وأنا أطلق أنفاسا حرقى
((أسألك حسين وأجبني بصراحة))
بدا مصغيا لي باهتمام
((هات ما عندك فيطيب لي أن أرى رأسك الجميل وقد صفى من أدنى شائبة))
سخرت بمرارة:
((رأسي الجميل؟!!))
حملق في طويلا وتساءل
((تخفين عني شيئا))
تنهدت ثم قلت:
((شعرت بك بارداً في المرات الأخيرة حتى خامرني إحساس بالنقص فلربما فقدت جاذبيتي وحرارة أنوثتي فلم أعد تلك المخلوقة الرائعة التي تزكي أشواقك))
تحفز لخناقة، لمست ذلك في احمرار عينيه وتشنج أعصابه
((ثم ماذا؟ على ماذا تحومين؟ افتحي لي قلبك! دعيني أفهم تلك الملابسات؟))
فرملت اندفاعي بعض الشئ خفت أن أدخل معه في حوار بيزنطي يجرنا معاً إلى طريق مسدود، لكنه واصل محتداً
((أفكارك المسمومة هذه تحتاج إلى قطع رأس))
ارتبكت واضطربت كلماتي
((لا..كنت أريد أن أسألك هل تحبني رغم أني لست جميلة كما يقول عني الناس. وهذه المشكلة لها علاج حاليا ألا ترى النساء وقد صرعتهن موضة((عمليات التجميل فاندفعن لتحسين صورهن!)).
أطرقت وأنا أغوص في لجة الأفكار المدلهمة ثم تابعت على استحياء:
((إني ألتهب غيرة عندما تنهم عيناك صور الجمال بألوانها الزاهية فتيات يتضورن حرارة وصبا أود لو تبقى حواسك رهن ذاتي لا تغادرني إلى الأخريات، أن أكون محط اهتمامك وإعجابك))
قال بتهكم:
((إذاً علينا أن نفصل العالم إلى قسمين نصفه رجال والآخر نساء كي تنعم الزوجات براحة البال والاسترخاء)).
(( إذاً أنت تقر بهذه الحقيقة، أنكم الرجال عيونكم فارغة ولا يمكن أن يحمي الواحد نفسه من تأثير النساء حوله))
وأفاض
((لو فعلت أنا ولم يفعل غيري، ما هو الحل؟ أو تظنين أن الزوجة عندما تستعيد شبابها ونضارتها ستعتقل نظرة الرجل في سجنها الخاص، صدقيني لو كانت الزوجة الأجمل والأصبا يبقى لهذا الرجل عينان كالرادار تلتقطان كل شاردة وواردة حوله ويتحسس ذبذبات كل امرأة على حدى، تلك تعجبه، وتلك تلهمه، وتلك تثيره لكن قلبه مخصص لامرأة واحدة تملكه وتتربع على عرشه آمره ناهية)) ضاق صدري وكدت أصرخ ملء فمه.. منافق، كذاب، خائن، تستبيح لنفسك متعة النظر وتحرم على ما حللته لنفسك لكني أحجمت لأني أعرف (حسين) شديد الغيرة سيصفعني أن تفوهت بهذا الخاطر، وسيصرخ بنعرة ذكورية ((أنا رجل!)) بيد أني أحسست بنيته في تسريب قلقي فقال:
((على الزوجة أن تتكيف مع طبيعة زوجها كرجل له تكوين مختلف عنها تماما، لم تتمادى الواحدة منكن في خيالاتها المريضة وتحسب رجلها ذئباً يصطاد النساء ما لذ له وطاب وكأننا في غابة لا تحكمها ضوابط شرعية أو موازين العفة وأن الرجال قد تحولوا إلى كائنات شهوانية تسير على غير هدى يبقى هناك الرجل المتعفف الذي صان نفسه من تلوث الأخلاق كما هناك الدوني الذي لا يتورع من انتهاك الأعراض والتلصص على محاسن النساء صدقيني لكل رجل ذائقة ومزاج مختلف عن الآخر فلم تحاولين حصر ذهنك بهذه الجزئية المرهقة لأعصابك لم تبحثين عن المنغصات وأنت في عش آمن تتنعمين بظل رجل محب لم تقتحمين خواطره بشكوكك المرضية ووساوسك الجهنمية أعرف أن لي صديق كانت زوجته تراقب تلفونه وتنبش بمسجاته وتبحث في أوراقه الخاصة حتى اكتشفت أن له زوجة في السر وحدثت الكارثة! اقنعي بحظك الوافر ولا تقلقي خاطرك بوسوسة شيطانية عابرة قد تتحول إلى شك مزمن يدمر حياتك ألا يكفيك محبتي أعتقد أن ذلك أرخى لبالك وأدعى إلى استقرارك)).
طأطأت بوجهي أرضا وأنا عاجزة عن محاججته وألقيت نفسي في بحر من الأفكار أحاول أن أمنطقها بشكل عقلاني بعيداً عن سراب الوهم إن اللاتي يتمادين في التشكيك بأنفسهن وبحظهن القليل من الجمال هن بالتأكيد لا يعشن السلام الداخلي الذي أدعي للتوافق النفسي والانسجام الذاتي مع معطيات المرحلة العمرية التي يعيشها الإنسان، فزوجي محق فيما يقول ولا أعتقد أنه يبرر لقد عشت معه وأنا معطرة بأريج حبه طوال مسيرتنا لم يلمز إلى إلى سمنتي أو يهمز إلى أي عيب في وجهي بل تكيف مع المتغيرات الجسمية التي لازمتني طوال سنين العشرة فأحبني كما أنا بمرحي ودلعي وخفة ظلي إن من تتهم الرجال بهذه الخاصية حتما تعاني في حياتها وتنظر إلى باقي الرجال بالمنظار الذي تشكل عبر معايشتها لهذا الزوج ونسجت لها التجربة المريرة قيما خاطئة تحاول أن تعممها على باقي الرجال، بل وتذعن في بث سمومها إلى كل زوجة هانئة مستقرة بعشها الرغيد وبدأت أفكر مليا بزوجي وأزواجهن وجدت أن حسين رجل مثقف مطلع يقرأ بنهم وعلى مستوى فكري رفيع لم أقارنه بسطحية الرجال الذين كبلوا رجولتهم بذكورة غرائزية، انه ذلك الصنف المميز الذي بحث جمالي عبر غريزة الاكتشاف اللذيذة فوجدني مع كل مرحلة أجمل وأروع، تغلغل إلى داخلي تاركاً تلك السطوح المعرضة للعطب والوهن والتكلس تحت ضغط الظروف وعوامل التعرية الطبيعية، وهكذا بقيت مع (حسين) في سجال جميل حتى استفرغ كل ما في رأسي من ندوب تشوه جمال إحساس، ولكن شياطين الأنس أشد فتكا من شياطين الجن بل وأقوى أثرا في استمالة امرأة بهذه الرقة والإحساس حينما كنا في جلسة (شاي الضحى) أو نادي العطلات كما يسميها زوجي ممازحا، تفاجئت ب((بدرية)) وقد بدت في سن أصغر وبنضارة خلابة، هجمنا عليها نكتسح وجهها نتفحصه خلية خلية، دفعتنا برقة مشيرة علينا أن نصمت:
((مهلا،مهلا، دعوني أسركم))
ونجاذبها بلهاث من صعقتنا المفاجأة
قالت:
((أتعرفون الدكتورة سماح؟))
هززنا رؤوسنا متلهفين إلى المزيد
أفاضت بفخر:
((حقنتني بأبر البوتكس)).
ثم أشارت إلى المساحات المتجددة الشباب حول العينين والشفتين والخطيين الجارحين في نهاية الخدين.
سألتها باشداه
((ألم ترقدي ليوم أو يومين ألا تحتاجي إلى عناية خاصة؟))
قاطعتني ساخرة
((يبدو أنك لازلت تعيشين في القرن الفائت، عزيزتي في عصر السرعة كل شئ يمكن استهلاكه في لحظات توفيرا للوقت! فالعملية استغرقت زمنا قصيرا جدا وما هي إلا ساعات محدودة لتخرجين إلى العالم (بنيولوك) ))
طافت عيناي بوجهها مبهورة فسألتها
((كم دفعت في هذه العملية؟))
باستخفاف ترد
((ليس بالكثير أمام النتيجة المبهرة مئات من الدنانير فقط))
ابتلعت ريقي وأنا لأفور انفعالاً وعاد صخب الصداع يمور داخلي مجدداً وسمعتها تقول للأخريات:
(( لم يعرف زوجي ما فعلت، ادعيت أني ذاهبة إلى الصالون لتنظيف البشرة وتقشيرها فانطلت عليه الحيلة، وجدته مستعذبا شكلي الجديد، هل تصدقين أن لسانه الجاف قد جرت عليه كلمات الحب والغزل فإذا به كثير الالتصاق والتودد لي لا يكف عن مداعبتي وملاطفتي)).
راقت لي الفكرة تماماً وفكرت أن أحذو حذو بدرية فأخذت عنوان الطبيبة وذهبت في طريقي إلى البنك لأسحب المئات الموعودة بالانتحار، ثم اتصلت لأستوثق أن هناك محلاً لي في هذا اليوم. وفي صباح مشرق ذهبت قلقة، خائفة، لا أدري لم أصابني هلع شديد وارتباك جعلني أتردد في متابعة المشوار خصوصاً وأني أقدم على مغامرة دون علم زوجي الذي يثق بي تماماً.
إذ قلت له سأذهب لعمل مساج وتنظيف البشرة. فجأة وجدت نفسي أجلس بوجه الطبيبة تتفحص بشرتي وتبدي ملاحظاتها القاسية.
لاحظت ارتباكي فابتسمت تطمئنني ((ما بك ترتعشين؟))
الأمر لا يستدعي كل هذا القلق، وخزات من الأبر هنا وهناك تعيد الثقة إلى نفسك، ولكن أرجوك أن تتماسكي وتسترخي كي تأخذ عضلات وجهك وضعها المريح.
تشنج جسدي كله، وتقلص وجهي كما لو كنت امرأة في حالة (الطلق) فالضغط النفسي وألم الوخز بددا شجاعتي غضبت الطبيبة وشاب نبرتها حدة ((استرخي،استرخي)) تملكني نوع من الرعب، ابتلعت الغصة وأغمضت عيني لأفتحها على وجه متورم محتقن، جلبت لي الممرضة كمادات ثلجية لتخفيف الورم وثبت إلى المرآة لأشاهد وجهي صرخت بخوف
((ما هذا؟ أبدو مشوهة!))
ضحكت الطبيبة قائلة:
((انه أثر الوخز، سيرتاح وجهك في غضون ساعات وتكتشفين جمال التجربة!))
صدقوني..
لم أكن سعيدة غمرني إحساس بالكآبة والضيق ثقلت ملامحي فبالكاد ابتسم أحسست ولربما حالة نفسية يغذيها العقل الباطن أن هناك مادة غريبة دخلت جسمي وتغلغلت في أنسجة وجهي حتى قوضت ذلك التمدد المريح والانسيابية في مرونة العضلات.وعلى مائدة الغداء حاولت إخفاء وجهي عن زوجي كمن ارتكبت خطيئة أو اجترحت إثماً، شابني خجل حاولت أن أتوارى بخصل شعري الطويلة وبعثرتها كي أخفف حدة المشهد ووجدتني أتخفى بذريعة تحضير الغداء كجلب حاجة أو غرض من المطبخ وأشاغله بشتى الأحاديث كي لا يلتفت إلى وجهي الجديد الذي ارتديته قبل ساعات!
وكعادته أخذ يفاكهني من أجل انتزاع ضحكتي المزدانة بغمازتين شهيتين
صرخ فجأة
((فطومة!))
ارتعشت في مكاني، يبدو أن شكلي الجديد قد استرعى انتباهه.
((نعم)) أجبته والدماء قد تجمدت في عروقي.
((أين الغمازتين؟))
غصت في مقعدي وكاد الجنون أن يعصف بكياني لهول ما سمعت اتخذت طريقي إلى المرآة وأنا أكاد أسقط لفرط الارتباك ابتسمت أمام المرآة عدة مرات وحركت فمي باتجاهات متباينة وبانفعالات مختلفة فعلا اكتشفت أن أجمل شئ في وجهي قد اختفى. تبعني حسين وهو يمعن النظر في وجهي مبحلقاً
((لقد فعلت شيئا في وجهك))
صمت ليتأملني جيدا ثم واصل
((صحيح أنك تبدين أصغر لكن لست أجمل من قبل))
باستياء سألته
((ماذا تقصد؟))
ركز نظره في ثم هتف
((أحس أن وجهك محنطا غابت عنه تلك المسحة الانفعالية الرائقة))
كان ينتقدني باهتمام وأنا ساهمة في المرآة أحدق بها محبطة قد نخرني اليأس والحزن فلم أنتبه إلا على أصابعه الباردة تلمس بعض البقع المنتفخة مشيرا باستغراق واستياء:
((هناك نوع من التورم!..))
هنا احمرار...
هنا انحراف في اتجاه الشفة!))
انفجرت باكية فحوطني بذراعيه وأجلسني على المقعد يسألني
((فطومة أجيبيني ماذا فعلت؟))
اعترفت له بالقصة كاملة دون أن أنقص منها حرف وكأني ألقي بأحمالي أرضاً لأستريح.
ردد وهو يضرب كفاً بأخرى
((مساكين أنتن النساء أقسم بالله أنكن مساكين))
كنت مطرقة أذرف الدموع
وواصل
((اغتالوا فيكن الأنوثة والحنان وتركوكن كالنعاج المسلوخة تتخبطن في دنيا الدعاية والإعلام ببلادة وغباء)).
صرخت وأنا أجفف دمعي
((كل النساء يفعلن ذلك ها هن الفنانات، المذيعات في الفضائيات لم تصبح العملية مستهجنة لنا؟!))
ربت على كتفي بحنان مستطرداً
((لأن هذا هو عملهن وشغلهن الشاغل، مضطرة أن تفعل ذلك وتجدد من صورتها لأن شكلها الخارجي رأس مالها الذي تستثمره لتعيش بل وتتمادى في خلاعتها لتستقطب المنتجين والمعلنين لتسويقها بضاعة تدر عليه الأموال والأرباح وإبراز مفاتنها بهذا الاقتحام الممجوج دعوة موجه للمخرجين ولأصحاب الثروة لأن هذه المفاتن مادة خصبة في الإعلان.. فالعملية تدخل في نطاق ((التسويق، التجارة)) لهذا فالواحدة منهن تجتر السنين اجترارا عبر عمليات الشد والشفط والا ضاعت دون مستقبل مضمون، إنها تتهالك من أجل أن تربو أرصدتها في البنوك وبمستوى لائق من المعيشة انظري فأغلبهن عازبات أو مطلقات حرمن أنفسهن من الزواج والإنجاب والاستقرار الأسري الفرق أن الواحدة منكن حينما تشيخ تجد حولها الزوج والأولاد والأحفاد والدفء الأسري، بينما هن ينطفئن ويأفل نجمهن حيث الوحدة والبرودة والضياع فبعد أن يذوي شباب النجمة يبحث المنتج عن بديلة ووجه جديد أجمل وأصبأ تقع بعد هذه الحياة الصاخبة ضحية المهدئات والمورفين وزبونة مدمنة على عيادة الطبيب النفسي فعمر المرأة الافتراضي ينتهي بمجرد انقطاع حيضها إذ يبدأ جمالها وعنفوانها يذوي لتنتقل المرأة إلى مرحلة جديدة أكثر عطاء وحياة فمهما حسنت من شكلها الخارجي يبقى هناك النضوب يحفر في تكوينها الداخلي عبر التغيرات الهرمونية التي لا تقاومها السنين ولا أعتقد أن هذا عيب تحاول المرأة مداراته أو نقصا تخجل من التحدث به بالعكس إنها تدخل مرحلة عمرية جديدة لها معطياتها الخاصة فهي تشيخ والرجل يشيخ فيتآلفان في ألفة حميمة لها طعم آخر ونكهة دافئة يجمعهما تاريخ مشترك وذكريات جميلة وتلك سنة الله في خلقه ومن يتحدى سنة الله فمصيره الإخفاق والفشل)).
بررت
((لكنكم الرجال تبحثون عن الأجمل والأصبا!))
قال:
((إنك كمن يحكم دون أن يسمع باقي الشهود والأدلة أو يستأنف خذي مثلا (الفياغرا) هي متاحة لجميع الرجال فهل يتعاطاها جميعهم من أجل استثارة رغبة أو ليتصابى رغم ذبول عنفوانه.. هناك عاطفة بين الزوجين أرقى من التوق الغريزي المجرد فالسكن النفسي، الاحتواء العاطفي، الانسجام الفكري، قيم لا يمكن أن نلغيها في ثنائية العلاقة هي التي تضفي على الزواج تلك الصبغة الدافئة المريحة فيظل كلاهما منجذب إلى الآخر بخاصية كيميائية لا يمكن فصمها، المشكلة في الإعلام أنه استطاع أن يستحوذ على عقول النساء ويغرس فيهن مفاهيم خاطئة ومشككة بالرجل كونه مخلوقا جائعا للجنس لا يشبع أو ندا للمرأة فتقف المرأة على المحك متذبذبة مضطربة تفتقد الأمان الزواجي والاستقرار العاطفي لأن النوايا في تصادم مستمر.
التفتت إليه متسائلة
((وماذا يحب الرجل إذاً؟))
قبلني على جبيني وواصل
((صدقيني كل رجل يحب الأنثى الفطرية، الشفافة، الصادقة المشاعر، المرهفة الأحاسيس، الحنونة المتفاعلة معه دوما تسمعه، تحترمه، تقدره، تشجعه، يكره الرجل المرأة المفتعلة التي تكذب في مشاعرها وتتصنع الولاء وهي أبعد ما تكون عن ذلك ويكفيه أن تتبرج بخصوصية له وتتعطر وتتأنق في خلوتها هناك روح تسكن كل جسد هي من تمثل الإشعاع الداخلي المتسرب إلى الحواس فيضيئها بنور أبدي لا ينطفئ هي الخالدة رغم الغضون والتجاعيد وقسوة الزمن هي السر الذي يعجز عنه مشرط جراح التجميل، إننا انقلبنا إلى تماثيل صماء منحوتة بأصابع نحاتين مهرة التماثيل تتشابه بأطوالها وألوانها تماما كمقاييس السلع العالمية التي تتبع مواصفات موحدة، في حين خلق الله الأشكال البشرية بألوان وأطوال وملامح وأنماط مختلفة، هذا التنوع يتماشى مع كل ذائقة ما يحدث في العصر الحالي عولمة الشكل الخارجي عبر ثقافة مقننة بثتها الفضائيات ليل نهار وتعمل على توجيه ذائقة الإنسان نحو نمطية واحدة وتعلمين من وراء الإعلام العالمي ومن هي الأصابع التي تحركه..يستحضرني المثل القائل
((لولا الأذواق لبارت السلع)).
فجأة وجدتني أسأله بخجل وأنا أعلق نظري على شفتيه بانتظار حكمه النهائي
((والآن ما رأيك بشكلي الجديد؟))
راح يمازحني ليخفف عنى وطأة الحزن
((بصراحة! بصراحة!))
قلت وقلبي يخفق بشدة
((هيا لقد أوقعت قلبي))
((بصراحة اختفت الخيوط الدقيقة، لكن اختلت انفعالاتك لم تعد بطراوة أمس، حينما كنت تضحكين تنفرج شفتيك وتتحفز الغمازتان لاقتحام قلبي بسهام جمالها الأخاذ، غاب عن محياك ذلك الرواء الطبيعي الذي يشف من خلف العروق)).
بحزن قلت
((لا تبالغ))
((نعم تبدين أصغر لكن ليس الأجمل في نفسي والأوقع أثراً في قلبي فما كنت أشاهد قبلاً جوقة ملامح تتحد في ألفة لتعزف لحناً متناغم الإحساس تارة يتصاعد في وتيرة صاخبة وتارة يخبو كهمس عذب وقلبي ينبض على وقع إيقاعاتك المتدفقة عاطفة وحنان)).
انكمشت وأنا صامتة قد ألقيت كل أعذاري مستسلمة إلى حقيقة لا تقبل الشك أو التضليل.
وتألمت في قرارة نفسي لأني لم أقدر عاطفة زوجي الرائع حق قدرها.
اعترتني كآبة لفترة طويلة غيبت موعد دورتي الشهرية ودخلت في دوامة الانقلابات الهرمونية والاضطرابات الشهرية وقلن لي ((حزب العاطلات)) إنها بداية اليأس والموعد القاتل مع الشيخوخة وصرت أتردد على طبيبة الأمراض النسائية سخرت مني:
((تعايشي مع الأمر يا فاطمة بكل أريحية لم أنت متوترة بهذا الشكل مازلت شابة قد طرء على حياتك عارض سبب لك صدمة نفسية حدثتها عن أبر البوتكس وما فعلته من تأثيرات سلبية على نفسي، فدورتي كانت منضبطة لاحظت اضطرابها هذا الشهر وقد أجريت فحص الحمل وكانت النتيجة بالسالب معنى هذا أن هناك خلل في جسدي)).
طمأنتني الطبيبة إني سليمة والحالة النفسية العارضة هي السبب ولهذا فأنا على انتظارها كي أستعيد هدوء بالي لأني خشيت أن تكون بداية مرهقة لطريق شائك صرت عصبية بشكل هستيري حتى لم تعد لي رغبة في زوجي أنتحل شتى الأعذار للهروب منه وباتت أقصى أمنياتي أن أعود كسابق عهدي ساكنة، وادعة، فقد نفذ صبر زوجي لفرط الصراخ والزعيق في بيتنا الصاخب.
داهمته ذات مساء بإهانة جارحة وأنا أرمي الفازة الثمينة بكل عصبية على أرض الغرفة فأكسرها.
((حظي العاثر أوقعني بك)).
وقف متسمرا في مكانه لا يطرف له جفن كأن مس من الجن حنطه فحدجني بنظرة مشتعلة بالغيظ ودون أن يرد بأدنى حرف هرب فارا تبعته وأنا أتعثر في خطوتي لألحق به((حسين، قف.تمهل)) ناديته لأعتذر عن حماقتي وأتأسف عن جرمي لكنه خرج وصفق الباب وراءه أيام خلت وأنا أهجس كالمجنونة أذرع الصالة ذهاباً وإياباً أنتظر عودته فليته يعود لأعتذر لأقبل يديه السخيتين اللتين أكرمتاني حباً وعطاءاً، بعثت له الكثير من المسجات كلها أشعار حب وكلمات غزل وعبارات اعتذار وأخيراً رجع لي متهلل الوجه هادئ القسمات، ملهوفا كم أحسست بغيابه بضياعي دونه فجمعتنا مائدة عشاء أعددتها بخاصية تتلاءم مع وقع الحدث الحافل بالمفاجآت.
قال لي جاداً
((ما رأيك بعملية تجميل خاصة؟))
استعلمته بهزة من رأسي.
قال:
((أن نخصص ساعتين للمشي على ساحل البحر قبل الغروب وأن نتبع نظام غذائي صحي فأنا بدأت أشعر بسمنتي في الأيام الأخيرة)).
ارتسمت البشاشة على وجهي وهمست بشوق
((كم أنت رائع حبيبي وكم أنا محظوظة بك)).
وفعلا بدأنا المشوار بعزم وإصرار حيث تمشينا هذا المساء وإذا بالطبيعة النضرة تحتضن خطونا بسحر مناخها العذب الهواء العليل ليتسلل إلى الرئتين فينعشها، استنشقت رطوبة البحر العبقة بملح الشاطئ وتكررت هذه التجربة مرارا ثم اتخذ طعامنا منحى جديدا إذ أدخلنا الخضروات والفواكه كحصص كبيرة في نظامنا الغذائي.
((هل تصدقون ما حدث لي؟!))
أولا انضبطت دورتي الشهرية وعادت سيرتها الأولى، خسرت من وزني حتى بانت تباشير الرشاقة في تقاطيع واضحة، بشرتي بدت أكثر نضارة وطراوة حتى أن الحمرة قد صبغت خدي بلون التفاح الأحمر والأهم من كل هذا علاقتي بزوجي قد التحمت عروتنا أكثر واتحدنا بحميمية أكبر.
قررت أخيراً أن أقدم استقالتي من نادي العطلات وأقاطع بعض النسوة ممن كان لسانهن حراب لقصف البيوت الآمنة، واستعضتها بهواية نافعة اشتريت كتب جديدة وبرمجت وقتي صباحا في القراءة والإشراف على شؤون البيت أثناء غياب زوجي في العمل وأولادي في المدرسة أحسست أني كنت فارغة، تافهة، الفراغ هو الوحش الذي يلتهم حياة المرأة فيتركها جدباء، خاوية سهلة الافتراق من قبل الإعلام المزيف وغيره كم أحسست بمتعة عظيمة وألفة سعيدة مع الكتب وأناقش زوجي مساءا بما قرأت في ذلك الصباح.
جاءني حسين ظهيرة هذا اليوم يتحدث عن عمله ونشاطاته ولقاءاته كعادته على الغداء ومن ضمن الأشياء قال لي
((انه سيتعشى خارج البيت الليلة لأن ضيفه (عبدالقادر) قد جاء في زيارة عمل)).
أتعرفون من هو عبدالقادر؟
هو زوج (نوال) المرأة الصاعقة التي هزت حياتي!
سألته: ((ألم تأتي معه نوال؟))
ابتسم سافراً
((لقد طلبت منه الطلاق بعد أن عرفت بزواجه السري من سكرتيرته))
حدقت به مبهورة
((معقول؟! من يستطيع أن يطلق امرأة بهذا الحسن والجمال؟!))
قال وهو يأخذ مني موثقاً أن لا أفشى هذا السر لأحد
((زوجته امرأة تافهة لاهم لها سوى النوادي وصالونات التجميل والتسوق والاستعراض، باردة العاطفة كان يشتكي لي إهمالها شحوبها الداخلي فتركت في كيانه فراغ كبير شغلته سكرتيرته الخاصة التي عرفت كيف ترمي شباكها بمهارة وأدركت النقص الذي يعانيه في حياته رغم أنها أقل جمالا من زوجته)).
سألت
((وهل هو سعيد مع الزوجة الجديدة؟))
((جداً))
ضحكت وأنا أحدث نفسي قائلة:
((إذاً لم تكن نوال سوى تمثال من الشمع ينضوي على روح خاوية ونفس باهتة))
ومضى حسين معقباً على كلامه:
((لقد كلفت زوجها آلاف الدولارات أنفقتها على عمليات الشفط والشد دون أن يكون جمالها دافع للتقرب من زوجها بل حالة استعراضية في المجتمعات المخملية)).
صدقوني
عادت البهجة إلي قلبي والثقة في نفسي واكتشفت صدق زوجي وحرارة عواطفه فقصة صديقه كانت الباعث المتحمس على تصريحاته الخطيرة وأفكاره البناءة!
همسة
((عين المحب عن كل عيب كليلة، فعندما يحب الرجل المرأة يتغاضى عن عيوبها)).







ÊæÞíÚ ; بِـنَـتَ الُـهِـوَآِشْـمْ

ãÚáæãÇÊ ÇáÚÖæ
بِـنَـتَ الُـهِـوَآِشْـمْ


بِـنَـتَ الُـهِـوَآِشْـمْ

عصفوري متالق
عصفوري متالق



ãÚáæãÇÊ ÅÖÇÝíÉ
تاريخ التسجيل تاريخ التسجيل : 20/03/2011

عَدَدَ الَمّشّآرّكآّتّ عَدَدَ الَمّشّآرّكآّتّ : 976

العمر العمر : 28

الجنس : انثى

البلد : البحرين

العمل : طالب

المزاج : تعبانه

منـــــ اجمل ما خط القلمـــــــ^^ 21356410


منـــــ اجمل ما خط القلمـــــــ^^ Vide




على شاطئ النسيــان
على شاطئ النسيان
ما أعذب ما سمعت من شيخ كنعان حينما قال:
إن فراق الحبيب يفعل بالمحب ما لا يُقال
وأحاديث يوم القيامة وأهوالها التي حدثنا بها واعظ القرية
ما هي إلا كناية عن أيام الهجر والفراق
ومما عساي أسأل عن الذي غادر وارتحل
وكل ما قاله لي بريد ((الصبا)) كان مبعثراً مضطرباً
فيا أسفاً لهذا القمر الغادر الذي يقطع أسباب الحب
ما أسهل ما قرّ قراره على هجر أحبابه وأصحابه
من غزليات ((حافظ الشيرازي))
في لمح البصر غاب، انقلابه المفاجئ شل ارادتي، ترك المائدة واستطرق باب المقهى ثم عاد ثانية، تذكر أن الدبلة مازالت تطوق أصبعه، رماها على الطاولة إذعاناً منه بالهجر المؤبد، غمد الخنجر في صدري
((انتهينا))
صوتي المصروع على مذبح الذكرى يستغيث
((عماد تمهّل))
الغيرة عصفت بعقله فانفرط اتزانه
اتهمني
((كاذبة))
لم أكذب إنما أداري، لو يفهم الرجل أن المرأة حينما تحبه تبتر ماضيها وتطويه استعداداً لبذرة وليدة لما أسرف في نبش الحماقات
كيف عرف إني على علاقة وانتهت؟
لا أدري..
فكل ما أفكر به الآن هو ترميم معبد الحب الذي انشرخ، لم أكن مضطرة إلى فتح جرح قد طواه النسيان فاستحضاره الآن يشوّه صفاء الحب ويخلق فينا تذبذباً يوقعنا في متاهات
أطلق الرصاصة واختفى
اغتال الحب المغروس فينا طوال المواسم والفصول، البذور النابتة في جوانحنا باتت تنتظر الحصاد لكن رياح الغيرة أتت عليها فذرتها قاعاً صفصفاً،ففي كل محطة كتبنا ميثاق محبتنا وغادرناها إلى نجوم هوانا ونقشنا على صفحات الغيوم أجمل فصول قصتنا ولا ندري ان الفراق خاتمة دربنا.
انتظرت عودته وحسبت أنها فورة غضب تمتصها الأيام ليرجع إلى رشده نادماً بيد أنه تمادى في غيّه وسدّ علي منافذ الصلح بقسوة وعناد، انتظرت وأنا أعظ على جرحي صبراً واحتسابا لعلي أظفر بومضة تهديني إلى عتمة قلبه المتحجر لكن رجائي هواءٌ في شبك، سراب أحلام، فالرجل الذي عقدت عليه أحلامي يُسرف في إيلامي ويذعن في تعذيبي فغدت بعد هذا الهجر كل أيامي سود ظلماء فقد غبّ نعيم حبه وغاض هناءه وعشت سجينة الهم والغمّ حتى سمعت خبر زواجه فاستعرت بي نار الغيرة ، الصاعقة التي عصفت بكياني فأردتني رماداً، شعرت بالمهانة فأنا محبوبة مهجورة يستبدلها المحب الغادر بأخرى ظلماً وجرماً، لم يسمع تبريراتي وذرائعي كي يصفح عني بل استجمع إرادته ليحطمني ويرحل، حاولت في غيابه أن أشرح له الموقف وما من جواب، فرسائلي المبعثرة في الهواء ومحاولاتي اليائسة في استجداء عطفه ذهبت أدراج الرياح، لم يتمهل حتى أشرح له تفاصيل الحكاية بل استمرئ جرحي المفتوح ونكأه بجريرة زواجه المفاجئ.
اشتملت على نفسي المهانة وأنا أكابد أقسى المشاعر، إنه يعرف رهافتي ويفهم أني منحته حباً صادقاً خصّه وحده، وهبته أعذب عاطفة وأنقى قلب، ما به الآن ألغى هذا التاريخ ورماه خلف ظهره، يوم كنًا عصفوري حب نغرّد في سماء كلية الهندسة، أمثولة في المحبة المزروعة في العظم وشجرة عواطفنا المتغلغلة في شرايين قلبينا سنين طويلة, كيف يجتث جذورها ويرحل؟
قصدته في دائرة عمله بعدما أعيتني سبل التواصل
بهت حينما رآني واقفه أمامه وجهاً بوجه،
أعرض عني لكني استوقفته بحدة
- لحظة من فضلك
تلفت محرجاً
- ماذا تريدين؟
- أريد الجواب الضائع في طيات الأيام والذي جرّعني الحسرة والغصص.
تجاهلني
- الموضوع انتهى وأنا الآن متزوج فلم تلاحقيني؟
استقبحت أسلوبه الفج
- ألاحقك؟ ألا تخجل من نفسك بعد هذه السنين ترميني على الرصيف كنكرة أو عار تشمئزّ منه، لقد كنت خطيبتك، حبيبتك، زوجتك الموعودة
- جئت لتحاسبينني؟!
- نعم أحاسبك وأدينك على فعلتك النكراء التي دلّت على انحطاط رجولتك.
والتهب الحوار واشتعلت نيران الغضب وكاد الانفجار أن يفضحنا فهمّ بالباب المفتوح ليقفله وهو يبرّر:
- حينما تدّعين أني أول رجل في حياتك ثم أكتشف صدفة أنك كنت على علاقة مشينة مع بآخر فماذا تتوقعين ردة فعلي.
- المفروض أن تترك لنفسك خط رجعة لحين تتضح الأمور المبهمة، كانت تجربة فاشلة وانقضت فلماذا تخوض في ماضٍ قد نسيته وألغيته من ذاكرتي.
- كذبت علي، لو أنك صارحتني منذ البداية لما اتخذت هذا الموقف.
نفذ صبري:
أنت رجل مريض ومعقّد هدمت علاقة جميلة وناجحة تأسست منذ سنين بمجرّد أن وصلك خبر مسّ وتر غيرتك..
أدار ظهره وصمت، أقبلت عليه أحدثه وأنا أغرقه في سهام الملامة والتقريع لكن عيناه النديتين أدهشتني
((مازلت تحبني، وكل شيء يفضح مكنونك ودموعك هذه خير دليل)).
انهار على المقعد وهو مطرق ومضيت أتحدث وأنا أدور حول نفسي كالنمرة الجريحة
- لقد دمرت كل شيء في لحظة انفعال، حتى زواجك السريع أجزم أنه عند وغضب لكني أقولها لك وبمنتهى الأسف أنك لم تعاندني بل عاندتّ نفسك ودمرت حلمك وظلمتنا نحن الثلاثة، حتى زوجتك المسكينة اتخذتها سكيناً تذبحني به , قاطعني معنفاً
- كفى، كفى.
حدجته غاضبة ((أرأيت كم أنت متأزم، لقد صح ظني فيك)).
طردني:
((اخرجي، ما عدت أطيق وجودك))
فاضت عيناي بالدموع فرقّ قلبه لي
- سامية أنا مثقل بالهموم فلا تنكأي جرحي، دعيني أعيش حياتي، اتركيني لعلي أتكيف مع حاضري فأنساك
اقتربت منه وأنا أنفجر
- إذا قررت أن تنساني فأنا لن أنساك أبداً لأن جذورك رابضة في منابتي، أعيشك وتعيشني، أتنفسك كأمنية وأشهقك كحلم، أنت أنّتي، جرحي، آهتي، حزني، إن فكرت أن تهرب مني فأنا لن أستطيع لأنك تجري كالدم في عروقي, لفظ زفراته فتصدعت جدران قلبي من حماوة جوفه
- سامية، هكذا اقتضت إرادة الله وما علينا إلا أن نخضع لواقعنا مهما كان تعيساً.
تماسكت في وقفتي المنهارة
- في النهاية أدعوا الله أن يوفقك, وصدقني جئت في هذا الوقت الحرج لأستوضح الحقيقة ولأقول لك إني سأتزوج عن قريب وأعتقد أني انتظرتك وقتاً كافيا وما كان قراري إلا بعد أن أعياني اليأس
- انفعل وتلبّد وجهه وكأنما عصفت به كارثة
- أبهذه السرعة؟!
- ليس بسرعة زواجك
- أطرق وهو يقمع الصرخة بداخله
((مبروك))
خرجت هائمة على وجهي أجرّ قديمين شلّتهما الخيبة والخذلان، أجترّ كلماته اليائسة وأستقرىء باطني الموحش، فمازلت أحبه ومازال يحبني، شعرت بالحيرة تترمض في عينيه المكدودتين، بالأمس حينما نفترق نشعر بنزعة الروح من الجسد.. بقلع الضرس من اللحم، الالتصاق التكويني, الالتحام العضوي، الانصهار في بعض يعبر عن حالة ذوبان دائم لا يقبل انفصال المكونين، كان دائماً يردد
((أنت الإناء الذي أنصبّ فيه لأستريح))
حينما غردت نهاراتنا في الكلية بأعذب حب ,المشاعر المغلفة لنشاطاتنا الطلابية، نلتقي بعد المحاضرة الأولى في كافتيريا الكلية لنتبادل وجهات النظر حول آراء الأساتذة في بعض المواد المدروسة ونعدّ برنامج اللجنة الثقافية التابعة لاتحاد الطلبة، حواراتنا تعني أحبك، خلافاتنا تعني أحبك، قفشاتنا تعني أحبك، ربما لا نلفظها قولاً لكنها الندى الذي يضفي على أعمالنا العذوبة، وفي المساء رنة المسج تزف لي أرق بشارة وبعدها أنام قريرة العين ((سامية.. أحبك))
شعرت أننا لبعض حتى وإن لم نتصارح شفاهاً فداخلنا رادارٌ يوجهنا اتجاه بعض، وحينما تخرّجنا صارحني برغبته في الزواج مني، لم أتفاجأ فراداري يطمئنني دوماً أنني له حتى ذلك الشاب الذي عرفته قبل عماد هجرته حينما عرفت أن قيمه لا ترقى إلى مستوى أحلامي ومن بعده التقيت (عماد) بلبل المواسم الثقافية الذي يغرّد فوق المنصّات بأرقى لغة وتناغمنا منذ اللقاء الأول.
استيقظ الآن على فراغ عريض, موحش، وحاضر بائس أصطلي به وأغلي كالمرجل.
في الماضي كنت أنام على شوق وأصحو على حب، كان بانتظاري وكنت بانتظاره، التراكمات الرائعة لصور محبتنا تجعل ذروة تلاقينا رهيفة, شفافة رائعة في تجلياتها المعنوية..
نهر حبنا الخالد الذي رفدنا من معينه الوفاء والإخلاص ألفظه الآن سمّاً زعافاً.. مع كل زفرة حارة من زفرات قلبي الجازع.
كم من الوقت تحتاج يا قلبي كي تنسى؟ الزفاف المنكوب ينتظرني لأهجر الماضي وأستقبل حاضراً مرّاً كالعلقم، وقد بادرت كخطوة أخيرة في ترميم معبد حبنا المحطّم وإنقاذ روحي المنتحرة في لجّة التعاسة الشقاء، أيام وأنا أستعد لزفافي كالمحقونة بمصل منوّم، كالآلة تدور دون مشاعر، هاتف يخرجني من كهف غائر فصلني عن العالم وصوت يلتقطني من هوة اليأس
- سامية مازال في الزمن بقية،.. انتظريني
- كيف؟ ولماذا؟ ومتى؟
تتدحرج الأسئلة الاستفهامية بلا وعي، فالشك المتغلغل في اللاوعي يؤكد لي أن الواقع غير آمن.
- امنحيني فرصة أخيرة.
- فات الأوان.
ويصرّ أن الواقع مؤكّد هذه المرّة
- ماذا ستفعل؟ ما هي الخطوة القادمة لأثق بك
- أتقدم لخطبتك في الحال إن ألغيت زواجك.
- وزوجتك؟!
- إنها ليس مجال حديثنا
- لماذا وكيف؟..
تستدرجني الأدوات الاستفهامية بالرغم مني
- لأنها ليست المشكلة.
- إذاً تريد أن تأخذ الكل دون أن تتنازل عن جزء ,آسفة.. آسفة جداً
أقفلت جهاز التلفون وأنا أكابد لوعة كالجمر وأرمي حطام الذكرى على شاطئ النسيان.






ÊæÞíÚ ; بِـنَـتَ الُـهِـوَآِشْـمْ
 

منـــــ اجمل ما خط القلمـــــــ^^

 مواضيع مماثلة

-
» اجمل نكة الموسم
» اجمل سيارات
» اجمل صور جورجي
»  اجمل صور سالي
» اجمل فتاة في العالم
صفحة 1 من اصل 1

alasfoory ÇáßáãÇÊ ÇáÏáÇáíÉ
ãäÊÏíÇÊ ÇáÚÕÝæÑíÑÇÈØ ÇáãæÖæÚ
alasfoory bbcode BBCode
alasfoory HTML HTML ßæÏ ÇáãæÖæÚ
صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات العصفوري :: » (ஜ♥ أَبَج ـــدِيَآت الْحَ ــــــرِف و الْكَـــلِــــمَة ♥ஜ) « :: كَآن يَآ مَكَآن فِي قَدِيْم الْزَّمَان ..-
©phpBB | الحصول على منتدى مجاني | منتدى مجاني للدعم و المساعدة | التبليغ عن محتوى مخالف | آخر المواضيع