6
الشهيد السيد قاسم شبر ( قدس سره ) ( 1308 هـ - 1399 هـ ) اسمه ونسبه : الشهيد السيّد قاسم شبّر ، وينتهي نسبه إلى الإمام زين العابدين ( عليه
السلام ) ، وقال البحَّاثة جعفر آل محبوبة : آل شبر أسرة عراقية قديمة في
الهجرة ، وكان مقرّها الأصلي في الحلّة الفيحاء ، ولم تزل بقيَّتهم بها
حتّى اليوم ، وبها عرفت ، ومنها تفرَّعت .
ولادته : ولد السيّد شبر عام 1308 هـ بمدينة النجف الأشرف .
وكالته : في الأربعين من عمره انتقل إلى مدينة النعمانية بوكالة من السيّد أبي
الحسن الموسوي الأصفهاني عام 1935 م ، ثمّ أصبح وكيلاً للسيّد محسن
الطباطبائي الحكيم بعد وفاة السيّد الأصفهاني .
أساتذته : نذكر منهم ما يلي : 1ـ السيّد محمود الحسيني الشاهرودي .
2ـ السيّد محمّد الحسني البغدادي .
3ـ الشيخ علي الإيرواني .
4ـ السيّد أبو الحسن الأصفهاني .
5ـ الشيخ محمّد حسين الغروي النائيني .
ولاؤه لأهل البيت ( عليهم السلام ) : كان السيد شديد التعلّق بأهل البيت ( عليهم السلام ) ، وبالذات الإمام
الحسين ( عليه السلام ) ، حيث كان يذهب كل ليلة جمعة إلى مدينة كربلاء
المقدّسة لزيارة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، حيث كان له مَحَبَّة
فريدة في قلبه ، كما وجد مع كفن الشهيد كيس كتب عليه : هذه المناديل تُنشر
على صدري وكتفي في القبر ، لأنّني جفَّفت بها الدموع التي جرت على الإمام
الحسين ( عليه السلام ) .
مؤلفاته : نذكر منها ما يلي : 1ـ المؤمنون في القرآن .
2ـ شرح نهج البلاغة .
3ـ تقريرات لبعض أساتذته في الفقه والأُصول .
مواقفه من الحُكَّام الظلمة وأعوانهم : عُرف السيّد أنّه منذ أن حطَّت رجله أرض النعمانية لم يسجِّل له التاريخ
أنّه خاف أو تراجع عن مُقارعة الظالمين ، فقد تسلَّح أبان المد الشيوعي
سنة ( 1959 م ) ، وحمل السلاح بوجههم ، وكان يجهر على المنبر بكفرهم ، كما
حارب البعثيين في أيّامهم ، حيث عملوا ما عملوا من جرائم وفساد ، حيث
دمّروا الحوزات العلمية بأفكار اِلتقاطية ، وتفضيل القومية على الدين ،
واتِّهام المؤمنين ، وزجِّهم في المعتقلات الرهيبة ، وإعدامهم ، وتشريدهم .
قصة اعتقاله : يوم الجمعة 15 / 6 / 1979 م ، أي بعد أربعة أشهر من انتصار الثورة
الإسلامية في إيران ، وبعد يوم واحد من آخر خطبة له ، وأثناء صلاتي المغرب
والعشاء ، جاء جمع من البعثيين ، وطُوِّقوا الجامع من كل جانب ، ثمّ تناول
أحدهم ميكروفون الجامع ، وأخذ يقرأ افتتاحية جريدة الثورة التي تهاجم
الثورة الإسلامية وقائدها ، وفي نهاية كلمتهم لم يتحمّل الشباب ما قيل من
كلمات ضِدَّ دين الله ، وفي بيت من بيوت الله ، فبدأ الشباب يهتفون بصيحات (
الله أكبر ) بوجوه هؤلاء الجبناء ، ممّا دعاهم أن يهربوا أمام شباب
الإسلام كالجرذان الخائفة .
وما أن خرج السيّد من المسجد قاد المظاهرة الكبرى ، التي تشكّلت من
جماهير الأمّة الإسلامية في مدينة النعمانية ، واستمرت المظاهرة إلى أن وصل
السيّد إلى بيته ، فتفرَّقت المظاهرة ، فطلب السيّد منهم الحِيطَة والحذر ،
وفي نفس تلك الليلة في الساعة الحادية عشر أعلن البعثيّون حالة إنذارٍ
قُصوى في المدينة ، وجاءت سرايا من الأمن والجيش الشعبي من مدينتي الكُوت
والحسينية وغيرهما ، ونصَبوا مَفَارِز تفتيش .
فسُدَّت جميع الطرق والأزقة المؤدّية إلى بيت السيّد ، وتصدَّى لهم
الشباب المؤمن ، وحصلة معركة غير متكافئة ، فالمجرمون بالرشاشات والبنادق ،
والمؤمنون بالسكاكين وقطع الحديد والخشب ، أمّا السيد فكانت بيده مطرقة
يدافع بها ، على الرغم من ضعفه البدني ، وكبر سنه ، فاستطاع السيّد وأنصاره
أن يطردوا البعثيِّين خارج الدار ، وغلَّقوا الأبواب ، وتحصَّنوا داخل
الدار .
وفي الساعة الثانية بعد منتصف الليل عاود المجرمون الكَرَّة ، ولكن
بطريقة ماكرة ، حيث استعانوا بأحد وجهاء البلدة ، ويُحتمَل أنّهم خدعوه ،
وطلبوا منه أن يذهب إلى السيّد ويقول له : إنّه لا عداوة لهم معه ، وإنّما
مجرد حديث وجلسة مع محافظ الكوت ، وبأنّه إن امتنع عن ذلك فإنّ الحكومة
ستهدم داره على من فيها ، فدخل هذا الشخص الوجيه في البيت كما يقول أحد
أصحابه ، وطلب من السيّد ما قالوا له .
فقال أحد الأشخاص المقرَّبين من السيّد : سيّدنا الكريم ، إنّ هؤلاء
لا عهد لهم ، وإنّهم غدرة فجرة ، وهذه مَكيدة أمْن ، ولكن هذا الشخص أخذ
يلحّ على السيّد ، وأن لا يأخذ بكلام الشباب والمراهقين ، ثمّ تهيَّأ
السيّد ، فكتب بعض الكلمات والوصايا سريعاً ، فقد كان متأكّداً من عدم
الرجوع ، فلبس عباءته ، وأمسك بعصاه ، وفتح الباب .
وبمجرد أن خرج السيّد من البيت دخل جلاوزة الأمن ، لا يدعون شيئاً
أمامهم إلاّ كسروه ، وأطلقوا النار عشوائياً ، وبعثروا مكتبته الكبيرة ،
ثمّ أُحرقت بعد ذلك ، وأخذوا السيّد وعشرين شخصاً من أصحابه ، وقد احمرَّت
ملابسهم بالدماء أثناء المواجهة ، وأخذوهم إلى مدينة الكوت للتحقيق ، وفي
اليوم الثاني من وصولهم إلى مدينة الكوت تمَّ نقلهم إلى مديرية الأمن في
العاصمة بغداد .
شهادته : استُشهد السيّد شبر ( قدس سره ) في السادس من شعبان 1399 هـ ، بأمر
الإعدام بالرصاص الذي أصدره الحاكم المجرم مسلم الجبوري ، هذا ولم يُعلم في
أيِّ مكان دفن لعدم تسليم جثّته .